• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : قراءة في سلفية فرعون! - الجزء الخامس. .

قراءة في سلفية فرعون! - الجزء الخامس.


فلا يجوز خلط الملوك العادلين كعمر بن عبد العزيز بمن انطبقت عليه معظم خصائص فرعون؛ فاعتبار كل حاكم للمسلمين فرعوناً غلط بين.
البعض يحب التعميم؛ وهؤلاء أصحاب سلطة غالباً؛ فهم يذمون كل حكام المسلمين ليقولوا للناس زوراً؛ نحن أهل العدل والأمانة.. الخ؛ كلا؛ المعلومة لله.
نحن هنا نريد العلم؛ والعلم لله؛ والشهادة لله؛ فالواجب الحث عن إجابة سؤال: من أقرب حكام المسلمين إلى فرعون في خصائصه وسبقه وجبروته ومكره.. الخ.



للعوده الى الاجزاء السابقه :

من هم السلف؟ (الجزء ألأوّل)"


  الجزء الثاني (ما معيار الصلاح في السلف ( الصالح)؟" هنا."

ما هو الصلاح في القرآن ! - الجزء الثالث- هنا.

معنى (السلف) في القرآن الكريم! - الجزء الرابع.!"



فرعون لك يجعل نفسه سلفاً؛ بل جعله الله مع قومه (سلفاً ومثلاً للآخرين)؛ ولكنه سلف مذموم؛ فليس كل السلف صالحاً بداهةً؛ وكما قلنا في استعراض لفظ (سلف) في القرآن أن منها آية واحدة فقط تتحدث عن الأشخاص؛ وهي الخاصة بفرعون؛ اقرأ إن شئت:

( وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ(54) فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55)فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِّلْآخِرِينَ(56) ۞ (ألزخرف)

