• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : حديث "الحمو الموت" نموذج للنقد الحديثي عند الشيخ حسن المالكي .

حديث "الحمو الموت" نموذج للنقد الحديثي عند الشيخ حسن المالكي


        حديث "الحمو الموت" نموذج للنقد الحديثي عند


                        الشيخ حسن المالكي!


أن حديث (الحمو الموت) حديث فرد شاذ معلول؛ وأصله النهي عن الدخول بالمغيبات أثناء غياب أزواجهن؛ في سفر أو غزو أو حج، فشذ رواته؛ وأن هذه الأحاديث؛ وأشباهها؛ يجب تجنب الوعظ بها؛ حتى يتم النصوص كلها من القرآن والسنة، لما تسببه من تفكك الأسر وإدخال الشك إلى القلوب بالقوة.
وحتى الخلوة، يظهر أنها غير محرمة، وهناك حالات خلوة في السيرة، واستثى القرآن من يريد النكاح صادقاً (في الأذن مواعدتهن سراً = خلوة).

هذا الحديث؛ "الحمو الموت"، حديث آحاد؛ رواه أحد قتلة عمار بن ياسر، وانفرد به أهل مصر، وأحدث شرخاً أسرياً عاماً؛ والحديث رواه جماعة عن يزيد بن أبي حبيب المصري؛ وهو ثقة؛ لكنه يدلس؛ وقد عنعنه عن أبي الخير عن عقبة بن عامر صاحب معاوية.
وهذا الحديث فيه علل متنية وإسنادية – سنذكرها - وقد استغلته الصحوة في إيجاد الشكوك بين الأخوة؛ والقضاء على ما تبقى من مكارم أخلاق الأقربين.
كان هذا الحديث قد دهم به الصحويون والوعاظ البيئات الطيبة في الجزيرة، تلك البيئات الفطرية التي كانت زوجة الأخ بمنزلة الأخت أو أكثر إجلالاً؛ عمل الصحويون؛ بحسن نية؛ على تمزيق تلك الفطرة بكثير من الأحاديث التي تجبر الأخ على الشك في أخيه، على عرضه، فمن ذلك اليوم تفرقت الأسر أشتاتاً.
لا أتهم الصحويين والوعاظ بتعمد ذلك التمزيق، لكن؛ عندهم ضعف في النقد، فلم يتنبهوا لعلل الحديث، وتجرعوا مخالفة الفطرة من باب التصديق بالحديث.
كان أخو الزوج محل ثقة كبيرة جداً، ولا يرى في زوجة أخيه إلا أخته تماما، بل أدركنا زمناً تعد المتزوجة أختاً؛ لها كل الاحترام؛ فكيف بزوجة الأخ؟
كان الناس عندنا في القرية؛ إذا سمعوا الحديث، يقولون: أعوذ بالله؟ أخو الزوج؟! كان وقع الحديث عليهم عظيماً، ولا يجدون مصاديق تثبته من الواقع؛ لكن؛ كثرة تكرار الوعاظ والفقهاء والصحويين للحديث؛ جعل العامة يتجرعونه تجرعاً خوفاً من الكفر بتكذيب النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله!
لو توفر في المجتمع نقدة حديث، يدركون العلل الإسنادية والمتنية، لما وقع المجتمع كله في هذا الحرج الشديد (وما جعل عليكم في الدين من حرج). لكن؛ المجتمع كان حنبلياً صرفاً، يأخذ بالظاهر، ولا يستطيع التجديد، وإلا فهم يعرفون تماماً أن أخا الزوج (الذي جعلوه الحمو) لا يشك فيه أبداً؛ وأن الحديث فيه مدلس؛ وفيه سيء السيرة؛ ومن ركن إلى الظالمين الذين كان منهجهم (اعلفوا الناس من هذا الدين حتى يشبعوا)؛ وقد كتبنا فيها سلسلة.
ولو كان هناك نقاد للحديث وأهل بصيرة في علله، لعرفوا أن هذا الحديث فرد؛ لا يفيد إلا الظن، ويخالفه ما هو أصح منه من النصوص والسيرة.
