• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : إنه الموت! .

إنه الموت!



أحب ذكر ( الموت)؛ وعائلتي تعرف ذلك مني؛ وأجد في ذكر الموت عبرة وذكرى وعزاء؛ فهو آتٍ آتٍ؛ ولابد من التعامل مع ذكراه بإيجابية.
الموت له رسالة واحدة تقول:
حياتكم في الدنيا غرور ومرور.
الحياة الحقيقية اللانهائية هناك..فأعدوا لها عدتها؛ ولا تغتروا بزينة الحياة الدنيا.
انظر لنفسك في المرآة، قل لنفسك:
هذا أنت ستموت، هذا الوجه سييتناثر لحمه ويذهب بهاؤه، كن صريحاً مع نفسك؛ فهذا يساعدك على الاستهانة بزخرف الدنيا.
هذه النفس الإنسانية قصة طويلة جداً، ليست الدنيا إلا حصة اختبار، وحصة الاختبار ليست للأكل واللعب والفخر والكبر؟.. الخ
تخففوا من الأحمال تلحقوا.. الله خلق الموت والحياة لهدف أعلى، وهو الابتلاء، فافهم أن غاية الله من إتاحة فرصة الحياة المؤقتة وقطعها بالموت ابتلاء:

(تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)) [ألملك]

التفكر في الموت يساعدك على نفسك، ومن اعرض عن ذكر الموت فهو مغرور بالزخرف الدنيوي، والموت يأتي يومياً، فما أكثر العبر وما أقل الاعتبار!
حقيقة الموت، لأنها في معظمها غيب -اعني كيفية حدوثه والشعور به - فقد لفها الناس والوعاظ بقصص وخرافات واحاديث موضوعة وضعيفة يخوفون بها الناس..
هذه النفس البشرية لله، فيها سر ومشروع طويل، وللناس فلسفات وتفسيرات في مسيرة هذه النفس البشرية، من عالم الذر الى الحياة ثم الموت ثم الاستقرار.
هذه النفس الآدمية لم يسجد الله لها ملائكته إلا وله فيها سر عظيم، لا تظنوا المسألة حياة وموت وبعث فقط.
الكلمات الكبرى لها أعماق وتشعبات كثيرة، ذكرنا غاية الله في الموت والحياة؛ ألا وهي الابتلاء؛ فكيف يحدث الموت؟!
كيف يشعر الميت بالموت؟
هل يصح ما ذكر من بعض التهاويل والمواعظ ؟
الموت هو نوع من النوم تقريباً؛ هكذا يشير القرآن؛ تتعطل الأجهزة ويقل الشعور بالألم؛ وتصبح خروج النفس شبيهاً بالنوم:
(اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42)) [الزمر]

فأنت عندما تنام فأنت في موت جزئي؛ فلا تخاف من التهاويل التي يذكرها الوعاظ..احسن الظن بالله؛ وسلم أمرك إليه.
اعتبر نعم؛ ولكن اترك هلع المواعظ.
معظم أعمالنا واهتمامنا لهذه لحياة القصيرة جداً؛ غالباً لا نعمل للموت وما بعده؛ ٩٠ ٪ من اعمالنا لنعيش!
ثم ماذا؟
قل لنفسك: انت ترعى ابنك وتؤدبه وتعلمه لماذا؟
ستجيب: ليتعلم ويكوّن نفسه ويتزوّج ويعمل وينجح في الحياه.
السؤال: ثم ماذا؟
الجواب: الموت!
ثمّ ماذا؟
ثمّ الحياه الأبديه.
إذا فاعمل لتلك الحياه.
تخيل نفسك أغنى أغنياء العالم؛ تخيل أن معك ترليونات الدولارات؛ وأنه باستطاعتك اشتراء أي شي؛ والتمتع بكل شي؛ ولكن اسأل نفسك:
وماذا بعد؟!
انت مبتلى بالخير والشر معاً؛ يعطيك الله ليبتليك فيما أعطاك؛ ويحرمك ليبتليك فيما منعك؛ وقد ربط الله ذلك بالموت والمآل:

(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)) [ألأنبياء]

فإذا أعطاك الله مالاً أو مكانة أو نجاحاً أو منصباً فلا تفرح به كثيراً؛ لأن الخروج منه برضا الله أصعب بكثير من خروج الفقير بالرضا والصبر. وإذا رأيت ذي النعمة والمنصب والعطاء فلا تتمنّ ذلك؛ فالله اختار لك ما تطيقه؛ ولو لم تجنِ من ضيق حالك إلا قلة المحاسبة لكفى بذلك غنيمة.

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1012
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 01 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20