• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : غاية الصيام التقوى! .

غاية الصيام التقوى!



غاية الصيام التقوى!


إصلاح ذات البين ليس سهلاً؛ هو فرضية صعبة على النفس؛ يحتاج إلى سعة صدر؛ وعلم وتقوى وصبر؛ وقفز على الجراح؛
عما قريب تموت ويموت؛ فتخففوا للرحيل؛ ما من فرد أو عائلة إلا ولها خصوماتها؛ واغلب الخصومة مبني على التظالم والأوهام؛ وهذا له علاقة بالثقافة.

آيات رمضان غايته التقوى؛ ووسيلته الصبر؛ وثمرته الشعور بهموم الفقراء ومواساتهم؛  ولا أعلم فقراً كفقر أهل اليمن:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ( سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) [سورة البقرة]
في رمضان تعهد الأقرب فالأقرب؛ فالأقربون أولى بالمعروف.
في الصلة والمسامحة وتجديد العهد به وتفقد الأحوال في الأقربين أكثر من أمر؛ وأكثر من أجر؛ كلما كان التصالح أصعب كلما كان أجرك في المحاولة أعظم.
لا تنتقي يسير العبادات؛ تعبد بالصبر؛ وادفع بالتي هي أحسن؛ واصبر واغفر؛ ذلك من عزم الأمور.
من وصل الأبعد ليسر وصله؛ وحرم الأقرب لخصومة أو غضب؛ لم يعرف معنى التعبد في المنشط والمكره؛ أحب العبادة إلى الله ما قهرتٓ به نفسك!
ارضاء لله
شهر رمضان هو شهرالهدى والفرقان؛ فرصة للهدى؛ فرصة الفرقان بين المشتبهات؛ ومن تكبر في مناسبات الهدى؛ لم يوفق في غيرها؛ فاغتنم الفرصة؛ وجدد نفسك.
كثير من الخلافات العائلية المزمنة تصمد ولا تستفيد من رمضان؛ إذا سامحت فثق أن مسامحة الله لك أعظم؛ وحاجتك لمسامحته أشد من حاجة من ظلمك لمسامحتك؛ شهر رمضان ليس لله فيه حاجة؛ إنما شرعه لحاجتك أنت إليه؛ فاعرف غايته واعمل لها؛ كل شعائر الدين شرعها لك لا له
(۞ شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ (13) [سورة الشورى]
إذا انتهى شهر رمضان وقد تصالحت مع أشد خصومك؛ وخاصة من الأقربين؛ فأنت الفائز..
ماذا ستقول لله إن كان مظلوماً؟
وماذا تفعل بعذابه إن كان ظالماً؟
إصلاح ذات البين ليس سهلاً؛ هو فرضية صعبة على النفس؛ يحتاج إلى سعة صدر؛ وعلم وتقوى وصبر؛ وقفز على الجراح؛
عما قريب تموت ويموت؛ فتخففوا للرحيل؛ ما من فرد أو عائلة إلا ولها خصوماتها؛ واغلب الخصومة مبني على التظالم والأوهام؛ وهذا له علاقة بالثقافة؛ فالشخص؛ عادة؛ يضخم حقه ويهون من حق الآخر؛ معظم الخصومات لا تذهب للمحاكم؛ وإنما تبقى - رغم تفاهة معظمها - حزازات في النفوس؛ وقد تتوارثها الأجيال وتحرم من تطوير الذات؛ لماذا كل هذا؟
ثم عندما تسامح خصمك فإنما تسامحه في حقك أنت؛ أما حقوق الله فتبقى لله.
اعني؛ قد يبقى عليه الكبر وأيمان كاذبة وسخرية منك؛ سيبقى عليه أثقال كثيرة؛ القلب الرحيم يستحق الرحمة؛ ومخلوق لها؛ والقلب القاسي يستحق القسوة؛ ومخلوق لها؛ إذهب إلى ما يشبهك وتحب أن تجده؛ ودع من شاء ليذهب إلى ما يشبهه؛ لن تترك شيئاً لله إلا عوضك الله خيراً منه؛ ولن تمسك حقاً لخصمك إلا أمسك الله عليك خيراً منه؛ وهو كذلك؛ أنت من تختار لنفسك:
الكرم؛ أو الإمساك!
هل تريد لخصمك العذاب بسبب ظلمه لك؟؟
