• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : مقالات وكتابات .
                    • الموضوع : الإسلام البشري (3) .

الإسلام البشري (3)

لا يظن مسلم أنه من السهل مقاومة الإسلام البشري، فالهوى والعصبية والغضب والخصومة والكبر وغيرها صفات عميقة التمكن من الإنسان، هي المحامل الرئيسة التي يحمل عليها الشيطان تشريعاته وزخارفه إلى عقل وقلب وفهم هذا المسلم السلطان، أو المسلم الفقيه، وهما أهم من يحرص عليهما الشيطان لأثرهما الكبير في التشريع.
بمعنى أن هذه الأخلاق هي الوسائط التي يحمل عليها الشيطان رسائله، ويرسلها إلى عقول السلاطين وقلوب أهل العلم، فإذا تمكنت هذه الأخلاق من الفقيه أو العقائدي مثلاً -مع قلة معرفته بنفسه- يكون لها الأثر البالغ على فتاويه وخصوماته وعقائده، فلا يفرق بين مراد الله وهواه، إذ إنه يضعف عن الفصل بين ما أرسله الشيطان إلى نفسه عبر هذه الأخلاق (مطايا الشيطان)، وبين شرع الله كما أراد الله ورسوله. والنتيجة أن الإنسان الضعيف العلم بالنفس البشرية، والضعيف العلم بقوة مكر الشيطان، يكون لقمة سائغة للشيطان، ويكون مستعداً -دون أن يشعر- أن يشرعن لنفسه ومذهبه وسلطته ومصالحه وغضبه وكبره وخصومته.. ثم يلصق كل هذا بدين الله وأمره، ويكون بهذا قد وقع في (شرك التشريع) وهو لا يدري. والإسلاميون في العصر الحالي ينكرون على العلمانيين والسلاطين المعاصرين (شرك التشريع)، لتطبيقهم القوانين الوضعية، ويرون -ومعهم حق- أن التشريع لله، لكنهم يرفعون شعار (تطبيق الشريعة الإسلامية)، وهم يريدون (تطبيق المذهب). وهذا في الغالب إيهام شيطاني، فالشيطان يزيّن لهم الأقوال ويحرضهم على فحش الأفعال، فكيف تكون مناداتهم بتطبيق الشريعة إيهام شيطاني؟ لأن (شرك التشريع) موجود داخل رؤيتهم لتطبيق الشريعة، فالشريعة التي يريدون مليئة بتشريعات الفقهاء والعقائديين، (والتشريع لله، ليس للفرنسيين ولا للمسلمين)، ومعرفة شرع الله تحتاج إلى مقدمات علمية واستعدادات نفسية لا يمتلكونها، فمعرفتهم (لشرع الله) كما يريد الله متعذرة تقريباً، في ضوء هذا الجهل الفاحش بالنفس البشرية الداخلية والمؤثرات والظروف الخارجية، فهذه النفس وتلك المؤثرات وذاك الشيطان لم يبقوا من الإسلام إلا الألفاظ. إذن فهؤلاء لم ينتبهوا لا هم ولا سلفهم إلى الإدخال الشيطاني المبكر (للإسلام البشري) إلى (الإسلام الإلهي)، ثم رعايته لهذا (الإسلام البشري) حتى طغى على (الإسلام الإلهي) وأصبحت له النسبة الكبرى في عقائد المسلمين وتشريعاتهم وسلوكهم. فالإسلاميون -الذين أعد نفسي واحداً منهم- يحتاجون قبل رفع شعار (تطبيق الشريعة الإسلامية) أن يتأكدوا أن ما معهم هو حقاً (شريعة الإسلام الإلهي) وليس خليطاً من (ألفاظ) الإسلام الإلهي مع (معاني) الإسلام البشري، الذي دشنه الشيطان عبر سيف السلطان وعقل الفقيه ونفسية الأيديولوجي وغلبة العامة.

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=110
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 09 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19