• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : أين المحور الثالث؟! .

أين المحور الثالث؟!



                            أين المحور الثالث؟!



المحور الثالث؛ الذي فيه كشف غايات القرآن وغلبة النفاق معاً؛ وهو محور حاسم؛ هذا المحور يرفع القرآن فوق الروايات وشرعنة التاريخ؛ محور يتلمس بدايات الالتفاف على الإسلام من أيام النبي نفسه؛ وكان القرآن والنبي يواجهانه.


الشيطان يشتغل على محورين:
الأول : أن التطرف وداعش هو الإسلام الحق.
الثاني : أن الإسلام دين باطل بسبب هذا التطرف!
والغريب أن المحورين متفقان بأن هذا هو الإسلام؛ داعش من جهة؛ والأخ رشيد وغيره من الجهة الأخرى. الكل يقرر أن هذا هو الإسلام؛ فهل من محور ثالث؟
المحور الثالث موجود؛ لكنه غريب وغير مرحب به؛ وهو كشف الثقافة النفاقية التي أمدت داعش ورشيد بنظريات وتفسيرات للنصوص وأعمال وتاريخ على الأرض؛ المسلم تم وضعه بين داعش ورشيد؛ إما هذا أو هذا؛ إما أن يتطرف أو يكفر؛ لا خيار ثالث له؛ هكذا أراد الشيطان وثقافته النفاقية؛ وعمل على هذا من قديم؛ المحور الثالث هو الكفيل بصد داعش ورشيد؛ أو تخفيف وطأتهم على الأقل.
المحور الثالث؛ الذي فيه كشف غايات القرآن وغلبة النفاق معاً؛ وهو محور حاسم؛ هذا المحور يرفع القرآن فوق الروايات وشرعنة التاريخ؛ محور يتلمس بدايات الالتفاف على الإسلام من أيام النبي نفسه؛ وكان القرآن والنبي يواجهانه.
المحور الثالث لا تجهله داعش ورشيد فقط؛ بل الجميع متواطيء على هجر هذا المحور؛ وعدم بحثه والتشنيع على من حاول إحياءه والتنبيه عليه؛ الجميع ضده؛ رغم أن أدلة هذا المحور صحيحة ومتواترة؛ قرآناً وسنة؛ ولكن لا يريده أحد؛ فقد يطعن في رموز! أما الطعن في الإسلام والنبي فهو عندهم أخف وأسلم!
الجميع متفق تقريباً - من داعش لرشيد مروراً بالجهلت الدينية والعلمائية - على ضرورة تحميل الإسلام المسؤولية وألا يتحملها المسلمون!
المحور الثالث له مفاتيح لا يتلفت إليها أحد؛ مثل غايات القرآن؛ وكشف الثقافة النفاقية؛ ونسبتها للقرآن تفسيراً وللنبي وضعاً؛ ما يحصرهما في داعش.
غالية القرآن لا يعرفها أحد؛ عالمية القرآن لا يعرفها أحد؛ حرية المعتقد لا يؤمن بها احد؛ الشيطان والنفاق والثقافة النفاقية لا يعترف بها أحد.. الخ؛ المحور الثالث يتيم ومغمور؛ وإن كان قوياً بالقرآن وبعض السنة التي فلتت من ثقافة النفاق؛ التي التفت مبكراً على القرآن بالأحاديث والاعتباط؛ ثقافة النفاق بدأت مبكراً؛ من أيام النبوة؛ وكان لها عملها الثقافي الموازي للنبوة؛ والمزاحم لها والمزايد عليها؛ ثم نسب إليها فيما بعد كل قبيح؛ هذا المحور الثالث شاق جداً؛ فالجميع ضد هذا التفتيش عن أسباب البلاء؛ لأن الشيطان ضد هذا ايضاً؛ وقد حشد المتناقضين لمهاجمة هذا المحور وإماتته؛ وهذا المحور هو الوحيد القادر على المواجهة؛ واكتشاف الإسلام الأول؛ وكشف خصومه - من المنافقين والسماعين لهم من الصالحين - لكن عبادة الرموز غلابة.
كان للمنافقين نشاط كبير على الأرض؛ ثقافة مضادة للقرآن والنبوة؛ ويشترك فيها الرجال والنساء؛ ولكن لا يعرفه ذلك أحد!
(الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) {ألتوبه}

