• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : لنفهم الغلاة ... وننصفهم! - الجزءالثاني - .

لنفهم الغلاة ... وننصفهم! - الجزءالثاني -


                    لنفهم الغلاة ... وننصفهم!

                                            الجزءالثاني

لمطالعة "لنفهم الغلاة ... وننصفهم! - الجزءالأول -"على هذا اللرابط «««

ذكرت في الجزء الأول، أنني أدخل أحياناً (حسابات لبعض الغلاة) وأحاول أن أفهمهم حتى أنصحهم بما استطعت؛ وذكرت أن لهم عالمهم الخاص؛ ويرون أنفسهم على حق مطلق وعقيدة صافية؛  وأنه يجب أن نفهمهم وننصفهم بأن مرادهم الحق ولكن أخطؤوه. والتناصح حق وواجب.
وفرقت في "الجزء الأول" بين زعمائهم الذين يصعب أو يستحيل هدايتهم؛ وبين العامة - وهم جمهور كثير- الذين تنقصهم المعلومة؛ وقصرنا في التخاطب معهم؛ وأرى أنه لا يجوز مطلقاً أن نتهمهم بالمكابرة قبل أن نعطيهم البديل؛ لأنهم يحسبون أن ماهم عليه هو رضا لله ولرسوله؛ ولهم أدلة وحجج يعتقدونها.
كبار الغلاة يحتاجون لمناظرات علنية تكشف تكبرهم وعصبيتهم؛ أما العامة؛ فيحتاجون لأسلوب آخر واستعراض حججهم والرد عليها بعلم؛ لا تسفيه فيه ولا تكبر؛ العامة من الغلاة؛ قد يكون منهم ابني وابنك، وأخي وأخوك، وصديقي وصديقك؛ أتاهم الغلو والتطرف من (المعلومة الخاطئة)؛ لا من الكبر والهوى في الغالب؛ والغلو مستويات وأنواع، لا نحشر الغلو في فكرة واحدة؛ ولكن الغلو الذي يهمنا أن يتخلصوا منه هو فيما يخص (الجنايات = اعتداء، ظلم)؛ وليس الأفكار.
والغلو موجود في كل المذاهب، فلا أخصص مذهباً دون آخر؛ إلا أنه؛ بحكم احتكاكي بمجتمع سلفي، فأصدقكم القول بأن معظم الأمثلة التي سأذكرها هي منهم؛ بمعنى؛ أن الإنسان يشعر بمحيطه أكثر؛ والأمانة أن يتحدث فيما يعلم ويحس به ويستطيع فهمه؛ وإلا؛ فأنا أعلم أن الغلاة في كل مذهب ودين وتيار .. وعندما نقول غلاة السلفية/ غلاة الشيعة/ غلاة الصوفية ..الخ؛ فهذا يستلزم أننا نقصد فئات مخصوصة  داخل المذاهب؛ ولا نعمم الغلو على سنة ولا شيعة..
ومن البداية نذكر بأن الشهادة لله؛ ليست لسنة ولا شيعة ولا مسلمين ولا غير مسلمين ... الخ؛ لكن؛ أحب شهادة المسلم على الأقربين دون الأبعدين؛ لماذا؟ لأن التركيز على ذم الأبعدين - وفي الأقربين مثلهم - قد يحول الشهادة من أن تكون لله، إلى أن تكون للمذهب وللانتصار الشخصي وللفخر وحب المدح الخ..
نعم؛ في الجانب الجنائي (اعتداء ظلم ..) يجب أن تدين الجريمة ممن أتى بها؛ وخاصة في الجرائم الظاهرة التي تستطيع أن تعرف أنها حقيقة وليست مفتراة.
