• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : تعقيب الشيخ حسن المالكي على الشيخ عادل الكلباني؛ في موضوع الإجرام في القرآن. .

تعقيب الشيخ حسن المالكي على الشيخ عادل الكلباني؛ في موضوع الإجرام في القرآن.

نقدم لحضراتكم صيغة الحوار الذي جرى بين فضيلة الشيخ "حسن بن فرحان المالكي" وبين فضيلة الشيخ "عادل الكلباني" في اعقاب ما تم نشره على التويتر "موضوع { ما هو الصلاح في القرآن ! - الجزء الثالث- }.



لمطالعة ما هو الصلاح في القرآن ! - الجزء الثالث- هنا.


الشيخ عادل الكلباني:
لفظ الإجرام والمجرم والمجرمون في القرآن لا يطلق إلا على الكافر.

الشيخ حسن المالكي:
أهلاً بالشيخ عادل.
أخالفك الرأي؛ فالإجرام في القرآن صفة قد يقع فيها المسلم وغير المسلم؛ وسأذكر الأمثلة:
الآية الأولى وهي خطاب للذين آمنوا؛ ومعنى لا يجرمنكم شنآن قوم؛ أي لا يدفعكم للجريمة فتعتدوا:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللَّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ( 2) [ألمائدة]
فالاعتداء وهو ضد العدل جريمة؛ والاعتداء من فروع الظلم؛ وهو ضد الصلاح؛ ويقع فيه المسلم وغير المسلم.
وكذلك قوله تعالى:
(وَكَذلِكَ جَعَلنا في كُلِّ قَريَةٍ أَكابِرَ مُجرِميها لِيَمكُروا فيها وَما يَمكُرونَ إِلّا بِأَنفُسِهِم وَما يَشعُرونَ ﴿٢٣﴾ [ألأنعام]
فالمجرمون في كل قرية؛ مسلمون وغير مسلمين؛ ولا دليل على تخصيصها بالكفار.
وهذه نزلت في بعض المسلمين الذين غزوا مع رسول الله في غزوة تبوك؛ لم يغزُ معه كافر:
(لا تَعتَذِروا قَد كَفَرتُم بَعدَ إيمانِكُم إِن نَعفُ عَن طائِفَةٍ مِنكُم نُعَذِّب طائِفَةً بِأَنَّهُم كانوا مُجرِمينَ ﴿٦٦﴾ [ألتوبه]
نعم كفروا بعد إيمانهم؛ فإيمانهم ثابت قبل استهزائهم؛ وليسوا كفاراً قبل الاستهزاء؛ فالمسلم قد يجرم فيكفر بذلك والعكس.
وهذا التحذير الإلهي من الكذب عليه أو التكذيب بالحق؛ يقع من المسلم وغير المسلم؛ وما أكثره:
(فَمَن أَظلَمُ مِمَّنِ افتَرى عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أَو كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفلِحُ المُجرِمونَ ﴿١٧﴾ [يونس]
وهذا الحساب الإلهي للمجرمين؛ يشمل كل مجرم؛ سواء كان متسمياً بالإسلام أو غيره؛
وهذا واضح:
(وَوُضِعَ الكِتابُ فَتَرَى المُجرِمينَ مُشفِقينَ مِمّا فيهِ وَيَقولونَ يا وَيلَتَنا مالِ هـذَا الكِتابِ لا يُغادِرُ صَغيرَةً وَلا كَبيرَةً إِلّا أَحصاها وَوَجَدوا ما عَمِلوا حاضِرًا وَلا يَظلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴿٤٩﴾ [ألكهف]
والمجرمون هنا ضد المتقين؛ والتقوى مركزه كف الاعتداء ( وتعانوا على البر والتقوى ... الآية):
(يَومَ نَحشُرُ المُتَّقينَ إِلَى الرَّحمـنِ وَفدًا ﴿٨٥﴾ وَنَسوقُ المُجرِمينَ إِلى جَهَنَّمَ وِردًا ﴿٨٦﴾ [ألتوبة]
نعم المجرمون أيضاً ضد المسلمين؛ ولكن ليس بالمعنى الشامل لكل مسلم؛ وإنما بمستوى أعلى وهو كمال التسليم والانقياد.
ومن المجرمين هجرة القرآن كما يفهم من سياق الآيتين آخر الصفحة ٣٠؛ ٣١؛ والمسلمون واقعون فيه
(يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورًا ﴿٢٢﴾ [ألفرقان]
وهذه الآية تنقل حجة متبعي البشر ( وما أضلنا إلا المجرمون) وهذا عام في المسلمين وغيرهم:
(وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ ﴿٩٩﴾ [ألشعراء]
وهذه الآية عامة في مجرمي المسلمين ومجرمي غيرهم؛ فآثار الجميع فيها العبرة ولا تخصيص
(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ﴿٦٩﴾ [ألنمل]
بل هذه الآية ألصق بالمسلمين من غيرهم
فقد تذكّر الواحد منهم بعشرين آية فينسفها بحديث سمعه!
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ ﴿٢٢﴾ [ألسجدة]
وهذه الآية شاملة
وتذكر أنهم ( اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون)!
(وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ﴿٥٩﴾ [يس]
والمجرمون هنا كانوا يأتون الضعفاء عن اليمين؛ يعني ماذا؟
وكان الضعفاء يظنون أنهم مؤمنون!
(إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ﴿٣٤﴾ [الصافّات]
بل حتى هذه الآية قد تشمل مسلمين؛ لأن الكفر نوعان؛ كلي ونسبي؛ والآية تتناولهما
(وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ﴿٣١﴾ [ألجاثية]
بل الكافرون حقاً ليسوا أؤلئك الذين يكفرون بالكلية؛ بل هم الذين يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض مثل كثير منا.

