• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : ما الحكمة من الأسرار الدينية؟ .

ما الحكمة من الأسرار الدينية؟

تغريدات الشيخ

عندما يخفي النبي المسيئين ويقول ( ما بال أقوام(فهذا سرٌ؛ وكذلك عندما يسر الذين حاولوا اغتياله فهذا سرٌ والحكمة في هذه الأسرار هي كالحكمة من وجود المتشابه في القرآن الكريم فكثير من الآيات المتشابهة فيها أسرار لا يهتدي لها إلا الراسخون علماً
وقبل السؤال عن الحكمة من أسرار الحديث يكون السؤال عن الحكمة من أسرار النص القرآني بمعنى لماذا وجود المتشابه او المشكل على أكثر الناس؟
لماذا لا يكون القرآن واضحاً كله لكل الناس كالدساتير والقوانين؟ لماذا هناك محكم ومتشابه؟ ما فائدة المتشابه؟
وأسهل من هذا هو سؤال: لماذا لم يبث النبي أسماء الذين حاولوا اغتياله لكل الناس حتى يحذروهم ويبتعدوا عنهم ؟! فأسرار القرآن أعظم
بل لماذا لم يكشف النبي مشتبه القرآن ويفسره للناس حتى لا يضلوا من سوء فهم آية؟ فالنبي يعلم أسرار هذا المتشابه فلماذا تركه بلا تفسير؟
فكروا فيها

محاولة لحل أسئلة الأسرار! أولاً: لله حكمة في متشابه القرآن الكريم، منها 1- أنه بتدبر المحكمات يمكن حل الكثير من المتشابهات، لكن المتكبرين لا يفعلون، لأن في قلوبهم زيغ، فيذهبون إلى المتشابه غبة منهم في تأويله على ما يريدون أو ليضلوا به غيرهم، وهذا في حد ذاته من غايات المتشابه - فرز المتكبر من المتواضع- فالمتواضه يبدأ بالواضح (المحكم) ويكفيه المحكم في النجاة، ولكن المتكبر يتحكم
نعم المتكبر بطبعه متحكم، يريد أن يتحكم في النص، ويشكل عليه، ويستشكل على المحكم بالمتشابه، ويريد إشباع كبره وغروره بالإشكال على النص.
- في المتشابه أسرار لمن يستحقها، وليست مبثوثة لكل أحد، لابد أن تكون فيك صفات حتى تنكشف لك، كأن تكون متقياً (واتقوا الله ويعلمكم الله)
كما أن المتشابه لا يمكن حله كله، وإنما يتكشف في كل عصر، ومن هنا القرآن لا تنقضي عجائبه 4- القرآن ليس كالدساتير لأنه لو كان كذلك
لربما كان آلاف أو ملايين المصاحف، لأن فيه العلوم كلها والتواريخ وكل شيء ( تبياناً لكل شيء) ولو كان ملايين المصاحف لعجز عنه الخلق.

فهو يخاطب فئات كثيرة، وليس بإمكان الناس أن يجمعوا بين كل العلوم، وإنما تتكشف علومه مع الزمن، وحسب الهمم وصحة النية والتدبر ..الخ
فإذا قال الله (ما فرطنا في الكتاب من شيء) فلعل معظم هذا في المتشابه، والمتكبر لأنه متكبر فإنه يريد الحصول على كل العلم بسرعة وإلا سيكفر!
المتشابه فرصة للمؤمنين المخبتين، فهم بعد إحكام المحكمات، سيستمتعون بأسرار القرآن شيئاً فشيئاً، ويجدون ذلك في المتشابه، ويعرفون سر الإعجاز
المتشابه له أكثر من تفسير: متشابه في ذاته، بمعنى يشبه بعضه بعضاً (كالآيات في المنافقين مثلاً(أو مشكل المعنى لا يظهر معناه بسهولة ..
فمثلاً يستطيع المؤمن - غير المتكبر- أن يعرف المنافقين الذين _ هموا بما لم ينالوا- من جمع كل آيات النفاق وترتيبها زمنياً، وتحديد صفاتهم
أما المتكبر فيكتفي بالقول ( كان النفاق في المدينة لا في مكة، فليس في المهاجرين ولا الطلقاء أي منافق) وهذه القاعدة تحرمه من أسرار القرآن.
لأنه بهذا يكذب بأكثر من آية في كتاب الله - في السور المكية - هذه القاعدة التي وضعها له ابن تيمية هي أغلى عنده من القرآن كله.. فهذا يستاهل
اعني يستاهل الحرمان من العلم والهداية لأنه يصدف عن آيات الله بسبب قاعدة وضعها رجل ما، فالقرآن عصي على أن يقوده أحد بقاعدة أو عقيدة..
فالمتكبرون مستعجلون، يريدون قواعد عامة وخلاص.. بلا تعب. والله لا يحب العباد المدللين الذين يحبون أن يسرع الله بإفامهم كل شيء وإلا ..!
الله لا يقبل التهديد .. لا يخشى أحداً.. فالذي يشترط الوضوح التام في كل شيء لن يجد إلا الضلال.. بالمتشابه يفرز المهددين له من المتواضعين.
المتشابه بحر من الأسرار... وأكثر المتشابه هو في الأصضل ظاهر وواضح، ولكن يحتاج منك أنت أن تتخلص من (قواعد الكفر) التي وضعها بعض العلماء..
القواعد الكفرية هي كل قاعدة يضعها عالم تؤدي بك إلى الكفر ببعض القرآن الكريم مثل قاعدة ( النفاق في المدينة لا في مكة) قاعدة كفرية بامتياز!
لأنه بالإيمان بها ستكفر بقوله تعالى في سورة المدثر المكية (وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلاً).
وستكفر بقوله تعالى في سورة العنكبوت المكية (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَالنَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10) وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (11) هذا قبل الهجرة!

