• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : الإسلام في عمان قائم على رجليه .

الإسلام في عمان قائم على رجليه


                عُمان الازد والأسطول والفراهيدي!
                الإسلام في عمان قائم على رجليه


أهل عمان لا يعولون على التسميات المذهبية، ولا يحبون أن يتسمون بها أصلاً، ولكنهم يقبلون التسمي بالإباضية قبولاً ضعيفاً، تجنباً للجدل؛ ولفت نظري أنهم لا يعقبون على ما تقول أنت، حتى لو أنك تطلب منهم ذلك، مادام الموضوع عندهم مما يسوغ الخلاف فيه، وهذا من الحكمة والعقل!



المقاله منذ عام 2013

عُمان الازد والأسطول والفراهيدي؛ بعد قليل ستحلق بنا الطائرة لسلطنة عمان في زيارة علمية ومعرفية وتعرفية؛ ولعمان قصة كبيرة؛ ارضاً وتاريخاً؛ وقد سبق لي أن تشرفت بالتعرف على بعض طلبة العلم فيها؛ وعلمت عن تواضع أهلها وكرم أخلاقهم؛ ما شوقني لزيارتهم والتعرف عليهم عن قرب؛ وقد قلت للأخ أحمد (منسق المفتي الخليلي) أنني زائر كطالب علم؛ لا أرغب في القاء محاضرات ولا كلمات ولا غير ذلك؛ سنسمع ونسأل ونشاهد فقط.
ولعمان وأهلها نكهة خاصة؛؛ ولعمان فضل كبير في العلوم العربية خاصة؛ فأشهر علماء اللغة عمانيون؛ كالخليل وابن دريد؛ كما أن لعمان الفضل؛ في التاريخ الحديث؛ لتصدي الاسطول العماني لاسطول البرتغاليين؛ وكان يجوب البحار من الساحل الافريقي الشرقي الى اندونيسيا.
هناك الكثير مما يمكن قوله عن عمان التاريخ وعمان الارض وعمان المعرفة وعمان الأصالة وعمان الإبل واللبان والسفن والمحيطات؛ فإلى فرصة أخرى.
خواطر من عمان: عمان وأهل عمان نموذج للتسامح المذهبي، بل أرى أنه يتحقق فيهم الإسلام النظري إلى حد كبير، الإسلام في عمان قائم على رجليه؛ هم لا ينكسون الإسلام على رأسه، يوظفون المشتركات ويؤكدون عليها، ثم بعد ذلك خالفهم كما شئت، سيبقى لك الحب والإحترام ، هذا أمر غريب اليوم.
معظم اهتماماتهم العلمية - بعد تأكيدهم على المشتركات وتطبيقها واقعاً - هو تنزيه الله مما يلصقه به المجسمة والمشبهة؛ ولهم في ذلك أعمال جمة.
أهل عمان لا يعولون على التسميات المذهبية، ولا يحبون أن يتسمون بها أصلاً، ولكنهم يقبلون التسمي بالإباضية قبولاً ضعيفاً، تجنباً للجدل؛ ولفت نظري أنهم لا يعقبون على ما تقول أنت، حتى لو أنك تطلب منهم ذلك، مادام الموضوع عندهم مما يسوغ الخلاف فيه، وهذا من الحكمة والعقل؛ ذكرت فضائل كبيرة للإمام علي ولأهل البيت - وخصومهم يشهرون عنهم الضد - فرأيتهم يسمعون ولا يعقبون، وقد يناقش بعضهم على انفراد؛ ويبقى الحب. ومناقشتهم هي في تفاصيل تاريخية فقط، ويرون أن التاريخ يبقى تاريخاً، لا يوجب معاداة ولا يفسد قضية من قضاء الإخاء، هذا الخلق نادر اليوم.
كما قلت، فالإسلام في عمان قائم على قدميه، بعد أن نكسه الغلاة على رأسه قروناً طويلة في معظم بلدان العالم الإسلامي، لكنه هنا واقف. لقد طلبت من الشيخ الخليلي ومن الشيخ الصوافي التعقيب على كثير من إجاباتي للحاضرين، والتي أعرف أن لهما رؤية وربما مخالفة في بعضها، فرفضا؛ فشيوخ عمان يتركون مساحة من الخلاف في التفاصيل. نعم؛ هم يحاربون التكفير والتجسيم واستحلال دماء المسلمين... وأما ما سوى ذلك فتسامحهم واقع.