حتى لا أطيل؛ أدخل بعض الحسابات المتطرفة (من العامة)؛ وأغلبها حسابات بأسماء مستعارة، وقد يتناولونني بكثير من الذم؛ ومن حقهم علي التحاور معهم؛ ولعل أكثر ما يذمني به أصحاب هؤلاء الحسابات، ذلك الموضوع الأبدي وهو (أن الرجل - يعنون أنا - يكفر الصحابة ويسبهم)؛ ورغم توضيحاتنا الكثيرة؛ لكن لا أجد لتلك التوضيحات أثرها المتوقع، ربما لأن حملة (الرموز = رموزهم) عليّ كبيرة وواسعة؛ ولهم منابرهم وجمهورهم الذي يردد دون تبين وتثبت.
بكل اختصار وشهادة لله أقول: هذا كذب، غير صحيح؛ لا نكفر الصحابة ولا نسبهم؛ وإنما نذم من ذمته النصوص الشرعي أو سيرته السيئة.
اللهم هل بلغت؟!
طبعاً أنا الآن أتحاور مع العامة الطيبين، وأصحح لهم (المعلومات الخاطئة)؛ لأنني أرى أن ظلمهم ناتج عن تلك المعلومات؛ لا عن سوء نية؛ وسأذكر حججهم؛ ولكن؛ قبل أن أستعرض حججهم ضدي وجوابي عليها؛ قد يقول البعض: وما علاقة هذا بالغلو المنتج (للجنايات) كما تقول؟ إنما هي أفكارهم في تقييهم لك وهذا فكر.
والجواب: أنا لا أستهدف من يختلف معي ويكون رأيه فيّ سلبياً؛ ففي الأخير أنا أؤمن بحرية الرأي وواسع الأفق؛ لكن؛ أقصد فئة ترى الجناية بسبب الفكر؛ أي فئة من أصحاب الحسابات يرون شرعية (الاعتداء عليّ) ويطالبون الدولة بسجني أو قتلي أو نحو ذلك ... فهذا الغلو ينتج (جناية = اعتداء، ظلم..الخ)؛ أما المفكرين المعتدلين الذين يرون أنني قد أسات (للصحابة أو لبعضهم)؛ دون أن يقولوا: للدولة اسجني واقتلي... فهذا رأيه وهو حر، ولست فوق التقييم..
ايضاً؛ أنا لا استهدف الغلاة خوفاً من سجن أو قتل، إنما رحمة بهم من أن يتحرقوا على أمر وهمي لا وجود له؛ ولظنهم أن من رضا الله قتل هذا وسجنه؛ لذلك؛ فحواري معهم، أرى والله أعلم أنه من واجبي؛ حتى وأن كانت معظم شخصياتهم مجهولة، لكن؛ هم عندي أفضل من كبار الغلاة الذين يفترون ولا يواجهون.
وأقول للعقلاء العارفين بي وبآرائي:
لا تقولون: "هذا موضوع قد أوضحته وقد مللنا منه..." ؛ فهذا اتضح لكم أنتم؛ لكن من حق الآخرين أن تتضح لهم الصورة..
بمعنى؛ أنهم إن كرروا الأوهام عني وجب التصحيح مني؛ وهنا أوصي أخواني هؤلاء أن يتتبعوا هذا التوضيح، وهو حجة عليهم وعلي ؛ والتوضيح سأذكره في نقاط:
1-من زعم لكم أني أكفر الصحابة أو أسبهم - هكذا !!-  فقد كذب، واجعلوا لعنة الله على الكاذب؛ مني أو منهم.
2-افهموا مذهبي أنا كما أعتقده وهو: أني إنما أذم أحد شخصين: إما شخصاً ذمته النصوص الشرعية - سواء كان صحابياً أو غير صحابي - أو شخصاً ساءت سيرته؛ فأجعل الشرع حكماً عليه؛ لا أنا. فقط.
3-ليس هناك تكفير للصحابة ولا سب لهم أبداً، وإذا كنتم صادقين فانقلوا لي ذلك التكفير وذلك السب ، وافهموا كلامكم جيداً (تكفير الصحابة وسبهم).
4-إذا أنا حكمت على فلان من الصحابة بأنه منافق أو ظالم، فهذا لا يسمى تكفيراً للصحابة ولا سباً لهم، إنما يجب عليكم أن تنظروا دليلي وتناقشوه.