لا يستطيع مسلم في هذه الدنيا أن يشكك في هذه الآية ولا أن يقول بعد إيمانه بها أن السلف كلهم صالح؛ والآية تبعث روحاً تجديدية بوجوب الفرز؛ إنما المشكلة الكبرى تكمن في معرفة أؤلئك (الآخرين) الذي ذكر الله نفسه أنه جعل فرعون وقومه سلفاً لهم؛ بل وجعلهم مثلاً لهم؛ فمن هم هؤلاء؟!
ولا يستطيع أحد أن يقول أنها في حق أمة قامت بعد فرعون من قومه يقتدون به؛ فقد انتهى رفع شعار فرعون في مصر بعده وكانت العاقبة لبني إسرائيل. ولا يجوز بالاعتباط أن نقول أن المراد بهؤلاء هم الدولة الفلانية أو الحاكم الفلاني؛ الاعتباط هنا - أي بالهوى والعصبية - هو جريمة في حق القرآن؛ وإنما بالعلم نعم؛ وأول العلم أن نصدق بهذه الآية؛ بأن الله جعل فرعون وقومه (سلفاً ومثلاً للآخرين)؛ كما قال الله؛ وأن القرآن كله علم وهدى؛ فلا يجوز إهمال هذه الآية و (تطنيشها) بحكم أنها آية واحدة فقط!
ثانياً: لنتذكر هنا أنه قال (للآخرين) وليس (لآخرين)؛ فما الفرق بينهما؟
ثالثاً: كيف نضمن أننا لسنا أؤلئك (الآخرين) الذي ذكرهم الله؟ وما السبيل إلى طمأنتنا أننا لسنا المقصودين؟! خاصة وأننا (آخر الأمم) فعلاً!
رابعاً: ما معنى المثل في الآية؟! وهل يعني العبرة أم المثال؟ وما الفرق بين العبرة والمثل؟ وما معنى (كذلك يضرب الله للناس أمثالهم)!
لا نستطيع الإجابة ولا الاطمئنان إلا بدراسة (سلفية فرعون)؛ ولماذا جعله الله سلفاً للآخرين؟ وما هي خصائص ثقافته وحكمه وظلمه وأمواله وسحرته؟ وكل هذا نبحثه في القرآن الكريم؛ ثم بعد استخراج خصائص فرعون؛ من علو في الأرض وإفساد وكبر واستضعاف للبعض وكيده وجرمه وأمواله وهامانه وقارونه؛ بعد استخراج هذه الخصائص النفسية والاجتماعية والمالية والسلوكية.. الخ لفرعون؛ وبعد إحكام الثقافة القرآنية؛ بعد هذا كله نفتح الحديث والتاريخ! فننظر في أحوال الحكام عبر التاريخ من بعد فرعون؛ بمن فيهم المسلمون؛ لنبحث عن أقرب الناس لخصائص فرعون؛ ومنها أنه أيضاً كان سلفاً لمن بعده! وهنا يجب العدل؛ فلا يجوز خلط الملوك العادلين كعمر بن عبد العزيز بمن انطبقت عليه معظم خصائص فرعون؛ فاعتبار كل حاكم للمسلمين فرعوناً غلط بين.
البعض يحب التعميم؛ وهؤلاء أصحاب سلطة غالباً؛ فهم يذمون كل حكام المسلمين ليقولوا للناس زوراً؛ نحن أهل العدل والأمانة.. الخ؛ كلا؛ المعلومة لله.
نحن هنا نريد العلم؛ والعلم لله؛ والشهادة لله؛ فالواجب الحث عن إجابة سؤال: من أقرب حكام المسلمين إلى فرعون في خصائصه وسبقه وجبروته ومكره.. الخ. ولا نستطيع معرفة هذا إلا عبر الحديث والتاريخ؛ فيتم بحث كل حديث يقول (فلان فرعون هذه الأمة) ويتم مطابقة خصائصه مع خصائص فرعون في القرآن؛ فإذا وجدنا أن الأحاديث ذكرت شخصين فقط؛ ذكرت في كل منهما أنه (فرعون هذه الأمة) فلنقارنهما مع سيرة فرعون وننظر؛ هذا من حيث تحقق المتن؛ ثم ننظر في الإسناد - بعد النظر في المتن - فننظر أي الحديثين أقرب للصحة وأكثر إسانيد وأوثق رجالاً بالحكم المعرفي العلمي وليس الحكم المذهبي؛ ثم ننظر من منهما كان له سلطان وحكم ووزراء وسحرة وأموال السلطنة.. الخ؛ ومن منهما كان صاحب تفريق بين الشعب واستضعاف لفئة وتم اتخاذه سلفاً.. الخ؛ فإذا وجدنا أن أحدهما قتل يوم بدر ولم تكن له دولة ولا وزراء ولا شعب يفرق بين فئاته ولم يتخذه أحد سلفاً والسند فيه منقطع فلماذا يكون فرعون؟
وإذا وجدنا أن الآخر فيه كل هذه الخصائص وأكثر وأثره في الأمة على جميع المستويات والحديث فيه أصح وأكثر طرقاً فلماذا نحميه ولماذا لا نحذر؟
بالطبع الحديث ظني في الرجلين سواء من قتل منهما يوم بدر أو من تأخر ولسنا من المتحمسين للاستشهاد بما هب ودب من الحديث؛ ولنا موقف معروف؛ لكننا في الوقت نفسه الذي نتشدد فيه في قبول الحديث - بما هو أشد من شرط الشيخين - إلا أننا في الوقت نفسه نقبل الحديث الذي له حاضنة قرآنية.
الحاضنة القرآنية ضرورية في قبول أي حديث ولو ضعف إسناده؛ فكيف مع قوة الإسناد؟ وتعدد الطرق؟ وتوفر الدواعي على كتمانه؟ ثم وصل رغم الظروف كلها؟!
الأحاديث الظنية - كحديث (فرعون هذه الأمة) - أمرها واسع؛ لا يتهم من ردها بإنكار السنة؛ ولا من قبلها بوضع الحديث؛ هنا الإجتهاد؛ وكلٌ حسب قناعته؛ أما الأحاديث التي يصح إسنادها مذهبياً وتخالف القرآن أو التي ضعف إسنادها وليس لها حاضنة قرآنية فردها ألصق بالدين والعقل؛ وما قلّ فيه كفاية.

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1049
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 03 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29