• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : الشيطان ... ألفاظه ومعانيه في التراث الإسلامي- معنى الكفر. (ألجزء ألثاني) .

الشيطان ... ألفاظه ومعانيه في التراث الإسلامي- معنى الكفر. (ألجزء ألثاني)

بغياب فضيلة الشيخ (أعزّه الله وفك أسره) نستمر بنشر ما كتبه فضيلته سابقا تحت شعار:

هذا هو المالكي.

قلنا سابقاً بأن الشكر (آخر الغايات وجماعها كلها)، لأن من وسائلها التقوى، والتقوى بنفسها غاية العبادة، والعبادة هي غاية خلق الجن والإنس، فالذي يرده منك الله - في آخر الأمر - هو تفعيل نعم الله عليك، أن تستخدمها كما يريد هو لا كما يريد شيخك أو مذهبك، هذا واجب الله عليك..

 أي كن إنسانا!

تغريدات لفضيلة الشيخ "حسن بن فرحان المالكي".

التغريدات من شهر أكتوبر 2013.

تشرّف بجمعها ونشرها في الموقع "محمد كيال العكاوي"



للعوده الى: الشيطان ... ألفاظه ومعانيه في التراث الإسلامي. (ألجزء ألأوّل) هنا.

 

الشيطان - بعد تفسيره الشكر بالشكر اللفظي - يفسر لنا الضد وهو )الكفر( فما تفسير الشيطان للكفر؟

سبق وأن ذكرنا في الجزء الأول أن الشيطان يخترع لنا ألفاظاً محل ألفاظ - كالعقيدة مكان الإيمان - أو يفسد المعنى نفسه، وضربنا مثالاً ( الشكر). وذكرنا أن إفساده للألفاظ هو الأصل - وليس وضع الألفاظ - لأنه لا يمكنه وضع ألفاظ كثيرة بسبب احتفاظ القرآن بالألفاظ الشرعية، فيلجأ لإبطال معانيها.

إفساد الألفاظ من الداخل يكون بأحد أمرين:

إما بوضع معنى آخر مغاير - كما فعل في الشكر- وإما بحصر اللفظ في بعض معانيه الصغرى لإزاحة الأكبر. وشرحنا في الجزء الأول (معنى الشكر قرآنياً) وأنه (التفعيل) لنعم الله سواء الأولوية -كالسمع والبصر والعقل والقلب- أوالإضافية كالمال والصحة. وتستطيع معرفة اللفظ في القرآن بمعرفة ضده، وعرفنا أن الشكر ضده الكفر (إما شاكراً وإما كفوراً) (أأشكر أم أكفر) (وأشكروا لي ولا تكفرون)، وهذه أول المفاجآت! أن الكفر هو ضد الشكر، بينما وضع الشيطان في أذهاننا أن الكفر هو ضد الإسلام! وهذا صحيح من وجه وغير دقيق من وجه آخر (سيأتي)،  وقلت لكم – سابقاً - أن الشيطان لم يبقِ لنا لفظة واحدة من الألفاظ المحورية الكبرى إلا وأبطلها؛ بتحريف أو إفساد أو تقليل أو وضع بديل. كل الألفاظ المحورية أوجد فيها الشيطان نوعاً من إفساد الإسلام، الكفر، الإيمان، التوحيد، الشرك، النفاق، الشكر، الذِكر، الكبر، ..الخ.

شرحنا سابقاً - وهي في الموقع - عن التقوى والشكر والابتلاء... واليوم نكتب عن الكفر، والكفر في القرآن ضد الشكر، والشكر هو التفعيل..

إذاً فالكفر - في التعريف المختصر - هو(التعطيل)، وعرفناه سابقاً لأنه (الجحود بعد علم) في مستواه الأعلى، و(التغطية) في الأدنى، وكلاهما (تعطيل)! فالذي يجحد بعد علم يكون قد عطل نعمة السمع والبصر والعقل والضمير (الفؤاد)، ومن غطّى على حقيقة فقد عطل نعمة الضمير (الفؤاد)، فالكفر تعطيل! وكل آيات (الكفر) في القرآن الكريم تدور حول هذا المعنى، اي تعطيل نِعَمَ الله عليك فهو كفر، تعطيل النعم الأولية أخطر، وهي مواطن الابتلاء الأولى.

شكر نعمة السمع أن تسمع، وشكر نعمة البصر أن تبصر، وشكر نعمة العقل أن تعقل، وشكر نعمة القلب أن يحيا، وشكر نعمة الجوارح أن تعمل.. وهكذا..

وكفر نعمة السمع أن تصم، وكفر نعمة الصبر أن يعمى، وكفر نعمة العقل أن لا يعقل، وكفر نعمة القلب أن لا يحيى، وكفر نعمة الجوارح أن تقف وتكسل.