سألخص العلل الكبرى ثم الخاصة:
من العلل الكبرى؛ أن هذا الحديث - إن صح - فهو ضمن أحاديث في (النهي عن الدخول على المغيبات)، أثناء الغزوات ونحوها؛ فقد كان بعض المنافقين؛ والذين في قلوبهم مرض؛ يتخلفون عن الغزوات، ولأنه في قلوبهم مرض؛ فقد يرومون الدخول على المغيبات (اللاتي غاب أزواجهن)؛ ومن هذا الباب؛ روى أهل الصحيح؛ كمسلم وغيره؛ أحاديث معقولة جداً وفطرية؛ مثل: (أو كلما نفرنا في سبيل الله تخلف أحدهم له نبيب كنبيب التيس؟!)
هذا هو الأصل؛ حرمة دخول الأجانب على (المغيبات)؛ أما الأخوة - أخوة الزوج - فلا يدخلون في النهي، وقد كان معظم الغزاة يستخلفون إخوانهم. إنما النهي جاء في حق الرجال الجانب؛ ممن في قلوبهم مرض؛ ويخلفون الغزاة إلى بيوتهم - ربما من أجل التظاهر بخدمتهم - فجاء النهي من هذا الباب. لكن رواية (الحمو الموت) هي رواية شاذة؛ انفرد بها عقبة بن عامر عن بقية رواة الحديث من الصحابة، وانفرد بها عنه أبو الخير اليزني ، وانفرد يزبد بن أبي حبيب برواية هذا الحديث عن أبي الخير عن عقبة؛ ثم اشتهر الرواة عن يزيد، وقد كان يرسل ويدلس رغم جلالته، كالزهري.
فالحديث معلول بهذا اللفظ؛ إذا نفرد هؤلاء الثلاثة في السند (يزيد عن أبي الخير عن عقبة) عن أهل مصر، وانفرد أهل مصر بروايته دون بقية الأمصار؛ وهؤلاء الرواة كانوا من التيار الأموي، وهذا التيار كان يشغل الناس بالأحاديث في التفاصيل، حتى يشغلهم بها عن التفكير في الأمور الكبرى. ولذلك؛ تجد أحاديث تحريم الغناء والمعازف والذهب المحلق وغيرها من التفاصيل المتعبة، تجدها عن أهل الشام، الذين يقتلون أهل بدر ويلعنونهم. ولذلك؛ قال بعض العلماء عن أهل الشام (من أورع الناس في الصغيرة وأركبهم للكبيرة)، وهذا نتيحة سياسية؛ يدركها من له بصر بمكر السياسة وأساليبها؛ وإلى اليوم نجد أن بعض الوعاظ (ما شاء الله على ورعهم) يتورعون في موسيقى الأخبار، ويفتون بقتل المسلمين على المنابر! فلا تستغربوا، الناس هم هم.
ولو افترضنا – جدلاً - أن الحديث ليس شاذاً؛ وأنه منفصل عن أحاديث الأصل (الدخول على المغيبات)؛ فمن قال لكم إن الحمو أقارب الزوج لا الزوجة؟
أول من فسر (الحمو) بأنه أقارب الزوج، هو الليث بن سعد 175هـ - أحد رواة الحديث عن يزيد بن أبي حبيب - وعنه أخذ كل أهل الحديث وأكثر أهل اللغة، وفيه نظر. فإن (الحمو) هم أقارب الزوجة - على افتراض انفصال الحديث عن أحاديث النهي عن الدخول على المغيبات.
لماذا لا يجوز دخول أقارب الزوجة إلا بإذن؟
لأن أقارب الزوجة - إخوانها مثلاً - إذا زاروا أختهم؛ يكون لهم استطالة على البيت، وقد يأخذون بعض الأشياء، بلا إذن؛ بخلاف أخوة الزوج؛ ولهذا أصل.. أما الأصل الحديثي فهو  ذلك العهد (كما في صحيح مسلم (2/ 890) : (وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ). ولذلك؛ أنت شخصياً؛ عندما تعلم أن أخاك سيزوك في غيابك؛ فلا تخشى على شيء؛ أما بعض إخوان الزوجة؛ فقد يرى نفسه رب البيت، فيأخذ ما يشاء، وقد يسرق.
من هذا الباب أتى العهد على الزوجة؛ لا على الزوج  (ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه)؛ فأخو الزوج يكون محترماً؛ أما أخو الزوجة فيصبح سلطاناً.
وإذا شعر الزوج أنه لا أمر له ولا نهي في وجود أقارب زوجته، فهنا من حقه أن يشترط عليها إلا تأذن إلا لمن يأذن له الزوج، هذا طبيعي؛ وله مصاديق.
