• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : مناهج منسية عند أهل الحديث! - الجزء الأوّل .

مناهج منسية عند أهل الحديث! - الجزء الأوّل



                    مناهج منسية عند أهل الحديث!

                                  الجزء الأوّل



لمطالعة " سلسلة علم الحديث " على هذا اللرابط «««


اشتد الصراع بين الثقافة القرآنية والثقافة الحديثية في عصرنا؛ وأصبح القرآنيون وأهل الحديث على طرفي نقيض؛ فلماذا؟
من أهم الأسباب:

١- إهمال أهل الحديث لمناهج علمية فوق منهجهم (مصطلح الحديث وعلوم الجرح والتعديل والرجال)؛ وأولى منه.
فما هي تلك المناهج؟
أهل الحديث أهملوا الثقافة القرآنية وأثر السياسة والمذهب والذاتية على تقييم ثقافة الحديث ورجال الحديث؛ فكانت النتيجة ما نراه اليوم من صراع.
سأبسط الموضوع ونسأل:
س ١كيف يعرف أهل الحديث أن هذا الرجل ثقة وذاك ضعيف وذاك الثالث كذاب الخ؟
الجواب: بالعودة لأقوال أهل الجرح والتعديل.
س٢ : وكيف نعرف أن ذلك المحدث قد أصاب في قوله (فلان ثقة؛ أو فلان ضعيف)؟!
ج٢ يتوقف أهل الحديث هنا عن الجواب العلمي؛ ويبقون في الدعاية فقط.
اعني؛ يقولون بأن أهل الحديث هم أهل الثقة والأمانة والعبادة وتقوى الله؛ فلا يتطرق إليهم الشك إذا حكموا على فلان أو فلان الخ.
وهذا جواب ضعيف؛ وضعف الجواب السابق يتبين من خلال أمور:
الأول: أن أهل الحديث اختلفوا في كثير من الرجال؛ فمنهم من يوثق شخصاً ومنهم من يضعفه.
ثانياً: هذا الاختلاف في التوثيق أو التضعيف في عدد كبير من الرواة يؤكد بأن الحكم على الراوي حكم ثقافي - أي وفق ثقافة الشخص - وليس علمياً؛ فالعلم لا يتناقض؛ العلم علم؛ يوصل أصحابه لنتيجة واحدة؛ إما ضعيف أو ثقة؛ أو وسط الخ؛ ولكن الحكم تابع لثقافة من يحكم به؛ فلذلك تختلف النتائج.
أيضاً؛ فهذه الدعاية لأهل الحديث؛ بأنهم يطعنون لله ويوثقون لله؛ وأنه لا أثر فيهم لسياسة ولا مذهب ولا خصومة الخ؛ دعاية انشائية غير علمية؛ وأهل الحديث يعترفون بالأثر الشخصي والمذهبي والسياسي والاجتماعي والثقافي إذا تعرضوا لحرج؛ كتضعيف الذهلي وابي زرعة وأبي حاتم للبخاري مثلاً؛ فهنا يضطرون أن يقولوا بأن البخاري حسده الذهلي وأصحابه؛ أو أنهم ضعفوه للمذهب - اختلافهم معه في مسألة اللفظ- وهكذا. والسؤال؛ لماذا هو فقط؟
بمعنى؛ لماذا الذهلي وأصحابه ضعفوا البخاري تضعيف شخصي (حسد) أو تضعيف مذهبي (مسألة اللفظ) بينما هم مع غيره مبرءون من الأثر المذهبي والشخصي؟ ثم العلمية والموضوعية سيرجحان أن يكون الدافع الشخصي والمذهبي في تضعيف أبي حنيفة من قبل أهل الحديث أكثر فاعلية منه في تضعيف الذهلي للبخاري؛ ثم تضعيف شخصيات الفرق المخالفة – بالتالي - أحاديثهم سيكون الدافع المذهبي الثقافي - لا العلمي - أكثر حضوراً وفاعلية.
اذاً؛ فالانتباه لهذه العوامل الشخصية والمذهبية من واجب رجل الجرح والتعديل؛ إلا أنهم؛ للأسف؛ يهملون مراقبة هذه العوامل وأثرها في الحكم.
سنكمل الموضوع في وقت لاحق؛ ونبين أن أهل الحديث - في الغالب الأعم - يحكمون بناء على عوامل المذهب والثقافة السائدة  وليس وفق معايير علمية؛ مثل اليوم تماماً؛ فهم يقولون عن خصمهم كذاب ولو كان صادقاً؛ ويتقارضون الثناء فيما بينهم ولو كانوا خائنين للعلم؛ بتدليس أو إخفاء أو تحريف؛ وهذا لا يعني أن أهل الحديث سواء؛ ففيهم المنصف المجتهد - وقد لا يخلو من أثر الثقافة – كشعبة؛ ومنهم المتمذهب الكامل كالذهلي؛ لكن الأخير غالب.
والتعميم صفة جاهلة ورثناها من صفات أهل الحديث؛ فهم لا يفصّلون ولا يستثنون؛ وإنما يطلقون الثناء على انفسهم بعموم ويذمون غيرهم بعموم ويكتمون؛ ولذلك؛ نؤكد هنا على أننا لا نعمم؛ ولكن غلاة أهل الحديث غلبوا على اعتدال المعتدلين؛ وهم اليوم أكثر غلواً بلا شك؛ فلا يأخذون إلا من أنفسهم.
بمعنى؛ كان في أهل الحديث من يأخذ عن غيرهم؛ كالشيعة مثلا؛ ويفصلون بين مذهب الراوي والحكم عليه؛ أما اليوم؛ فيستحيل أن يقولوا عن شيعي أنه ثقة؛ فما كان من اعتدال عند شعبة مثلاً؛ نقص عن تلاميذه؛ كوكيع وابن مهدي والقطان؛ ثم تلاميذهم؛ كابن المديني وأحمد؛ ثم تلاميذهم؛ كالذهلي؛ وهكذا.
واليوم نجد أن غلبة وظهور متطرفي أهل الحديث وجهلتهم على معتدليهم وعقلائهم أكثر وضوحاً من أي زمن مضى؛ لعوامل عديدة ليس هنا مجال ذكرها؛ سنفصل في حلقات قادمة عن المناهج التي أهملها أهل الحديث؛ وسكت عنها خصومهم اتقاءً لشرهم؛ حتى أوصلوا أهل الإسلام إلى هذه العداوات المستحكمة.


للإنتقال الى "مناهج منسية عند أهل الحديث! - الجزء الثاني" على هذا اللرابط «««


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1285
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 11 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29