طيب؛ تخيل ذلك! تخيل أنه يرمى في النار أمامك! سترحمه مع أول دقيقتين! سامح من الآن.
الإنسان ضعيف.
استعدوا لرمضان بالتشبع بالإنسانية؛ فهي من أبلغ ما نفتقده؛ توحش الناس نتيجة ثقافات خاطئة؛ اغرى بينهم الشيطان العداوة والبغضاء؛ هونوا الأمر يهون.
قبل أيام علمت بوفاة أول من تخاصمت معه عبر الصحافة؛ وكان سبباً في فصلي من الجامعة سنة كاملة؛ وهو د.عبد الحليم عويس.
اللهم اغفر له وارحمه وسامحه؛ أنا أتذكر غضبي عليه؛ وكنت في ظروف صعبة؛ وانحرمت من التخرج ذلك العام؛ ومتزوج وعندي طفل؛ وقلت يومها لن أسامحه.
اللهم سامحه فيما علمت وفيما لم أعلم.
من الضروري أن تكون هناك جهات رسمية؛ أو أهلية؛ تهتم بإصلاح ذات البين؛ وتكون على ثقافة قرآنية؛ فالقرآن سلام للحال ودواء للقلوب.
في الخلافات العائلية؛ والزوجية؛ وحالات الطلاق خاصة؛ تحضر الشياطين كلها! صغيرها وكبيرها؛ لا تجد الشياطين ولائم أدسم من هذه الولائم! أما الحروب  والفتن فهي خاصة للشياطين الكبيرة؛ تعزل صغارها وتوظف كبارها؛ فالفتن والحروب تحتاج تخطيطات شيطانية متقنة؛ لا يجيدها إلا كبارها؛ أما الخلافات العائلية؛ والزوجية؛ فهي حقول تجارب؛ يتم فيه تدريب الشياطين الصغار؛ فالأحقاد فيها هي الأصل لا الدماء؛ الشياطين الكبيرة تحضر للفرجة!
أيلغ مافي الخلافات العائلية - وخاصة الزوجية التي ينتج عنها طلاق - هو حرمان الابناء من أمهم أو أبيهم؛ هناك قصص يدمى لها الفؤاد؛ يجب تحييد الأطفال؛ شهر رمضان فرصة لإصلاح ما يمكن إصلاحه؛ وعلى الأقربين واجب المبادرة في هذه الأمور؛ لا تقفوا متفرجين؛ كونوا في قلوب الأطفال؛ يستاهلون منكم التعب.
كلامنا عن التسامح والتصالح بمناسبة رمضان؛ إنما نقصد به معظم ما يقع بين الأهل والأقربين والأرحام.. أما قضايا الجرائم الكبرى فليست مطروحة الآن. الجرائم الكبرى حلها عند الله؛ وخاصة تلك الجرائم التي يبقى أثرها في الناس؛ كفتاوى استباحة دماء الأبرياء؛ فهذه لو سامحتَ، فهناك ملايين المتضررين؛ وهذا معنى الحديث (من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة) ؛ فهؤلاء حسابهم عسير جداً؛ ولا ينتهي عدد المتضررين بسببهم.
كبار المجرمين الذين يؤسسون لسنن سيئة - سياسية أو فقهية أو عقائدية - في النزاع والتخاصم والتقاتل؛ هؤلاء لا نقصدهم بموضوع التسامح؛ غفرانك لا يؤثر؛ نريد التسامح الذي على قدنا؛ خصومة زميلين؛ قريبين؛ زوجين؛ وهذه هي معظم ما يهلك به الناس؛ تلك الخصومات الفردية الحاملة للآثام والضارة بالمتخاصمين.
أتخيل أحياناً كم عدد الضحايا الذين تسبب فيها فلان أو فلان؛ كم من الآلام والآثام؛ كم من القتلى والأيام؛ كم وكم وكم؟!
هؤلاء حسابهم مختلف.
اللهم جنبنا المظالم الكبرى من أن نسهم فيها أو نقرها أو نفرح بها أو نشرعنها؛ وطهرنا من المظالم الصغرى التي لا يخلو منها بيت ولا حي.

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1164
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 06 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28