• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : ما حكمة الإعراض عن الجاهلين؟! .

ما حكمة الإعراض عن الجاهلين؟!


تعليم الجاهل المتكبر من أكبر العذابات التي يواجهها الباحث؛ فالباحث لا يدري هل يعلِّم العلم أم الأخلاق؟!
الجاهل المتكبر عذاب معجل!
لا يقوى على الجاهل المتكبر ويصبر عليه إلا الأنبياء وخواص الشاكرين؛ لذلك نصيحتي؛ إذا صادفت جاهلاً متكبراً؛ أن تعرض عنه وتتعوذ منه حتى لا يفسدك.
الجاهل المتكبر هو العائل المستكبر نفسه؛ الذي ورد في الأحاديث أنه من أبغض الخلق إلى الله؛ لأنه يوقف مسير المعرفة ويعدي بمرضه القلوب والعقول.
يأتيك الجاهل المتكبر بعلومه الجاهلية ويظنها ديناً عظيماً؛ وتصبح أنت بين خيارين؛ إما أن تبقى معه عشرين سنة حتى يفهم ربع ما تريد؛ أو تعرض عنه.
لذلك نعتذر مسبقاً ونوضح أننا لسنا أنبياء؛ ولا نقوى على تحمل الجهلة المتكبرين؛ لذلك سنحظرهم ونرتاح؛ لا نجد في أنفسنا إيماناً كافياً لاستيعابهم.



القرآن يأمر بالإعراض عن الجاهلين؛ وهؤلاء الجاهلون هم المتكبرون منهم؛ وليس الجهل بالمعنى العامي؛ فلماذا؟
لأن هؤلاء الجاهلين مرض معدي مفسد للمعرفة؛ لأنهم خلاصة الشيطان وزبدته؛ ولأنهم يدورون على الشرك (بالمعنى القرآني = عبادة ما وجد عليه الآباء).
لماذا الإعراض عن الجاهلين؛ كما في هذه الآية؛ مع أن من واجبات النبوات تعليمهم؟
كيف تعلم الجاهل وأنت معرض عنه؟!
 خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ 199 [ألأعراف]
الجواب:
لأن هؤلاء الجاهلين المأمور قرآناً بالإعراض عنهم ليسوا من أصحاب الجهل البسيط؛ الذي يبحث صاحبه عن المعرفة؛ إنما هو ذلك الجهل المتكبر.
الجهل المتكبر اتركه يتبخر بنفسه؛ هذا هو الحل الشرعي الوحيد له؛ فالكبر يضاد التواضع؛ ولا يُنال العلم إلا بتواضع؛ هذه سنة الله؛ ألا يهدي متكبرا.
المتكبر الجاهل لابد ولابد أن يكون سببه الشرك؛ لذلك فالله أمر بالإعراض عن المشركين أيضاً؛ كما في هذه الآية
فكيف؟ 
اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ 106 [ألأنعام]
لماذا الأمر بالإعراض عن الاثنين؛ الجاهلين والمشركين؛ مع أن النبوة أتت لرفعهما؟!
لأن هذا الجهل بسبب هذا الشرك! وهذا الشرك بسبب هذا الجهل!
والجاهل المشرك ما معناه؟!
معناه أنه يأتيك بما يشرك به! يأتيك معانداً مجادلاً بما يشرك به؛ وهذا عين الكبر أيضاً؛ هو يتكبر بما يشرك به!
بمعنى أنك تأتيه بالقرآن فلا يراه شيئاً؛ ويرى أنه كبير جداً بما يشرك به؛ من أشخاص مزاحمين للأنبياء أو أفكار مزاحمة للقرآن؛فأعرض عنه..
هو الحل.
الجاهل المتكبر هو مشرك باطناً بأشخاص وعقائد؛ والذي يشرك في معاندة الحق هو متكبر ظاهراً؛ والاثنان جهل مركب مكعب مربع مستطيل معقد ملعون.
الخلاصة: أن هذا العائل (الفقير) المستكبر سيكون الحوار معه مضيعة للوقت؛ مفسدة للقلب؛ ملعنة جدل؛ فأرح منه نفسك والهدى والمعرفة والناس.
الجاهل المتكبر محروم من الهداية؛ لأنه محروم من السمع والبصر والعقل؛ من شر الدواب عند الله؛ لا يسمع؛ لا يبصر؛ لا يعقل:
 وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ 21 إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ 22 وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ ۖ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ 23 [ألأنفال]
لا يمكن أن يأمر الله بالإعراض عن أصحاب الجهل البسيط؛ لأن من مهمات النبي التعليم(ويعلمهم الكتاب والحكمة)؛ إنما الإعراض عن هؤلاء الدواب.
الجاهل البسيط متواضع متعلم يسمع ويبصر ويعقل المقدمات ويتعلم ترتيب النتائج.. الخ؛ أما الجاهل المستكبر المشرك - بما وجد عليه الآباء - فعاهة مستديمة.
عندما يقول الله (إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون) فلا تحسب أن المراد العامة البسطاء من الناس؛ كأمي وأمك وجدي وجدك؛ كلا ؛إنما هؤلاء الجهلة المستكبرون؛ قديماً وحديثاً؛ من المتعبدين بالكبر والجهل والعصبية والهوى وكل ذنب وجرم؛ هم محض البلاء ومنبعه وعيونه وآباره.


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1018
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 01 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28