• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : هل يفلح قوم يتعمدون الكذب؟! .

هل يفلح قوم يتعمدون الكذب؟!


لمطالعة : تعقيبا على اصدار الاديب والباحث محمد علي المحمود كتابه (السلفيّة والتنوير)." على هذا الرابط




هناك فرق بين أن تنقل كذباً تتوقعه صدقاً؛ وأن تخترع كذباً؛ الأول قد يسمى وهماً؛ خرافة؛ ضعف عقل؛ والثاني كذب صريح؛ وأسوأ الوهم ما كان نتيجة من نتائج كذب سابق؛ فزواله أصعب من زوال الوهم الذاتي (أي الوهم غير المنقول)؛ ثم الكذب ضرره لا ينتهي على مدى الأزمان؛ فأنت إن صححت هذا الوهم الذي في عقل فلان - والذي أتى نتيجة كذب سابق - فإن هذا الوهم سيبقى عند آلاف؛ وربما ملايين آخرين؛ فالكذب لا ينتهي ضرره.
الكذب الصريح وشهادة الزور إذا خرجا من المتدين؛ فهذه هي القاصمة؛ والأبلغ من ذلك أن يحلف عليه كما يفعل كثير من الغلاة؛ أصحاب: والله، تالله، بالله!
ينقل الأستاذ محمد المحمود في كتابه (السلفية والتنوير)  قصصاً مرعبة عن تدين بعض السلفيين بالكذب وشهادة الزور تديناً..
اكتفي بنموذجين:
النموذج الأول : في موضوع منع مدارس البنات بجدة قديماً؛ ومنع دمج التعليم قبل سنوات اذ يقول :

http://store1.up-00.com/2015-03/1425893718751.jpg

النموذج الثاني حضرته بنفسي ورآه كل الناس سلفية وغيرهم؛ وهو تلك الأيمان المغلظة من مذيع قناة وصال على أمرين متضادين!

http://store1.up-00.com/2015-03/1425893923531.jpg

تعمد الكذب كثير- مع الحلف عليه إذا أرادوا -  له قصص وحالات كثيرة جداً فعلها رجال دين بتدين!؛ لكن للأسف أننا لا نستطيع توثيق إلا القليل. والكذب الذي نذمه هنا والذي هو موجود في بعض رجال الدين والحسبة؛ ليس ذلك الكذب الذي يمكن الاعتذار عنه؛ بأنه لخوف من ظلم ونحوه؛ بل هو اعتداء؛ بمعنى أنك قد تفهم من يكذب لدفع الظلم عن نفسه أو عن غيره من ظالم أو قاتل أو قاطع طريق.. الخ؛ لكن هذا النوع يكذب ليضر بالآخرين وليس مضطراً أبدا.
أيضاً لا نقصد ذلك الكذب الاجتماعي في المجاملات، من مدح أو اعتذار.. الخ؛ فهذا ضرره يسير وليس له قصد جرمي.
أما النماذج التي نقصدها فصارخة جداً؛ نقل التهمة إلى الآخر بأنه الكذاب لا ينفع؛ هذا أسلوب طفولي؛ عندك نموذج واضح؛ من يحلف بالله ثلاثاً أنه محايد؛ ثم يحلف بالله ثلاثاً أنه مخادع! وهذه نقطة أخرى من نقاط ضعف الغلاة؛ وهي أنهم لا يعترفون بخطأ؛ كالأطفال تماماً..
الطفل الشقي يكرر:
إلا أنت؛ إلا أنت..
حتى يكون آخر من ينطق!
والمتطرف لا يفهم القيود والضوابط؛ وهذه بلية ثالثة تجعله يعمم مالم تعمم؛ ويخاف من وهمه الذي توهمه من كلامك؛ فيرجع ويزمجر ويستعدي؛ ويكذب أيضاً! ولا يحمي الكاذبين إلا كذب إضافي؛ بأنه لم يكذبوا؛ أو أنك تريد وتقصد وتعني؛ أو أنك قلت كذا وكذا وأنت لم تقل!
الكذب ثقافة عامة للفئة الكاذبة؛ الفئة الكاذبة لا يمكن اختراقها اختراقاً قوياً؛ لأن الكذب قد ملأها بالأوهام والمخاوف والتصورات وسبق الظن؛ لذلك فهي محرومة من الصدق عقوبة لها؛ الكذب منظومة مغلقة قوية؛ لا تسمع الآخر ولا تراجع الذات؛ استطاعت أن تحافظ على نفسها من القرن الأول؛ ووجدوا من يومئذ (سماعون للكذب)! فإذا وُجد هؤلاء (السماعون للكذب) في ظروف نزول القرآن وحياة النبي صلوات الله عليه وعلى آله؛ فهل نطمع أنها ستتخلى عن الكذب وأهله؟!
الكذب وأهله ابتلاء من الله؛ ليختبرك أنت! أتخنار الكذب وأهله أم تكون مع الصادقين؟
مثل الشيطان تماماً لا يمكن أن تزول فتنته إلا يوم يبعثون!
لذلك نصيحتي أن تطرد الكذب وترده وتبغضه؛ وتجاهد نفسك على الصدق والعدل والشهادة لله
وتكون مع الصادق؛ ولو فيما تعرف أنه قد صدق فيه على الأقل؛ أما أن يأتيك كذب مصنوع أمامك ومحلوف عليه بالأيمان المغلظة ثم تتعامى وتراه أمراً يسيراً أو جهاداً يستحق الكتمان وحب أهله؛ فهذه فتنة عظيمة.

سأكتب لاحقاً عن الكذب وضرره قرآنياً ولماذا لعن الله الكاذبين؛ وهل يشمل هذا النوع من الكذب - الملعون صاحبه - كل أنواع الكذب أم أنه خاص في بعضه؟
والمرتكبون للكذب الكبير يضخمون الكذب الصغير الذي يفعله الطفل والمعتذر! فتراهم يبشرون الكاذبين الصغار بالنار ولو طفلاً! ويمدحون الكبار! فترى الكذابين الكبار إذا كذب طفل يقولون له "تكذب؟! قد يدخلك النار!" مع أن الطفل غير مكلف أصلاً!
بينما يحبون من يكذب على الله ورسوله والأمم!
.

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1054
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 03 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16