• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : لن يفسد هذه الأمة إلا بما فسد به أولها؛ الخبيث والطيب لا ينقطعان لسنة التمحيص .

لن يفسد هذه الأمة إلا بما فسد به أولها؛ الخبيث والطيب لا ينقطعان لسنة التمحيص




لن يُصلح هذه الأمة إلا بما صلح به أولها؛ ولن يُفسد هذه الأمة إلا بما فسد به أولها؛ الصلاح والفساد يسيران منذ بدء الخليقة؛ لم يخلُ منهما زمان؛ الأمة؛ حتى في وجود الأنبياء لا تخلو من الفساد والنفاق والشك ومرض القلوب؛ ولا ينقطع؛ والنصوص القرآنية في ذلك واضحة مثل:
(مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179) [آل عمران]
لاحظوا أن الله في الآية لم يٓعِد بالقضاء على الخبيث؛ وإنما وعد بتمييزه فقط؛ بمعنى أن الطيب والخبيث سيبقيان لابتلاء الناس وتمحيصهم؛ وتمييز الله للخبيث بعلامات فيه تكون بينة واضحة؛ وقد تخفى هذه العلامات على الصم البكم الذين لا يعقلون؛ هم المسؤولون عن صممهم وعماهم. أما لو تكفل الله بإزالة صممهم وعماهم فهذا يعني الإجبار على الهدى؛ والله لا يجبرك على هدى ولا ضلالة؛ يجعل علامات لمن أراد أن يبصر؛ لمن أراد فقط.
ولذلك فأنت؛ كإنسان أو كمسلم؛ مسؤول عن هذا السمع وهذا البصر وهذا الفؤاد؛ أودع  الله هذه الأمانات فيك وأنت مسؤول عنها:
(وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) [ألأسراء]

ملحوظة:
النصيحة عامة لكل المسلمين في كل الأوقات؛ لا يجوز توظيف هذا الكلام ولا إسقاطه كيداً ومكراً للإضرار بأحد؛ وسوء التوظيف نتيجة سوء تفعيل.
سوء التوظيف ورغبة الاعتداء والشهوة في إلحاق الضرر بالآخر هو نتيجة طبيعية لسوء سابق في سوء توظيف السمع والبصر والفؤاد؛ ظلمات بعضها فوق بعض!
إذا سمح الإنسان لنفسه بظلم نفسه (في تعطيل سمعه وبصره وعقله وفؤداه) قاده هذا الظلم إلى ظلم الآخر في دعوته إياه لتعطيل سمعه وبصره وعقله وفؤاده.
لذلك نجد بعض الذين يقولون (تب إلى الله) يقصدون أن تتوب من العدل إلى الظلم؛ ومن الصدق إلى الكذب؛ وهكذا؛ هذا هو الضلال البعيد؛ ولم يأت عبثاً.
الضلال البعيد أول ما يخطط له الشيطان بالعجلة؛ فإذا استعجلت في التصديق والتكذيب والتلقي والهجران تتشكل ثقافتك؛ ثم هي تحارب ما يضادها بشراسة؛ وتحمل الثقافة الشيطانية في داخلها ما يحميها من أي اختراق لهداية الله؛ كالكبر مثلاً؛ فهو أفضل معقم للثقافة الشيطانية؛ فلا تراجع ولا شك.. الخ.
الثقافة الشيطانية التي تشكلت نتيجة عجلة أولاً؛ ثم قبول للكذب ثانياً؛ تكون أكثر حماساً؛ ثم يتم حمايتها بالكبر المانع من الشك في الخطوات الأولى! وتبقى العجلة أيضاً من موانع المراجعة والشك والتثبت؛ رغم وضوح الخلل؛ فالنفس العجولة كسولة؛ يؤلمها كثيراً المراجعة خوفاً من احتمال خطأ البداية! فإذا اكتشف السائق الكسول بعد ١٠٠٠ كيلو متر أنه في الاتجاه الخطأ؛ فإنه يحب أن يقنع نفسه أنه مازال في الطريق الصحيح! وهذا حال هذه الأمة جملة؛ بينما العاقل لا ينطلق من المحطة الأولى إلا بعد معرفة يقينية بصواب البداية؛ والمحطة الأولى التي استعجل فيها المسلمون هي القرآن؛  فهل يعودون؟
يجب أن يعود المسلمون لمحطتهم الأولى؛ وينطقون منه؛ من ثقافته وهداه ونوره الكاشف الممحص لكل حديث وعقيدة؛ هذه العجلة بإهمال القرآن الكريم والشغف بما هب ودب من المرويات وأقوال الناس هو الذي أوردنا موارد النزاع اللا متناهي والعمى الدائم.

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1091
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 04 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 22