5-ثم؛ على افتراض أني كفرت بعض الصحابة؛ فهذا لا يسمى تكفيراً للصحابة؛ قولوا كفر فلاناً أو ذم فلاناً ... لا تعمموا؛ ثم انظروا؛ هل معي دليل أم لا.
6-أنتم؛ الواجب عليكم التصحيح، وليس أنا. أنا فيما أرى - حتى الان - أؤمن بالكتاب كله، بالسنة كلها، بينما رموزكم يخدعونكم في الإيمان ببعض دون بعض.
أواصل التوضيح.. يجب عليكم - مثلاً - أن لا تجعلوا صحابياً مسيئاً هو كل الصحابة؛ ولا نقده بالحق هو سباً له..
فقط!
الموضوع سهل جداً! وسأذكر لكم الأمثلة:
أعطيكم مثالاً: لو أن أحدكم ذم أحد الكويتيين أو السعوديين مثلاً.. فهل ترضون أن تقولوا: أنه سب الكويتيين أو السعوديين ؟
هذا  التعميم كذب وظلم.
قد تقولون: لكن أنت ذمك أعم، فقد ذممت قسماً كبيراً من الصحابة؛ وقلت عنهم أنهم من (الخبيث) و(أنهم يقولون ما لا يفعلون) وأنهم (متربصون) الخ؛  أقول لكم: بالله عليكم؛ هل أنتم جادون في هذا الكلام؟ أنا من ذممت بعض هؤلاء الفئات أم القرآن الكريم؟؟ من الذي خدعكم وقال لكم أني قائل لا ناقل؟!
بمعنى، إذا أنا نقلت آيات كريمة ، وقلت بمضمونها، فهل أنا مبتدع أم متبع؟ هل تريدون الكفر بها لأرضيكم وأرضي شيوخكم؟ الخلل عندي أم عندكم؟
قد تقولون: ولكن الحديث يقول (لا تسبوا أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل جبل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه).
قبل جوابي تدبروا أنتم ما تقولون؛ فهل أنتم تقصدون بهذا الحديث، أن ننكر آيات القرآن؟ أم ماذا؟ فهموني- أنا لم أفهم - هل تقصدون  أن الحديث يجب أن يطمس آيات الكتاب؟ هل هذا مرادكم؟ قطعاً ستقولون: لا، نعوذ بالله من ذلك.
أقول: إذا ما الحل؟
لابد أن فسروا الحديث بما لا يخالف القرآن الكريم؛ وإلا؛ فالقرآن أولى من الحديث.  بمعنى، يجب فهم الحديث فهماً صحيحاً.
قد تقولون: وكيف نفهمه فهماً صحيحاً؟
الجواب: افهموه بما لا يتصادم مع القرآن الكريم؛ فالنبي لا يخالف القرآن.
طبعاً أقول هذا لكم من باب التنزل مع الخصم؛ وإلا فكان الأولى بالجواب أن أقول لكم: دعونا نعرف (ما ذكره القرآن في الموضوع)؛ ثم نذهب للأحاديث..  وهذه أول فائدة يجب أن تستفيدوها؛ لا تخلطوا الأمور؛ رتبوا عقولكم واستدلالاتكم؛ ابدءوا بالقرآن واستيفاء ما فيه ثم اذهبوا للحديث واستفاء ما فيه؛ ثم اذهبوا لأقوال الصحابة أنفسهم واستيفاء أقوالهم في الموضوع؛ ثم التابعين واستيفاء أقوالهم.. الخ؛ ستجدون كل هذا ضد فهمكم لهذا الحديث.
صدقوني؛  ربما بعض من تحبونهم - من الشيوخ والرموز  ..الخ - يقولون بقولكم، ولكن؛ هل يستطيعون الإجابات على أسئلتكم؟! وخاصة فيما يتعلق بتعارض فهمهم مع القرآن؟!