هذا آخر النبوة؛ وكان لهم في أول العهد المدني ثقافة مماثلة؛ سماها الله (إفساد في الأرض)؛ وليس المقصود إفساداً مسلحاً:
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ (12) {ألبقرة}

وكانت لهم أحلاف مع اليهود ومشركي قريش؛ يحبون اليهود ويأخذون عنهم؛ ويسرون بالمودة لكفار قريش لأجل أرحامهم ومصالحهم:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ ۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) {الممتحنه}

(هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119) إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ۖ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120) {آل عمران}

قصة كبيرة يثبتها القرآن؛ ولا يلتفت إليها أحد؛ وهي المنفذ الوحيد والعلمي لرصد ما ألصق بالإسلام ونبي الإسلام من تشويه واستيلاء على المفاهيم؛ هذا المحور الثالث هو الكفيل بإيقاف الزحفين؛ زحف داعش؛ وزحف الإلحاد؛ ولكنه محور شاق؛ والأبحاث فيه شبه (صفر)؛ باستثناء بيان القرآن وكشفه له.
لو جمعنا ما ذكره القرآن عن المنافقين وثقافتهم وتأثيرهم؛ لكان مذهلاً؛ فهل يضخم الله الأمور - تعالى عن ذلك - أم يخبر بصدق؟ فكيف ببقية الأحلاف؟!
الأحلاف الأخرى بينها القرآن أيضاً؛ كأكثر أهل الكتاب والأعراب والمتربصين والسماعين لهم؛ ومن يعبد الله على حرف؛ والظانين بالله ظن السوء الخ؛ كما بينت السيرة فئات أخرى؛ كطلقاء قريش وعتقاء ثقيف والمهاجرين لدنيا يصيبونها وأصحاب الدبيلة الخ
من سيبقى على الهدى والإيمان المطلوب؟ ثم هل لهذه الفئات دور ثقافي في تفسير الدين والنبوات؛ والاعتساف في الاستدلال؛ أو وضع الكذب على النبي وسيرته وخلقه وتقواه ومعرفته الخ؟ أم لا؟
من الذي يضمن لنا بأنه لا دور لهم في زحزحة معاني الألفاظ القرآن؟ وتقييد عالميته وفطريته؟ من الذي يضمن أنهم لم يشوهوا سيرة النبي وعلمه؟ لماذا تتصور أن الجيل الذي عاصر النبي ورآه كانوا النموذج؟ مع ما تقرأه من هذه الآيات المضادة لاعتقادك؟ والمكثفة عن أخطار فئات كثيرة منه؟ من الذي صرفك عن هذه الآيات؟! من الذي هوّنها في نفسك ؟ من الذي أشعرك بأن هذه الآيات لا تتناول إلا أفراداً لا أثر لهم ولا يسمعهم أحد؟ ألم تقرأ قصة أصحاب موسى؟ أليسوا بشراً؟ ألم يروا الآيات الحسية؟ ألم يعبدوا بعدها العجل وتقسو قلوبهم؟
ليس بالضرورة أن تقيس على نفسك؛ بعض الناس؛ لأنه مؤمن؛ فهو يتوقع أنه لا يمكن لجيل عاصر النبي أن يكون فيهم منافقين ولا متربصين ولا مخادعين؛ لا تقس على نفسك؛ صدّق القرآن تتعلم.
والخلاصة: من أراد إيقاف زحف داعش والإلحاد فعليه تفعيل هذا (المحور الثالث)؛ ولا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.
والسلام.

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1193
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 07 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29