وأكثر أتباع القواعد الكفرية كهذه القاعدة والقاعدة الأخرى (الصحابة كلهم عدول) يكفرون بالمئات من آيات القرآن الكريم شاءوا أم أبوا.
والقواعد الكفرية الشيطانية لها حلاوة في قلوبهم تفوق حلاوة آيات القرآن الكريم المعارضة لها، بل يبغضون تلك الآيات ويقولون : ليت الله سكت!

يقولون ذلك بقلوبهم لا بألسنتهم، وهذا ظاهر في تكلفهم رد تلك الآيات وإبطال معناها، حتى لا تخرب عليهم القواعد الكفرية.. زين لهم الشيطان ذلك, وهذه القواعد الكفرية تدفع أصحابها للكذب على الله بأنه أثنى على كل من رأى النبي وصحبه ووعده بالحسنى! هذه كذبة عظيمة على الله وهي مشهورة, ولو رجع المتدبر لسياق الآيات في ذلك، لعرف أن الموعودين بالحسنى استثناءً من القاعدة، ولكن المتكبر لا يحب تخريب القواعد الكفرية، ويتعب لها,والمتكبر الذي لا يؤمن بآيات القرآن ويؤمن بالقواعد الكفرية سببه أن الله قد جعل الشيطان سلطانه يأمره وينهاه، فيستجيب.. فهذه عقوبته من الله
نعم الله يولي الشيطاطين على هؤلاء (إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) فلابد أن تؤمن لتحمي نفسك .
والشيطان يأمر أولياءه بوضع قواعد ( كفرية) تستبق الإيمان بالله وآياته، ثم يكذبون على القرآن بأنه يقول بها، فيجمعون بين الكفرين مطمئنين!

فمثلاً آية ( وكلاً وعد الله الحسنى) التي يشهدون بها لكل من رأى أو صحب بالجنة ويوجبون على الله ذلك، هي واضحة جعلوها متشابهة تشبه عقائدهم.
أعني أن سياقها يدل على أن هؤلاء قلة ، وأنها ليست في من رأى ومن صحب، بل هذه الآية تدل على عكس عقائدهم، وتعالوا لننظر السياق في سورة الحديد

فقد سبق الآية آيات منها قوله تعالى ( وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ
وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8) ثم قال (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ
الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) هل اتضح المعنى؟

قالله ينقل واقعاً على أنه الأصل ( ومالكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم) و( مالكم إلا تنفقوا في سبيل الله) هذه هي القاعدة ...!
ثم ينقل خبراً أن آن من أنفق منهم - ومن للتبعيض- قبل الفتح أو بعده فهو موعود بالحسنى.. المعنى واضح أن الموعودين بالحسنى بعض قليل من كل.

لكن أصحاب القواعد الكفرية أرادوا أن ينتزعوا من الله اعترافاً بأنه قد وعد بالحسنى لكل الصحابة! مع أنه لا ذكر للصحبة أصلاً هكذا يكون الكفر!
فالكفر هو التغطية.... وقد غطوا على القاعدة الأصلية التي نقلها القرآن ثم وضعوا قاعدة كفرية بتبشير كل الصحابة بالجنة واحتجوا لها بالقرآن!
ثم حرضهم الشيطان على اتخاذ القاعدة الكفرية حداً بين الإسلام والكفر فمن آمن بالقاعدة الكفرية المضادة للقرآن فهو مؤمن ومن كفر بها فهو كافر!
وبهذا أصبح الكفر يطالب الإسلام بالإسلام! وأصبح يتتبعه في كل مكان بسوطه وصوته متهماً له بالكفر ويطالبه بالإيمان! واكتملت دائرة الضلال هنا.
إذاً فمعظم ما يتوهمه كثيرون من المتشابه هو واضح لكنهم هم من جعله متشابهاً وامتحنوا به عباد الله، وأصبح الكفر أوثق عرى الإيمان! أرأيتم؟
لكن في القرآن متشابهات بلا شك،وهي موضوعة لحكم كثيرة، وأسرارها لمن يستحقها، أما من دمر المحكمات وجعلها متشابهة فكيف سيدرك المتشابه الأصلي؟
الذين في قلوبهم زيغ من المسلمين أسوأ حالاً من الذين في قلوبهم زيغ من المنافقين المتقدمين، لأنهم يجعلون المحكم متشابهاً أيضاً! ويزيغون به!

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=370
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 10 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19