لا تظنوا أنني أهرب من الأحاديث؛ أو أنكر ما صح منها؛ كلا ، وسترون عند مناقشتها حقيقة هذا القول؛ لكن؛ ما الذي يضركم لو تبدءوا بالقرآن أولاً ؟ لماذا الهروب بسرعة من القرآن للأحاديث ؟ هل الأحاديث فوق القرآن أم القرآن فوقها؟
وبعضهم يهرب لأقوال بعض العلماء؛  فهل هم فوق القرآن أيضاً؟
أنا متأكد أن كلكم سيقولون: لا، نعوذ بالله من أن نعتقد أن عالماً فوق القرآن؛ أو أن النبي يخالف القرآن..
إذاً؛ فلماذا العجلة؟ لماذا الخوف؟
صدقوني؛ سنأتي للأحاديث وأقوال الصحابة والتابعين، بل والعلماء - علماء المذاهب السنية خاصة - ليست كلها على فهمهم أبداً؛ نعم؛ بعض العلماء قريب منكم؛ المهم عندي الآن أن تفهموني وأفهمكم؛ وأن أساعدكم في رفع الأوهام التي في عقولكم عني؛ تهمة تهمة؛ ولكن؛ أنا أحب أن نرتب عقولنا ونهدأ لنفهم بعضنا.
طبعاً التهمة الأولى؛ وهي (تكفير الصحابة وسبهم)؛ أنتم تعرفون أنها باطلة؛ وأنتم تعرفون أنني أحب بعضهم على الأقل؛ كعلي وعمار وأبي ذر وحذيفة الخ؛ والخاصة منكم يعرفون أن معظم أهل بدر والرضوان والتابعين لهم بإحسان هم أيضاً محل ثناء وإجلال مني.. قلت(معظم) لأن القليل منهم سيكون محل حوار.  وربما لا يعرف أكثركم أن لي أبحاثاً وتراجم للصحابة؛ طبقة طبقة؛ وأحصيت السابقين ومهاجرة الحبشة وأهل بدر في تراجم مطولة؛ وقد لا تعرفون عنهم شيئا..ً!

لتحميل كتاب "الصحبة والصحابة- بين الإطلاق اللغوي و التخصيص الشرعي" على هذا اللرابط «««
رابط اخر لكتاب "الصحبة والصحابة- بين الإطلاق اللغوي و التخصيص الشرعي" على هذا اللرابط «««
رابط لبحث"الطبقة الاولى من الصحابة (Pdf) -:" على هذا اللرابط «««
رابط لبحث"الطبقة الثانية من صحابة العهد المكي" على هذا اللرابط «««
رابط لبحث"ا. الطبقة الثالثة من صحابة العهد المكي" على هذا اللرابط «««

بمعنى؛ سيظهر لكم في آخر الحوار - لو طال - أن الصحابة الذين أثنى الله عليهم في كتابه وأرادهم بالثناء هم مترجمون عندي وحصون بالأسماء بقدر طاقتي؛ وربما تكتشفون في نهاية الحوار أنني أنا من أدافع عن الصحابة لا أنتم؛ دافعت عنهم ضد من قتلهم ولعنهم وهضمهم حقوقهم ومنعهم الفيء  الخ؛ لكن؛ أنا أطلب منكم فقط ألا تستعجلوا؛ حتى تفهموني وأفهمكم؛ وستبقون لا تفهمونني مادام أنكم تنقلون في ّ أقوال خصومي؛ كن كالقاضي؛ يسمع هذا هذا؛ حرصي عليكم ليس خوفاً منكم ولا طمعاً في ما عندكم؛ وإنما يؤسفني أن ترتكبوا الآثام يومياً بسبب أوهام غير صحيحة؛ بسبب أكاذيب وعجلة وتحامل وأحقاد.. بمعنى، أنني أريد انتشالكم من الوهم؛ أخشى عليكم وعلى نفسي من الإثم؛ وساقوم بواجبي في البيان؛ ليس عليّ إلا البلاغ والتوضيح فقط؛ وذنبكم على جنبكم.
