• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : عالمية القرآن - الجزء الثاني .

عالمية القرآن - الجزء الثاني

والله العظيم - وقليلاً ما أحلف - أن هذا القرآن يدل بعضه على بعض، وأنه نظام محكم صارم، ولكنه فقط هدى للمؤمنين، وليس للمتكبرين والظالمينمن فضل الله وعدله أنه يحرم الظالمين من بركته، فلا يزيدهم إلا خساراً، كما ذكر الله، فتجدهم يستدلون به على الأذى والإجرام، فهو عليهم عمىً.

تغريدات لفضيلة الشيخ "حسن بن فرحان المالكي".

التغريدات من شهر أكتوبر 2013.

 قام بجمعها "محمد كيال العكاوي"



آيات في عالمية القرآن

من الأفضل أن نترك القرآن يتحدث.. ثم النبي يتحدث.. ونحن نستنبط فقط.

فلنبدأ بالقرآن الكريم.

الآية الأولى:


(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواإِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)) [الحجرات : 13]

في الآية:
1- خطاب لكل الناس وليس للمسلمين.
2- وهؤلاء الناس هم كل بني آدم المخلوقين من ذكر وأنثى.
3- وهم كل الشعوب والقبائل.

من أكرم الناس عند الله من هذا كله؟؟
هم المتقون.
فمن هم؟
الجواب من القرآن نفسه 
(وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33)) [الزمر : 33]

وهذه الصفة هي ألصق بمن؟
قد يقول البعض" لكن هذا التعريف القرآني للتقوى يريد به الإسلام". 
نقول: لا تستعجلوا، فسنعرف تعريف الإسلام من القرآن، اتركوا للقرآن فرصة يعلمكم.


الآيتان السابقتان تفيد أن :
1- أكرم الناس عند الله، المخلوقين من ذكر وأنثى ، هم المتقون.
2- والمتقون هم الذين يأتون بالصدق ويصدّقون بالصدق.

بهذا لم نضف على القرآن حرفاً ولم ننقص.. ولو كان في الأمر سعة لتوسعت في كل آيات التقوى، فهي تتركز على (كف الأذى مع الإحسان) صاحب الصدق الذي يأتي بالصدق ويصدق بالصدق - إذا جاءه - يكون متقياً وكافاً لأذاه ومحسناً، فالإحسان دائرة داخل دائرة التقوى، كالنواة في الذرة، ولذلك يقترنان في القرآن كثيراً..
(إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون).. ( ثم اتقوا وأحسنوا).. الخ
والتقوى له ست تعريفات ينوب بعضها عن بعض، ومن مفسرات التقوى الآية المشهورة
وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).. فالتقوى ضد العدوان، وبضدها تتميز الأشياء.


والخلاصة حتى الآن في هذه الآيات أن الذين لا يؤذون ولا يعتدون هم متقون - سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين - فهل سيصمد هذا المعنى أم لا؟
سنرى..

والتقوى هي رسالة الأنبياء جميعاً، كما في الآيات:
1- إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ [الشعراء : 106]
2- إِذْ قَال لَهُمْ أَخُوهمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ [الشعراء : 124]
3- إِذْ قَال لَهمْ أَخُوهمْ صالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ [الشعراء : 142]
4- إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ [الشعراء : 161]
5- إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ [الشعراء : 177]

وهكذا في كل الأنبياء، يأمرونهم بالتقوى، هذه هي الدعوة الجامعة ... وسنثبت أن الإيمان بالله واليوم الآخر لأجل التقوى أيضاً، وهذا من عالمية القرآن التي تناساها التاريخ والسلطة والمعارضة، فسبب إرسال الأنبياء هو هذا.. هو أن تكف أذاك وتحسن وتصدق وتعدل، وإلا فالله غني.
لاحظوا الآية :

(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ(25)) [سورة ألحديد]ٍ

 

 

إذاً هذه هي العلة ... إرسال الرسل وإنزال الكتب ليقوم (الناس) بالقسط.. 

لاحظوا (الناس) ولم يقل (المؤمنون)، 

فالرسالة عالمية لغايات عالمية، 

والناس مفتاح من مفاتيح عالمية القرآن، 

فالغاية الأساسية هي التقوى والعدل والبر والإحسان والعقل والضمير وإكرام اليتيم والحظ على طعام المسكين.. 

هذه الغايات الأساسية يشرع الله لها ما يدعهما ويعينها من الإيمان بالله واليوم الآخر والصلاة والصوم والحج ..الخ، 

وليس الأمر عكسياً .

الله شرع الصلاة لماذا؟
هل شرعها له أم لك؟
هل شرعها لأنه يريدها أو لأنك تحتاجها؟
الجواب في القرآن فاسمعوه..

(شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ(13)) [سورة الشورى]!
إذاً فالله شرع لك لا له.. لتستعين بهذه الشرائع أنت، وإلا فهو الغني عن العالمين..
شرع لك لتستعين بها على ماذا؟
على تلك الغايات العالميةالغايات التي يتفق معك أنت أيها المسلم وكل العالم.. العدل / الصدق/ البر/ التقوى =وهو كف الأذى مع الإحسان/ التفكر/ العقل / .. وهي غايات القرآن.
الشيطان قلب المسألة رأساً على عقب، جعل الله - في عقل المسلم وقلبه - وكأنه هو يريد من الناس أن يمدحوه ويعبدوه، وليس لأن هذه وسيلة إلى غايات أكبر، وبهذا يكون هدف المسلم من الصلاة هو إعطاء الله حقه!..هكذا!
كلا.. الصلاة لك أنت لتنهاك عن الفحشاء والمنكر ولتتذكر بها الله (وأقم الصلاة لذكري)، وذكر الله هو تذكر الله، وهو غاية من الغايات الكبرى (لعلكم تذكرون/ لعلكم تتذكرون).
ولماذا يجب أن تتذكر الله؟
حتى تحقق التقوى والعدل.. فمن كان الله في قلبه لم يظلم ولم يغش ولم يكذب ولم يفحش ولم ولم..

إذاً فالقرآن محكم، وهو عالمي، لا يأتي إلا بما تقره القلوب والعقول السليمة.
بمعنى.. أن الله يريد من هذه الأديان أن تعينك أنت، أن تقلل من شرورك أنت، أن تساعدك على أعمار الفضيلة،
فبها يتم إعمار الأرض والإنسان.
هل فهمت؟
فالقضية معكوسة إذاً، ولكن من الذي تسبب في هذا ؟

هو الشيطان - الذي نسينا تحذير الله منه (أن نعبده) - فهو عدو لبني آدم وليس للمسلمين فقط،
(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)) [يس : 60]
عهد إلى بني آدم.. وقال مخاطباً (الناس)..
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ(169)) [سورة البقره]

وهذه البلايا (السوء والفحشاء والقول على الله بغير علم)، هل في المسلمين أكثر أم في غيرهم؟..فهي مشروع الشيطان، ويحرص على إدخالها في آخر دين!.. لذلك حملة الاديان هم أولياء الشيطان وأعوانه في إدخال مشروعه وليس العوام.. فاسمع:

(كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ(213)) [سورة البقرة]

أعني.. من هم الذين اختلفوا في الكتاب وكانوا سبب ضياع الأديان؟
هم الذين أوتوا هذا الكتاب.. لم يقل (آتاهم الله).. (أوتوه) بالبناء للمجهول!.. بمعني أن الذين يعهد إليهم الناس بنقل الدين وتفسيره وبيانه هم الذين يحرفونه وويبدلونه ويشترون به ثمناً قليلاً .. بسبب البغي فيما بينهم.. ولذلك يحرص الشيطان على حماية هؤلاء بأن لحومهم مسمومة، وإياك وأياهم، فهم نقلة الدين، ولولاهم لما قام للدين قائمة ..الخ.. فيمن بهم على الله!
الموضوعات مترابطة جداً ومفهومة - إذا أنت قرأت القرآن - لأنه (قرآن مبين)، هكذا وصفه الله، (ميسر)كما قال الله، (شفاء للمؤمنين) فقط كما قال الله!
والله العظيم - وقليلاً ما أحلف - أن هذا القرآن يدل بعضه على بعض، وأنه نظام محكم صارم، ولكنه فقط هدى للمؤمنين، وليس للمتكبرين والظالمينمن فضل الله وعدله أنه يحرم الظالمين من بركته، فلا يزيدهم إلا خساراً، كما ذكر الله، فتجدهم يستدلون به على الأذى والإجرام، فهو عليهم عمىً.
والآن اسمعوا بالله عليكم:
(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِمَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ(19)) [سورة آل عمران]

الله أكبر!
نعم الدين عند الله هو الإسلام، فما هو الإسلام ؟

إنه التسليم للمعرفة الصحيحة - كما سيأتي - ومن يكفر بما سيأتي ويقول "لا.. سنتبع الحديث" من سيكون؟
أليس هو (وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [آل عمران : 19]