اسمع الآية؛ انظر صفة الكافرين حقاً؛ هم من يؤمن ببعض ويكفر ببعض وليسوا كفار قريش!؛ هم المستخدمون للدين!
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّـهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّـهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ﴿١٥٠﴾ أُولَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا ﴿١٥١﴾ [ألنساء]

الخلاصة أخي د عادل؛ أنه ما ضر المسلمين مثل اطمئنانهم؛ بأنهم ليس فيهم مجرمون ولا ظلمة ولا مفسدون ولا مشركون.. الخ؛ بل فيهم الظالمون حقاً؛ والمجرمون حقاً؛ والمتكبرون حقاً؛ والمفسدون حقاً؛ والكاذبون حقاً؛ مثلما فيهم الكافرون حقاً!
بمعنى أن غير المسلم إذا ظلم أو أجرم أو سفك الدماء أو سرق فهو ينسبه إلى حزبه أوهواه؛ أما المسلمون فينسبون ذلك لله!

الشيخ عادل الكلباني: بل هي أدلة تثبت قولي لا تنقضه والله المستعان


رد لمتابع: السلام عليكم انا اتعلم منكم انا ارى مايراه الشيخ عادل اغلب الايات تتكلم عن الكافرين
رد الشيخ حسن المالكي: وما هو الكفر؟! هل تظنون أن الكفر هو عبادة الأصنام فقط؟! الكفر جحود بعد علم؛ سواء صدر من مسلم أو غيره؛ المنافقون مثلاً هل هم كفار أم مسلمون؟! الجواب: هم مسلمون وكفار معاً مسلمون في الظاهر كفار في الباطن؛ لذلك من ظن بأن كل كلمة ( كفار؛ وكافرون) في القرآن لا تشمل متسمين بالإسلام وإنما عبدة الأصنام فقد غلط؛ مشكلتنا أننا ورثنا تعريفات مذهبية أخرجت المسلمين من كل سوء؛ واطمأنوا؛ ويحسبون أن الإسلام كلمة لا عمل.
القضية واضحة جداً؛ ليس بين الله وبين المسلمين نسب ولا مجاملة؛ فمن ظلم أوتكبر أوقتل أوأجرم أوسرق أو أفسد الخ فالوعيد والإثم يلحقه مثله مثل غيره؛ لا يجوز أن نمن على الله بأننا اعترفنا به؛ فالله غني عن العالمين؛ وليس بحاجة لاعترافاتنا اللفظية؛ إنما يريد منا الثمرة؛ العمل؛ ولمصلحتنا نحن؛ وكما كررنا:
فالله أرسل الرسل لغاية أكبر؛ ليقوم الناس بالقسط؛ والغاية أكبر من الوسيلة؛ والجنة والنار (بما كنتم تعملون)؛ لا بما كنتم تعترفون!
احذروا من تطمين الشيطان لكم بأنكم مافيه مثلكم أبدا!ً لأنكم تعتقدون وتقولون وتتلفظون. الخ؛ ليس بأمانيكم ولا أماني غيركم:
(لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ۗ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123)  [ألنساء]
أنا أعرف أن بعض الآيات في المجرمين وردت في حق كفار منكرين للنبوة؛ لكن لماذا وصفهم بالإجرام؟
لقتل؛ لظلم؛ لسرقة.. الخ.
طيب.. وإذا ارتكبها مسلم ؟
الله ذم الكفار بأفعال وأعمال؛ كبر؛ ظلم؛ إفساد؛ تكذيب؛ كذب على الله.. الخ.
وإذا ارتكبها متسمٍ بالإسلام ألا يشمله وصف الظلم والإجرام؛ وله الإثم نفسه؟
اصلاً الكفر نفسه هو تكذيب وجحود بعد بلوغ حجة بينة؛ طيب:
هل إذا كذّب هو بالحق يكون مجرماً وإذا كذّب المسلم يكون له حصانة؟
ما أساس هذا التفريق؟
الكافر ليس مذموماً لشخصه؛ وإنما لنيته الفاسدة؛ لكبره؛ لشركه؛ لاستكباره.. الخ؛ فهل لو نطق الشهادتين ستحميه إذا بقي الفساد والنية وسوء العمل.. الخ.
لن يشحن القرآن المسلمين بالهدى ماداموا يجعلون ذمه لأشخاص وليس لأعمال! فيغترون.

اذكر:
(وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) [ألمعارج]
المعنى أن سخطها وإثمها وعقوبتها من الله سواء؛ بغض النظر عن مرتكبها؛ لكن المسلم إذا نسب الذنوب إلى الله يكون أبلغ إثماً؛ لأنه زاد ذنباً عظيماً فوق جريمته؛ وهو الكذب على الله.
عندك ابنان سارقان؛ أحدهما يقول : سرقت لأشبع رغبتي؛ والآخر يقول: سرقت لأني ابن فلان وقد أمرني بهذا؛ أيهما تسخط عليه أكثر؟
الثاني بلا شك. لأنه انتسب إليك وزعم كاذباً أنك تأمر بالسرقة؛ فعقوبته مضاعفة أضعافاً كثيرة
(وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ۗ قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28) [ألأعراف]
الشيخ عادل الكلباني: ما ذكرته لا يستقيم لك بارك الله فيك وأحرره بحول الله في مقال قريب لضيق مساحة الشرح.
الشيخ حسن المالكي: من حقك طبعاً واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية لكن لنحاول تجديد مفاهيمنا قرآنياً ما أمكن؛ ونتخلص من الآراء المسبقة

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1047
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 03 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29