الواقع هو: قد أذم متأخرين ممن ترون أنهم صحابة؛ وترون أنه ورد في فضلهم كذا وكذا؛ أنا اقول لا؛ لم يصح في فضلهم كذ وكذا؛ وإنما صح في ذمهم كذا وكذا؛ هذا لب الخلاف؛ وبعده تأتي دراسة أدلتي وأدلتكم؛ أي؛ هل الذي معي صح أم الذي معكم؟
نعم؛ هناك سابقون ننقد بعض أفعالهم لا أشخاصهم؛ وبالنصوص لا بالهوى.
إذاً؛ فالصحابة - من السابقين ومهاجرة الحبشة ومهاجرة المدينة والأنصار وأهل بدر والرضوان وصالحي من تبعهم - أنا من أدافع عنهم وأذم من ظلمهم؛ لا أنتم؛ لكن؛ هذه النتيجة لن تعرفوها إلا في آخر البحث؛ لذلك؛ أطالبكم وأطالب نفسي بالتعوذ من الشيطان؛ وأن نبدأ بالموضوع مسألة مسألة؛ لأن الركام كبير وصعب.
إذاً؛ نعود ونقول ونكرر للحجة عليكم: لا نكفر الصحابة؛ لا نسب الصحابة؛ ونعرف من نزلت النصوص بمدحهم؛ ونذم من ذمته النصوص؛ كلا؛ الأمرين اتباع للنصوص.
إذا كنت أخدعكم فالله حسيبي؛ وسيحاسبني على خداعكم؛ وإذا كنتم متكبرين لا تسمعون ما أوضحه من بيان (المعلومات الصحيحة)؛ فالله سيحاسبكم على هذا الكبر..
أقصد بالمعلومات الصحيحة عني أنا بالدرجة الأولى؛ فأنا أخبر بنفسي وبما أعتقده؛ وأنا لا أحب التقية بين مسلمين ولا أؤمن بها؛ لكن أحاول لطف العبارة.
نعود ونقول: الصحابة لفظة عامة، وليست لفظة قرآنية؛ فأول نصيحة لكم أن تكون ألفاظنا (قرآنية) حتى نعرف مدلوها من القرآن؛ كالمتّبعين مثلاً؛  فهل تستطيعون أولاً أن تجعلوا مكان كلمة (صحابة) كلمة (متبعون) أم لا؟ هل هو صعب عليكم؟
حسناً؛ أنا سأستخدم كلمة (صحابة وأصحاب)؛ لا مشكلة؛ مع أني أرى أن التفريط في اللفظ القرآني لا داعي له؛ فالله قال {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ} ولم يقل (صَحِبك)! فالتفريط في ألفاظ القرآن المباركة، أدى إلى ظهور ألفاظ بديلة لم يخترها الله؛ والله أعلم باللفظ المبارك واللفظ الأقل بركة واللفظ المضر الخ؛ والقرآن متواتر اللفظ؛ وليس كالأحاديث؛ فالأحاديث مروية بالمعنى - هذا إذا سلمت من الضعف والبتر والزيادة  -أهل الحديث يقرون بهذا ولا ينكرونه؛ وعلى هذا؛ فحديث مثل (لا تسبوا أصحابي)؛ قد روي بألفاظ أخرى؛ مثل (دع عنك أصحابي يا خالد)؛ و ( إياك يا خالد ورجل من المهاجرين)؛ وهكذا؛ والواقعة واحدة؛ فإذا اشتهر حديث بلفظ  معين، فأنت لا تضمن أن هذا اللفظ هو الذي لفظه رسول الله؛ وإنما ترجح أو تظن، والظن لا يغني من الحق شيئاً.
حرر البداية.
أنت عندما تريد السفر إلى مدينة، فأنت تتأكد قبل السفر، أين هي ، وفي اي جهة، وكم المسافة ...الخ؛ كل هذا قبل السفر، وهذا من العقل.
حرر البداية.