إذاً.. فالكفر هو ضد الشكر = التعطيل ضد التفعيل، وتبدأ بالنعم الأولية - من سمع وبصر وفؤاد - وتنتهي بالنعم الإضافية - من صحة ومال ومنصب وأكل وشرب -وقلنا سابقاً بأن الشكر (آخر الغايات وجماعها كلها)، لأن من وسائلها التقوى، والتقوى بنفسها غاية العبادة، والعبادة هي غاية خلق الجن والإنس، فالذي يرده منك الله - في آخر الأمر - هو تفعيل نعم الله عليك، أن تستخدمها كما يريد هو لا كما يريد شيخك أو مذهبك، هذا واجب الله عليك..

 أي كن إنسانا!

فالله خلق الإنس والجن لعبادته، وأمرهم بعبادته لتحقيق التقوى - وهو كف الأذى والعدوان - ليصل إلى مرتبة الشكر، وهي أعلى مرتبة..

 اي كن إنساناً.        

لذلك قال (إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعلقون)، نعم هؤلاء شر من يدب على الأرض، لأنهم أكثر الناس تعطيلاً = أي كفراً.. فافهموا.

هذه النعم هي أمانات عندك، فأحسن استخدامها (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون)، الله يريد منك أشياء لك أنت.. أن تكون مستخلفاً صالحاً..

الشيطان صرفك عن هذه المعاني لأنها تضيق عليه طرق الإضلال، فإذا أنت أصبحت ترى وتسمع وتعقل فكيف يستطيع جرك إلى الظلم والقتل والكذب؟!

الشيطان طمس معنى الكفر - كما طمس من قبل معنى الشكر - وصور لك أن الكفر هو عبادة الأصنام فقط! وإنما هذه بعض آثار الكفر، فلو لم يعطل لم يعبدها.

الله لا يقيم معركة مع أحجار، إنما يريد منك أنت أن تكون إنساناً كما خلقك، فإذا كنت إنساناً أسعدت نفسك وبني آدم وكنت فعلاً خليفته في الأرض. عبادة الأصنام هي أثر واحد من تعطيل هذه النعم، فإذا أنت انتقلت من عبادة الأصنام إلى عبادة المذاهب والسياسات - بالتعطيل نفسه - فما الفائدة؟!

انظروا أكثر النزاع والفساد في الأرض، من تقاتل وتباغض وكبر بالذات واحتقار للآخرين وانتهاك حقوق... الخ، كلها ترجع إلى تعطيل نعم الله عليك. انظروا إلى تركنا التفكر في الكون وفي عاقبة الذين من قبلنا (التاريخ)، هل حصل بغير التعطيل لهذه النعم؟

وهل ارتفع الغرب بغير التفعيل لها؟

والآن من الأكثر كفراً (تعطيلاً) نحن أم من نطلق عليهم الكفار؟

بلا ريب نحن أكثر تعطيلاً، ولذلك خربت علينا دنيانا وديننا، لأننا نعطل = نكفر.

رسالة القرآن عالمية، والنبي رحمة للعالمين، والله فوق ذلك رب العالمين، والذين خصصوا الله وكتابه ورسوله بنا هو أول كفر - لو تأملتموه - فتأملوه.

القرآن بهذا المعنى للكفر والشكر - دعك من البقية - ألا يجمع سكان الأرض على كلمة سواء؟

الكلمة تقول : فعّل نعم الله عليك، ارفع التبلد.. فقط.

من فعل نعمة الله عليه لم يقول إلا رب واحد خالق لهذا الكون، ومن فعّل التدبر سيعرف أن هذا القرآن مبارك، ومن عند رب العالمين، وهكذا..

لكن لماذا لا يجوز أن نقول للآخرين كفاراً؟ وإنما هم من الناس، من جملة الناس، لماذا؟

لأننا لم نتح لهم أن يعرفوا الإسلام، كفرنا منعهم من ذلك. لو ظهر أحد الغربيين واكتشف هذه المعاني من القرآن لقلنا له : هذا ليس شغلك.. أنت كافر ما نسمح لك.. ابن تيمية أعلم والأشعري أعلم.. الخ.

فنحن من يمنع الآخرين من (التفعيل دينياً) لكثرة كذبنا وسلوكنا ومتابعتنا لإفساد الشيطان لكل شيء - حتى اللغة - فاكتفوا بالشكر في تدبر المادة. ولما فعّلوا نعم الله في تدبر المادة فجروا لنا بركات هذه المادة، فكيف لو أتحنا لهم تفعيل النعم في تدبر القرآن؟ فالقرآن أعظم من المادة.