قصص تصرف الأخوة في بيت أخيهم  دون إذنه؛ شبه منعدم؛ لكن؛ تصرف أخوة الزوجة داخل بيت صهرهم؛ لها قصص كثيرة؛ في السرقات والتخبيب والاستطالة ..الخ؛ فالقضية معكوسة إذاً.. هذا إذا افترضنا صحة الحديث (الحمو)؛ وإلا؛ فالحديث شاذ؛ يخالف الأحاديث التي رواها أهل الأمصار، لم يروه إلا هؤلاء النفر.
طبعاً؛ قلنا أنه حديث شامي من حيث الثقافة الشامية؛ لا الموطن؛ فعقبة بن عامر والي معاوية على مصر؛ وأبوة الخير تلميذه؛ ويزيد بن أبي حبيب كان أول من قلب مصر من الحالة العلوية إلى الحالة العثمانية (أي الأموية)؛ وكان أهل مصر علويي الهوى؛ وأحاديثهم في أمور الدين العليا غالباً.
الحديث رواه البخاري والترمذي وغيريهم تحت باب (الدخول على المغيبة)؛ ورواه مسلم تحت باب (تحريم الخلوة بالأجنبية)؛ والتبويب من النووي – متأخر.
وتبويب (تحريم الخلوة بالأجنبية) هو تبويب محدث، ليس عليه النصوص الأولى؛ أعني؛ ليست الخلوة بالأجنبية محرمة بإطلاق؛ هناك حالات تجوز فيها الخلوة؛ ومن تلك الاستثناءات قوله تعالى:
{وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} [البقرة: 235]
هذه خلوة! فالرجل الذي له مقصد صحيح في طلب الزواج، فهذا نص القرآن الكريم يأذن له أن يواعد المرأة سراً مادام أنه يريد أن يقول المعروف، مع أن هذا عام.
أعني؛ قد يقول البعض؛ إذا أردت أن تقول (قولاً معروفاً) فيجوز لك بنص القرآن مواعدة المرأة سراً، لكن سياق الآية خاص بالنكاح؛ فنقف عنده.
أيضاً؛ الأحاديث المضادة لحديث (الحمو الموت) كثيرة جداً؛ ومنها؛ خلو النبي نفسه بنساء؛ وزيارته لأم سليم؛ ودخول بعض بني هاشم على أسماء بنت عميس.. فالذين جعلوا الأُسر كلها في (ضيق وحرج)؛ ولم يلتفتوا لبقية الأحاديث التي هي أصح وأكثر؛ بل؛ لعل بعضهم الآن يتفاجأ بالآية القرآنية قبل قليل!
من بكثر القراءة في سيرة المجتمع الأول - مجتمع النبي - يجد أنهم كانوا يعيشون كما كان آباؤنا وأجدادنا يعيشون، في المزارع والموارد والأسواق؛ يزرعون معاً؛ ويردون الماء معاً؛ ويعالجن الجرحى نسوة قليلة العدد - يعالجن المحرم وغير المحرم - ويتوضؤون معاً؛ ويصلون معاً؛ بلا ستارة ولا جدار.
الوعاظ والصحويون والفقهاء قبل - وبواسطة الرواية؛ لا القرآن ولا ما تواتر من السيرة - أدخلوا المجتمعات والأسر في الضنك والمشقة والشك والحرج.
وقفت قديماً على قول للإمام زيد بن علي بن الحسين/ أنه نهى عن النقاب للمرأة، ولما سئل؛ لماذا؟ قال؛ أخشى أن تذهب المروءة من الناس!
لله دره.
أحاديث التشدد والحرج منبعها سياسي؛ ولهدف سياسي؛ وهي تخالف أصل الدين (ما جعل عليكم في الدين من حرج)؛ (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)؛ لكن؛ لا تستطيع معرفة الأحاديث السياسة بشمول، إلا إذا كان عندك علم بسلوك السلطة - أعني السلطات القديمة - كانت تخدع الناس وتشغلهم بالتفاصيل.
ويجب أن تعرف أن الناس عامة - ومنهم أهل الرواية - لم يكونوا في مستوى دهاء السلطات ومكرها، لذلك؛ قد ينخدعون وينكبون على التفاصيل وأحاديث الحرج؛ وقد تناقض أهل اللغة في معنى (الحمو)؛ فمنهم من قال أنهم أقرباء الزوج متابعة لليث بن سعد أو غيره، ومنهم من قال أنهم أقارب الزوجة، وهو الأصح.
ولو أخذنا تعريف الليث فإنه سيشكل جداً..