صدقوني؛ لو سألتكم هؤلاء الشيوخ الذين تجلونهم سؤالاً واحداً في هذا مثل: لماذا لا نقول (المتبعون للنبي) بدلاً (من أصحاب النبي) لما أقنعوكم! فإذا قالوا لكم: لأن الحديث ....قولوا: ولماذا نهجر ألفاظ القرآن؟ وإذا قالوا : لأن السلف.. قولوا: وهل هم أولى من القرآن؟
وهكذا ..
لا حجة لهم؛ أنتم جربوا... اسألوهم شرقاً وغرباً، لماذا هجرنا الألفاظ القرآنية المباركة (والله أعلم بما ينزل) وذهبنا لألفاظ  من مصادر أقل من القرآن؟
أيضاً؛ لفظة الصحبة في القرآن لا تقتضي اتباعاً ولا صلاحاً ولا حتى إسلاماً؛ هي لفظة عامة تشمل الكافر والمؤمن؛ ألم يقل الله (وما صاحبكم بمجنون)؟ فإذا أثبت الله (الصحبة) لكفار قريش، فهل تقتضي محبتهم إسلاماً؛ فضلاً عن أن تفيد صلاحاً وإيماناً وإخلاصاً؟
وكذلك (ما ضل صاحبكم وما غوى) الخ؛ فأول شيء يجب أن تعلموه أن لفظة (الصحبة والأصحاب)  في كتاب الله ليست في دلالة ولا بركة ولا علمية لفظ (المتبعين للنبي)؛ نعم؛ معكم حق في أمر؛ هو
أن العرف قد جرى بأن الصاحب متبع لصاحبه؛ ولكن؛ هذا العرف معارض بالكتاب والسنة معاً؛ بل وبالعرف أيضاً؛ أما القرآن فقد سبق؛ وأما الحديث؛ فكثير جداً؛ مثل: ((إنه كان حريصاً على قتل صاحبه)؛ وحديث (أصحابي أصحابي، . إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك).
وأما العرف؛ فواضح أيضاً أن الصحبة عامة؛ فأنت إذا ذهبت للمحكمة وأنت خاصم رجلاً، ثم تأخر الرجل؛ فإذا قال القاضي (أين صاحبك)؛ فماذا يعني؟ ألا يعني هنا خصمك؟
الصحبة لفظة واسعة جداً؛ ومع ذلك؛ أنا أخاطب الناس بما يعرفون؛ واستخدم لفظة (صحابة)؛ لكني أفصل فيها تفصيل القرآن؛ ولا ارتضي تفضيل معنى شعبي أو مذهبي على معنى القرآن.
صدقوني أنني أنقل لكم علماً مفيداً لكم؛ خذوا ما قلته من حق وعارضوني فيما ترونه من باطل، وخلاكم ذم؛ المهم عندي أن تستفيدوا؛ وترتبوا عقولكم وعلومكم.
حسناً؛ سأستخدم كلمة (الصحابة) من باب حرصي على أن تفهمونني..
طيب؛ قلنا (الصحابة)؛ من هم عندكم؟ هم (من لقي النبي مؤمناً به ومات على الإسلام)؛  هذا هو تعريف ابن حجر في القرن التاسع ت 852 هـ؛ أما قبل ابن حجر؛ فكانت التعريفات مختلفة؛ بين موسعٍ لقيود ومضيّقٍ لها؛ والسؤال: لماذا ابن حجر؟
أعني؛ لماذا تلزموننا يتعريف ليس عليه الصحابة ولا التابعون ولا عليه أكثر الفقهاء والمحدثين؟! بل لم يلتزم به حتى ابن حجر نفسه؟ لماذا الإلزام؟
أنا أعرف أن هذا التعريف اشتهر؛ ولكن؛ الشهرة لا تعني الصحة؛ فكم من أمر مشهور أو حديث مشهور لا يكون صحيحاً عند التحقيق؛ ولكن في تعريف ابن حجر سر؛ وهو أن الصحابة - بأي معنى كان - والتابعون لهم  والعلماء عبر القرون؛  لم يكونوا متفقين على تعريف للصحابة إلى القرن التاسع؛  أليس في هذا مشكلة؟
في كتابنا الصحبة والصحابة عرضنا تعريف ابن حجر على القرآن والأحاديث؛ ثم إلى أقوال الصحابة والتابعين؛ فلم نجده يتفق معهم؛ كانت آراؤهم مختلفة عنه!