الخوف على هذا التسامح أن يتقلص في ظل وجود هذه القنوات السفيهة التحريضية التي تفكك المدن والأحياء والأسر، فضلاً عن الدول والمسلمين. وهذا الخوف؛ على هذا التسامح؛ يستوجب أمران ( أصل وفرع):
الأول: التأكيد على المشتركات والقواطع.
الثاني: التنبيه على ما يخلخل هذه المشتركات.
فاستحلال دم الأبرياء – مثلاً – أصل؛ فليتم التأصيل لهذا بتوسع؛ مع التنبيه على الفتاوى المخلة بهذا الأصل؛ والتوسع في نقدها - وهذا هو الفرع - والحكم بإسلام المسلم أصل... فليتم التوسع فيه؛ وأنه يكتفى فيه؛ بقول الفرد أنا مسلم؛ ونيته على الله.. ثم يتم الرد على فتاوى التكفير – فرع .
بهذا التاكيد على المشتركات والمنطلقات (الأصول)؛ مع نقد ما يخل بها (فرع)؛ يمكن لهذين العاملين أن يبقيا التسامح العماني فاعلاً ومؤثراً.
هذا النفسية العمانية نحتاج لتعميمها على العالم العربي والإسلامي، حتى نتوقف ولو يوماً واحداً عن سفك الدماء ونشر الكراهية واكتساب الآثام؛ ونحن مسؤولون عن إبقاء هذه النفسية العمانية المتسامحة التي تمسك الإسلام من أعلاه، فهي مسؤليتنا جميعاً، وانقراضها خسارة كبيرة لا تعوض.
نعم؛ في المسلمين الآخرين بقايا أخيار، ولا أعمم التشاؤم، لكن من يرى ما يجري في العالم الإسلامي؛ من التكفير والقتل ونشر الكراهية؛ سيعذرني؛ المسلمون الآخرون (سنة وشيعة وغيرهم) بقي فيهم الكثير من يمسك الإسلام من أعلاه، لكن الغلاة والمحرضون لهم ضحايا كثير أيضاً، وهم يزحفون؛ نريد نحن في العالم الإسلامي أن نبقى؛ ولو شهراً واحداً؛ كالأوروبيين؛ مثلاً؛ بلا قتل لبريء ولا تفجير مسجد أو سوق خضار ... فهل نستطيع؟؟
فمطالبي ليست تعجيزية... هي بدهية؛ فقط نتقي الله في الأنفس؛ فلا نأتي يوم القيامة وفي أعناقنا مئات أو آلاف القتلى، هذا فقط,, فهل هو صعب؟!
الأخوة في عمان مؤهلون - إذا تم تحكيمهم - لوأد الفتنة الشيعية السنية في الشرق، ووأد الفتنة السلفية الصوفية في دول شمال أفريقيا، فلنحكمهم. لقد سمعت من المفتي الخليلي؛ ومن طلبة العلم بجواره؛ ما يؤهلهم للصلح بين المسلمين، بالتأكيد على المشتركات والتسامح في الاختلافات.
القتل عند الله عظيم، قتل البريء أياً كان، ولكنه عند قنوات الفتنة وشيوخ التضليل أمتع من شرب الماء البارد في صحراء ظفار! والعقلاء ساكتون؛ وأكثر البلاد التي تحتاج لوساطة علمية عمانية (سوريا/ أفغانستان/ باكستان/ ليبيا/ مالي/ ... أيها العقلاء؛ إن الله ساءلكم عن كلمة حق. إن الذي لا ينكر؛ ولو بقلبه؛ جريمة السفك اليومي لهذه الدماء، سيندم يوم (لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم)، فتعاهد قلبك. تعاهد قلبك وأنت في الدنيا / فلن يفيدك يوم القيامة الفتاوى التحريضية ولا القنوات السفيهة، فنصوص الله واضحة، وتحريضهم واضح، وأنت حر.


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1177
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 06 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20