اسمع: في تهذيب اللغة (5/ 176): (قال الليث: الحمو أبو الزوج وأخو الزوج وكل من ولي الزوج من ذي قرابته فهم أحماء المرأة).
الإشكال الأول: هل يحرم دخول أبو الزوج على زوجة ابنه؟ أليس من ذوي رحمها؟
والحديث لم يفصل، ولم يفسر، فواضح أن الحديث في (النهي عن دخول من في قلوبهم مرض على المغيبات)؛ وليس في أقارب الزوج.
ثانياً: إذا هؤلاء أحماء المرأة - على تعريف الليث - فهل قصد النبي بالحمو الموت (أحماء الزوجة أم أحماء الزوج)؟
الحديث لم يفسر أي الأحماء؛ وقد يكون قصد السائل أحماء الزوج من قرابة زوجته؛ ليش لا؛ وبعض أهل اللغة يجعل الحمو من جهة المرأة:
في جمهرة اللغة (1/ 573): ((الحمو: حمو الرجل: أَبُو امْرَأَته أَو أَخُوهَا أَو عَمها))؛ وهذا أقرب؛ لأن "الحمو" مأخوذ من الحمأ (حمأ مسنون) أو الحمية (الغيرة)؛ أما الحمأ؛ فالمرأة مخلوقة من حمأ قومها، أي من جنسهم، لا حمأ زوجها. وأما الحمية، فأهل الزوجة هم الذين تعتريهم الحمية عليها، قبل زواجها وبعد زواجها وبعد طلاقها أو موت زوجها.. فأحماء المرأة أقاربها؛ هذا أرجح.
ولكن؛ الفقهاء والوعاظ غلبوا على أهل اللغة، وجعلوا أخا الزوج أشد خطورة على زوجة أخيه؛ لأنه محل اطمئنان من الناس... في كلام عجيب يتعب القلوب. ولو كان تعليلهم صحيحاً؛ ودخلنا معهم في الوساوس، لكان أخو الزوجة وأبوها وابنها أكثر بعداً عن التهمة من أخي الزوج، وأدعى للاطمئنان!
ما هذا؟
إياكم وإفساد القلوب والأخلاق بما تنسبونه ظلماً للنبي الذي أتى ليتمم (مكارم الأخلاق)؛ مازال في الناس مروءة وشيم وأخلاق؛ فلا تفسدوها؛ وأما تعليل بعض الوعاظ بحالات شاذة؛ من ( زنا أخو الزوج بزوجة أخيه)؛ فهذا الشذوذ موجود في أخوة الزوجات وآبائهن وأبنائهن؛ والنادر لا حكم له.
ولما اشتكى أبو بكر إلى النبي من دخول بعض بني هاشم على زوجته أسماء بنت عميس في غيابه، لم يوافقه النبي، بل أقر الدخول؛ وأمر بدخول الاثنين؛ مع أن بني هاشم ليسوا من أحماء أبي بكر؛ ولا أسماء بنت عميس؛ ولكن؛ كان أولاد جعفر بن أبي طالب (من اسماء) معها، وكانوا يتعهدونهم ويتعهدونها؛ بل نص الحديث يوحي بأن أبا بكر اتهمها - والعياذ بالله - ورد عليه النبي، ونص الحديث في صحيح مسلم (4/ 1711) عن عبد الله بن عمرو بن العاص: (أن نفراً من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر - وهي يومئذ تحته - فرآهم فكره ذلك، فذكر ذلك لرسول الله وقال: لم أر إلا خيراً؛  فقال رسول الله: (إن الله قد برأها من ذلك)! ثم قام على المنبر فقال: لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان) اهـ
فالنبي لم يوافق أبا بكر على منع بني هاشم من الدخول على أسماء بنت عميس - وبينها وبينهم صلة قديمة وأولاد وحصار الشعب.. الخ
تخيلوها اليوم؟
تخيلوا اليوم أن شخصاً استفتى أحد الفقهاء أو الصحويين عن حالة مماثلة!!!
أظن أنهم سيفتون له بالاتصال بالهيئة لتكبسهم أو تقديمهم للمحكمة.
النبي أراد المحافظة على مكارم الأخلاق، وكانت أسماء بنت عميس في بني هاشم كأحدهم، فهي زوجة جعفر وأم أبنائه وعانت معهم في حصار الشعب وهاجرت إلى الحبشة، ولم يكن لها من قومها (هي خثعمية من شهران) إلا بنو هاشم، فهم أهلها بالعرف والذكرى والمعاناة؛ لا بالنسب.