ألم يسرع حسابهم فهم في تخلف وجهل وضنك؟؟.. وقد علمتم أن الذين (أوتوا الكتابغير (الذين آتيناهم الكتاب)غير (أهل الكتاب)، فالذين أوتوا الكتاب - من كل دين - هم الذين وكل إليهم الناس!
ما هو الإسلام في القرآن.؟
هذا موضوع طويل جداً، ولكن لحرصي على الترابط ولئلا يسرع الشيطان ويأمر أولياءه بالعجلة والتشويش سأعرفه باختصار:
الله في الآية السابقة ذكر أن (الدين عند الله الإسلام)، فمن يكذب بالدين؟
اسمع :
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3)) [سورة ألماعون]
هو نفسه البر والتقوى (وتعاونوا على البر والتقوى)!
هذا تعريف الله للدين!
ألم يقل أن الدين عند الله الإسلام؟! والدين فسره بأنه هذا الشيء العالمي (معالجة الفقر والعدل ..الخ)، فإذا أتى أحمق وقال : لا .. هذا ليس الدين، فاعلم أنه من الذين (أوتوا الكتاب) ولم يؤتهم الله، وإنما الناس، وهم من الذين (يكفرون بآيات الله).
الآن أنت تذكر له آيات الله - بأن الذين يكذب بالدين هو هذا - ويقول: ل"ا.. هو الذي يصلي"! فالله يجيب
(فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4)!
من هم يارب؟
الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)
من هم يارب؟
الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7) 
المشكلة أن القراءة سبق إليه الشيطان، فهو مولود قبلنا، وله خبرة طويلة مع الذين أوتوا الكتاب، الذين يؤتيهم الناس الكتاب فيعبثون به للبغي.
لا أجد آية تدل على خصوصية الدين بالمتسمين بالمسلمين، ولا آية تجعلهم هم الناجين فقط، بل القرآن رسالة عالمية، وقد يكون المتقون من الأمم أكثر، بل إن تحقيق هؤلاء - غير المسلمين - لأكبر قدر من غايات الإسلام، أكثر من المسلمين، دليل على أن غاية الله راحة الناس وأعمار الأرض، يدل على ذلك (ليقوم الناس بالقسط)،(أفلا تعقلون)
أفلا تتقون) ..الخ

، وبهذا نكتشف سراً عجيباً خفي على أكثر الناس ، وعجزوا عن تفسيره، 

وهو:

 

لماذا الرسالات في الجزيرة والشام فقط؟ 

 

أين رسل الصين واليابان وأفريقيا وأوروبا والأمريكيتن؟

الجواب الآن أظنه أنه اتضح أو اقترب..

كيف؟
لأن الله هدفه الخلق لا مدح ذاته.. فهو الغني عن العالمين، ولأن هذه المنقطة المستهدفة بالرسل هي أشرس المناطق ضد العقل والهدى، لذلك كثف لهم.
نعم الآخرون مروا بمظالم ودول، ولعله أرسل إليهم رسلاً لا نعرفهم، لكن الله يعلم أنه سيصلحون بالعقل والضمير والحس، فاكتفى بها عن كثرة الرسلأما هذه المناطق - كالجزيرة والشام ومصر - فقد أمدهم بالرسالات والكتب لأنه يعلم أنهم نموذج للعناد والتقلب والسطحية..الخ، ومع ذلك ما نفع فيهم شيء، فالذين لم يرسل الله إليهم لو قرأنا ماضيهم وآثارهم ثم حاضرهم لوجدنا أن الله أصلحهم لأمرين:
*عقولهم التي تستفيد من الدروس.
*وقلوبهم التي تعي.
أما نحن - العرب وبنو إسرائيل - فنحن لا مثال لنا بين الأمم!.. ولذلك اختار الله بني إسرائيل اختياراً لأنهم النموذج الأوسوا وليس الأفضل.
قال تعالى 
(وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [الدخان : 32]
وهم - لكبرهم - يزعمون أن هذا الاختيار تفضيل من الله !
كيف يكون اختيار الله لهم على علم على العالمين وقد عبدوا العجل وقتلوا الرسل ؟
اختياره لهم لسوئهم وليس لفضلهم، لأنهم النموذج الأسوأ.. كما سبق أن قلت سابقاً، قد تختار أنت أسوأ مقال لترد عليه، وقد تختار أحسن مقال لتثني عليه، فأي الاختيارين كان اختيار الله لبني إسرائيل؟
ونحن - لأننا سنتبع سنن بني إسرائيل (حذو النعل للنعل) - فقد زعمنا كما زعموا.. أن الله اختار لنا أفضل نبي وأفضل كتاب!؟ ولا ندري أن علينا لا لنا.. الطبيب يكثر من استصحاب الأدوية حيث يكثر المرض, وليس حيث لا مرض، ولا لمكان يعرف أن الأمراض ستكسبهم مناعة ضد الأمراض مستقبلاً..
اصحوا يا مغفلين.
لا تغتروا بالآية الكريمة (كنتم خير أمة أخرجت للناس) فلها شروطها التي أضعناها، فافهموها وافهموا قيودها هنا.

نعود قليلاً لعالمية القرآن، ونتركه يتحدث، 

فطالما أسكتناه بأحاديثنا وعقائدنا وتصوراتنا وأكاذيبنا وكبريائنا وجاهلياتنا المزخرفة بالدين.

(كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12))
وماذا بعد يارب؟


(إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14)) [الانفطار : 9 - 14]
إذاً ليس الإسلام المذهبي والكفر المذهبي.. والفجور له تعرفه القرآني، كما أن البر له تعريفه القرآني، ولو واصلنا لما خلصنا.. والتحريف شامل.


***************************************************

المجرمون يحبون التميز،، فيتحلون بالألقاب والمفاخرات، ويظنون أن الدين بالتحلي والتمني، وينسون حقيقة الدين
حبهم للتميز ماهي عقوبته؟
اسمعوا:

(وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ..

المجرمون من بني آدم كلهم، من المسلمين ومن غيرهم، ومناداتهم ب(امتازوا اليوم) يناسب حبهم للتميز والفخر مع إجرامهم في حق الدين وفي حق أنفسهم، وهؤلاء المجرمون من علاماتهم الكبرى أنهم لا يحذرون الشيطان، فلذلك يقول لهم (ألم أعهد إليكم).. والمسلمون عليهم الحجة أكثر من غيرهم..

لماذا؟
لأن التحذير من الشيطان في قرآنهم العالمي يعلمونه جيداً، لكنهم ملؤوا المكتبات بالأعداء الوهميين وتركوا الشيطان حتى أوردهم جهنم.أما غيرهم - من الأمم - فهم يعرفون الشيطان أيضاً، فالشيطان ثقافة عالمية، وهو على لسان كل الأمم والشعوب، حتى وإن تأولوه على معنى معنوي.
الذين آمنوا هم مطالبون بالسلم في القرآن، بأن الله يعرف أن الشيطان سينفخ فيهم حب القتل والاعتداء والأذى = وهذا كله ضد التقوى.. فاسمع:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (208) فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209)) [سورة البقره]

مع أنه في آيات أخرى يقول 
(
يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (168)) [سورة البقره]
فخطاب الناس في الآية الأخيرة يدل على إكثار الناس من المال الحرام - مسلمين وغير مسلمين - أما المؤمنين فأمرهم بالسلم، لأنهم أخص الناس بالاعتداء.. وهذا ملاحظ إلى اليوم، فالمسامون أكثر الأمم اعتداء، وإذا لم يتكنوا من الاعتداء على غير المسلمين اعتدوا على أنفسهم وأنشبوا الجهاد المزيف.
والخلاصة: أن الله لا يعبث عندما يقول (يا أيها الناس)، وعندما يقول (يا أيها الذين آمنوا)، فهو يعطي كل مريض دواءه ويوصيه به..
فماذا فعلنا؟.. 

ومن الآيات في عالمية القرآن هذه الآيات، فتدبروها واستفيدوا مما سبق بيانه:


(لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124)وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا(125)) [سورة ألنساء]

تدبروها..
وهذه الآيات واضحة - بأنه ليس الدين بأمانينا ولا أماني أهل الكتاب - فمن يعمل منا أو منهم سوءاً يجز به، وفي الجانب الآخر من يعمل الصالحات ينجو، وقد يسارع الشيطان بالقول (لا تنس أنه قال: وهو مؤمن)، حتى يثبت فينا التميز (لنكون من الذين يمتازون يوم القيامة)!، وللإيمان معناه القرآني أيضا، ولكن قبل أن تعرفوا معناه تذكروا أن للفظ الواحد مستويات..
الإسلام. 
الإيمان.
التقوى ..
ليسوا كلهم في مستوى واحد،  وعلى ذلك فما هو الإيمان؟
فهناك الذين آمنوا، والمؤمنون، والمؤمنون حقاً..
ولا تستطيع أن تزعم أنك من (كُمل المؤمنين)، ولا أن تحرم منه مؤمني أهل الكتاب ولا غيرهم..

لماذا ؟
الجواب من القرآن.. لأن الإيمان ليس لفظاً، وليس الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر فقط، بل الإيمان بآيات الله أيضاً، فهل نؤمن بها كلها؟
لو استعرض آيات الإيمان بالله وآياته ثم كشفت هذه الآيات التي نكفر بها - سواء الآيات القرآنية أو في الآفاق والأنفس - لاستحينا من هذا الفخرالإيمان بآيات الله موجود في غير المسلمين أكثر مما هو في المسلمين، وقد ذم الله في كتابه (الذين يكفرون بآيات الله)، وهي شاملة.
وهذا سنؤجله إلى الجزء الثالث من سلسلة (القرآن العالميلعل الله يفتح بعض القلوب والعقول..
ولا أبريء نفسي .. لكني أحاول أن أفتح نافذة

للانتقال الى "عالمية القرآن - الجزء الثالث" هنا.


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=924
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 10 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16