القرآن والنبي مسجونان في صندوق معاوية وأبي جعفر المنصور وهارون الرشيد..الخ، ولن يسمح السجانون بإخراجهما، لأن الشيطان هو الرئيس المطاع. والله نفسه قد ولى على هؤلاء والياً اسمه الشيطان

(يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)) [سورة ألأعراف]

فهل هؤلاء يؤمنون؟

كلا هؤلاء يكفرون بهذه المعاني - التي قلنا بعضها - فالشكر عندهم غير الشكر القرآني، والكفر غير الكفر، والإسلام غير الإسلام، والشرك غير الشرك.. وعلى هذا فهل هم (يؤمنون) أم (لا يؤمنون)؟

الجواب: هم لا يؤمنون بهذه الأمور القرآنية، إذاً فعقوبتهم من الله أن جعل الشيطان والياً عليهم! وما دام الشيطان هو الوالي فهل سيأمرهم بالإفراج عن القرآن وعن النبي الذي (يتبع ما يوحى إليه)؟

هل الشيطان مجنون إلى هذا الحد؟

الجواب: كلا.

إذاً ماذا سيفعل؟

سيقول: لقد بذلت جهداً كبيراً في قلب معاني هذا القرآن، ووضعت على رسولهم ما يتفق مع المعاني التي أريدها، فلن أفرط في هذا.

سيقول: أنا قائدهم من قرون، وتعبت حتى جعلت المسلمين كفاراً حقيقة، وتركت لهم التشدق باسم الإسلام، وهذا يكفيني، سأبقيهما مسجونين (القرآن ومحمد)، وكل من أراد إخراجهما من سجني فعندي حراس أمناء سيتولونه بالتكفير والشتم, وإن لزم فالقتل.. حراسي على السجن يطيعونني لأنهم (لا يؤمنون)! هؤلاء الذين (لا يؤمنون) قد جعلني الله والياً عليهم، أأمرهم فيطيعونيي..

أأمرهم بماذا؟

(بالسوء والفحشاء وأن يقولوا على الله ما لا يعلمون)!

فلذلك لم أجد مثلهم في السوء، ولا مثلهم في الفحش، ولا مثلهم في القول على الله ما لا يعلمون، رغم أن القرآن بين أيديهم! أليس هذا نجاحاً؟

كل آيات القرآن الكريم بلا استثناء تعني أن الشكر تفعيل، وأن الكفر تعطيل.. اعطوني آية واحدة تدل على العكس.. مع كثرة ما ورد من كلمة ( شكر وكفر)

مثال 1:

(فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)) [سورة آل عمران]

هنا الكفر واضح جداً، وهو التعطيل. ويعني أن الذي يستطيع أن يحج ولا يحج فقد عطل نعمة الجوارح.. والله غني عنه..

مثال 2:

 (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ(55)) [سورة النور]

هل سيكفر من يفعل ههذ النعم؟

كلا.

مثال 3:

(وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ(12)) [سورة لقمان]

والحكمة.. هل تُعطى من أمعن في تعطيل الحس والعقل والقلب أم تُعطى من فعّلها؟ لقمان كان شكورا.ً

مثال 4:

(وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ ۚ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (23)[سورة لقمان]

نعم.. من أغلق حواسه وعقله لم يشكرها!

مثال 5:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ۗ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254)) [سورة البقره]

أما عندنا فلا، الظالمون ليسوا كفاراً.. بينما الظالم لا يظلم إلا بعد تعطيل قطعاً...

مثال 6:

(إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا(151)) [سورة ألنساء]

هذا الصنف عرفهم الله بأنهم (الكافرون حقاً)، لا حظوا أنهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض! وهذا غاية الخبث والاستغلال، وهذا الكفر حقاً..

لماذا؟

لأنهم بهذا يجعلون الشرع شاهداً لهم حامياً لمظالمهم عبداً لأهوائهم، هم لم يكتفوا بالكفر به كليةً، وإنما أخضعوه لهم، فهو كفر مركب!

مثال 7:

(وَمَنْ لَمْ يَحْكمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)

لماذا؟

لأنهم يغطون على حكم الله، وهذه التغطية تعطيل..

كيف؟

لأن الذي يكفر بحكم الله يبغض حكم الله ويعانده، يكون هذا العناد نتيجة لسوء تعطيل القلب (الفؤاد) والعقل، وإلا فقد عرف حكم الله لكنه يعاند.

مثلاً:

إذا أتيت أحدهم وقلت له: لا يجوز لك أن تفتي بقتل الطائفية الفلانية لأن الله لم يبح إلا قتل كذا وكذا، تجده يكفر بهذا ويقول: قال فلان..