هذا هو محمد.
ثم انظروا كيف أزال تخوف أبي بكر غير المبرر، لا سيما وأنه قد أقر أنه لم ير إلا خيراً؛ فاستاء النبي؛ وقال جازماً (إن الله قد برأها من ذلك)!
وقد بقيت أسماء بنت عميس وفية للبيت الهاشمي، وشاركت علياً في غسل فاطمة الزهراء - وهي مع أبي بكر - ثم تزوجت علياً بعده وولدت له عوناً ويحيى. والغريب؛ أن أسماء بنت عميس روت في فضائل علي وفاطمة كثيراً؛ ولم ترو شيئاً في فضل أبي بكر؛ وكان ابنها محمد بن أبي بكر- ربيب علي - علوياً متديناً.
الخلاصة:
أن حديث (الحمو الموت) حديث فرد شاذ معلول؛ وأصله النهي عن الدخول بالمغيبات أثناء غياب أزواجهن؛ في سفر أو غزو أو حج، فشذ رواته؛ وأن هذه الأحاديث؛ وأشباهها؛ يجب تجنب الوعظ بها؛ حتى يتم النصوص كلها من القرآن والسنة، لما تسببه من تفكك الأسر وإدخال الشك إلى القلوب بالقوة.
وحتى الخلوة، يظهر أنها غير محرمة، وهناك حالات خلوة في السيرة، واستثى القرآن من يريد النكاح صادقاً (في الأذن مواعدتهن سراً = خلوة).
أما حديث (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) ففيه نظر؛ وإنما لفظه في الصحيحين (لا يخلون رجل بامرأة)؛ في الباب  السابق نفسه؛ أي في باب ( الدخول على المغيبات)؛ وهذا واضح أنه في نهي أهل الريب ومرض القلوب؛ وليس أي رجل؛ فالإطلاق لا يصح. ثم؛ في سنده كلام يطول؛ ولو صح اللفظ (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)؛ فهذا خبر؛ لا أمر؛ مثلما أحاديث الشيطان في الأسواق؛ وهذا لا يعني تحريم دخول السوق.
بمعنى؛ انتبه أيها المسلم إذا خلوت بامرأة اجنبية؛ فقد يوسوس لكما الشيطان؛ مثلما أتت أحاديث في التحذير من الشيطان في الأسواق؛ فقد يقودك لمحرمات؛ ومما يدل على أن الخلوة غير محرمة؛ ما ورد من أحاديث كثيرة جداً في خلوة النبي وأصحابه بنساء، منها ما رواه البخاري في صحيح البخاري (7/ 37) (جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي فخلا بها فقال: والله إنكن لأحب الناس إليّ).
هنا النص يقول (خلا بها)؛ وأخبرها بحب النبي للأنصاريات. ولا ريب أن الأنصاريات كان يحبهن النبي استحقاقاً، حب إيمان، لأنهن استقبلن المهاجرين وأزواجهم، وشاركن في خدمتهم والتنازل عن أكثر راحتهن. إضافة إلى أن الأنصار هم أخوال النبي صلوات الله عليه وآله (عبد المطب أمه أنصارية خزرجية).
هذا هو النبي، نبي الوفاء والرحمة والحب والنبل؛ وقد ورد في بعض ألفاظ الحديث أنه قال للمرأة (والذي نفسي بيده إنكم لأحب الناس إلي)؛ يعني الأنصار... والمعنى واحد؛ والخلوة موجودة في اللفظين..
ولو نتتبع حالات خلوة النبي بالصحابيات؛ وخلوة الصحابة بالصحابيات؛ لطال المقام جداً.
فحديث النهي عن الخلوة ينصرف لأؤلئك من مرضى القلوب.


مواضيع أخرى:
لمطالعة "لسان حال السلطة : اعطوهم من هذا الدين حتى يشبعوا وينسوكم!! - ألجزء الثامن -"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "علم الحديث ليس العلم بأحوال الرجال وأسمائهم؛ هو علم متشابك بكل العلوم!"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "علم الحديث - أمانة أهل الحديث ... في الميزان!(ألجزء السادس)"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "مناهج منسية عند أهل الحديث! - الجزء الأوّل!"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "ظلم اهل الحديث للسيرة والتاريخ. ؟؟"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "علم الحديث - موقفهم من الصحيح والضعيف (الجزء الثامن)"على هذا اللرابط «««

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1538
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 10 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28