وإذا أتيت أحداً وقلت له: هل يجوز زواج الشيعي من السنية والعكس، فيقول: لا، فقد رفض حكم الله وعانده لأن مذهبه قال ذلك.. وهكذا.

والذين لا يحكمون بما أنزل الله ليس الحكام فقط، وإنما الشيوخ وأرباب المذاهب أيضاً، إلا من رحم ربك.. هم أصل الحكم بغير ما أنزل الله..

أعطيكم مثلاً:

الله حكم بالآتي (واعتصموا بحبل الله جميعاً)، فمن الذي يرفض (حبل الله) أكثر = وهي القطعيات العلماء أم الحكام؟

من؟

من الذي يجعل (حبل الله) هو حبل المذهب (في مصر – مثلاً - وعندنا في السعودية والشام والعراق ..الخ..)؟

من الذي يكره القطيعات؟.. الحكام أم العلماء؟

في مصر – مثلاً - حكام مصر أكثر تمسكاً بالقطيعات المشتركة التي تجمع المسلمين، سنة وشيعة وصوفية بل وأقباط، من الإسلاميين، بل الإسلاميون يرفضون.

وعندنا في السعودية.. من الذي يرفض المشتركات بين كل المذاهب (سنة وشيعة وصوفية وإسماعيلية ..) هل هم الحكام أم العلماء؟

من ضد ما أنزل الله أكثر؟

فالله يحكم بوجوب الاعتصام بحبل الله جميعاً وترك التفرق، وحبل الله ليس الدقائق المذهبية قطعاً، وإنما مشتركات القرآن قطعاً، فأيهما ضدها أكثر؟

ولكن الشيطان شاطر.. هو يدفع الذين هم أكثر كفراً (بالاعتصام بحبل الله) إلى تكفير من هو أخف ضرراً منه في تحكيم هذا الذي أنزله الله. بمعنى أن (تحكيم الشريعة) أصبح شعار الذين هم أبعد الخلق كافة عن ما أنزل الله (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، هذا من أوكد القرآن، وهذا مرتبط بالغايات الأخرى - غير الشكر - فله ارتباط بالتقوى (ترك الأذى والعدوان)، فمن رأى الاعتصام بالمشتركات توقف عن العدوان.. صح وإلا لا؟

فالقرآن خير للعالمين كلهم وليس للمسلمين فقط.. للعالمين! لكن الذين يكفرون بما أنزل الله ويحبون تفسير الشيطان يأمرهم الشيطان بالرفض المطلق!

في مصر والسعودية وكل الدول تجد الحكومات - رغم كل مظالمها ومساوئها - مع المواطنة التي فيها (الاعتصام وترك التفرق)، وتجد الإسلاميين ضده بقوة!.. إذاً فشعار (تحكيم ما أنزل الله) عند الإسلاميين هو بالضبط (تحكيم ما لم ينزل الله)، يدفعون في سبيل ذلك السجون والدماء والأموال، وليس غريباً..

لماذا ليس غريباً ؟؟

لسببين:

الأول: لأن الشيطان هو الوالي على الذين لا يؤمنون - كما ذكر الله - يأمرهم فيطيعون.

 الثاني: أنهم مستعدون للتضحية - كما في قوله - (وَالَّذِينَ كَفرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ)، نعم مستعدون - في سبيل الطاغوت - أن تزهق أرواحهم، فالشيطان له سلطة كبيرة.. سلطة الشيطان على أوليائه أقوى من سلطة الرسول على المؤمنين، الشيطان – لكبره - يحب تقليد الله نفسه الذي عنده ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم! لذلك لا تظنوا أن المعاندين لما أمر الله بالاعتصام به، لا تظنوا حماسهم إيماناً صحيحاً، هو إيمان قوي، ولكن بما أوحاه الشيطان من معانٍ وألفاظ!.. وكان الشيطان قد وضع لفظة عبادية بالشام أيام معاوية اسمها (الطاعة)، عقيدة الطاعة المطلقة دفعت ببعض الزهاد لقتل أهل بدر يوم صفين.

في سير أعلام النبلاء ( 4 / 12) في ترجمة الزاهد أبو مسلم الخولاني: {كان أبو مسلم يرتجز يوم صفين: ما علتي ما علتي.. أموت عند طاعتي!}

ها الزاهد الله وحده يعلم كم قتل من أهل بدر والرضوان.. فالطاعة المطلقة - التي اخترعها الشيطان - أصبحت عبادته، فهم يقاتلون في سبيل الطاغوت.

 

للإنتقال الى: الشيطان ... ألفاظه ومعانيه في التراث الإسلامي- معنى الإسلام. (الجزء الثالث) هنا.


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=928
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 10 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28