طيب؛ إذا كان الصحابة - من وجدنا في أقوالهم تحديداً لمعنى صحابة - كانوا عل خلاف هذا التعريف؛ فمن نتبع؟ ابن حجر أو الصحابة؟ أسألوا شيوخكم وتراثكم؛ تعريف ابن حجر ليس عليه أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي؛ ولا العشرة ولا أهل بدر والرضوان ولا الطلقاء ولا الشيعة ولا الخوارج ولا النواصب. وعندي عن كل من هؤلاء - ممن نقل عنه العلم - ما يؤكد أنه ليس على تعريف ابن حجر؛ لا في إطلاق الاسم ولا في معناه ولوازمه من الصلاح وصدق الحديث الخ؛  ثم من بعدهم كالتابعون أيضاً؛ ليسوا على تعريف ابن حجر؛ ولا علماء المذاهب.. صحيح أنه تعريف وظيفي لمعرفة اتصال الرواية؛ لكنكم فهمتموه فهماً خاطئاً؛ حتى على مستوى الرواية - رواية الحديث-  كان أبو بكر يشك في صدق بعض (الصحابة) بتعريف ابن حجر؛ وكان عمر يشك؛ وعثمان يشك؛ وعلي يشك؛ وعائشة تشك.. الخ؛ بل قبل الخلفاء الأربعة، وقبل أهل بدر والرضوان؛ نجد القرآن الكريم  نفسه يفصل في من شملهم تعريف ابن حجر ويكذّب بعضهم؛ كقصة الوليد بن عقبة مثلاً..
وكذلك النبي صلوات الله وسلامه عليه وآله، لم يكن على تعريف ابن حجر؛ لا في دلالة معنى الصحبة ولا في لوازمها عند أهل الحديث، من صدق وعدالة ووالخ
لذلك؛ فأنا عندما أقول: في الصحابة - بتعريف ابن حجر- عدول وغير عدول؛ وفيهم الصادقون والسماعون للمنافقين ومن أثبت كذبه القرآن؛ فأنا أتحدث بعلم؛  فإذا أردتم أن تلزمونني بتعريف ابن حجر
فأنا أدعوكم للالتزام بالقرآن ثم ما يتفق معه من الحديث؛ وبما يوافقه من فقه الصحابة وتصوراتهم؛ ومن بعدهم؛ ولولا خشيتي الإطالة عليكم لذكرت لكم أقوالهم.
إذاً؛ فالمتبعون هو اللفظ القرآني المبارك الذي تم هجره؛ وبقي البديل؛ وهو (الصحابة)؛ محل إشكال كبير.
قد تقولون: ولكن؛ كلامك يشبه كلام الشيعة!
أقول: سبحان الله، ولماذا لا تقولون :يشبه القرآن الكريم؟ وهل الخصومة مع الشيعة دين؟ هل كل ما قالوه خطأ؟ نحن اتفقنا على أن ( الشهادة لله)؛ وأن الشهادة لله ولو على أنفسنا هو أمر الله لنا؛ فلا نتكبر عنه بخصومة مع الشيعة ولا مع غيرهم؛ ثم اسمعوا: من الذي قال لكم بأن علماء السنة كلهم على تعريف ابن حجر؟ لماذا يخفون عليكم تعريفات المحققين من السنة، الذين سترون على تعريفاتهم نور القرآن؟
مثلاً:  خذوا تعريف العلامة المحدث الفقيه  محمد المازري، هل سمعتم به؟ اسمعوا رأي الذهبي فيه؛ ثم اسمعوا تعريفه للصحابة..
قال الذهبي في ترجمة المازري في (سير أعلام النبلاء  (14/ 482)) الشيخ الإمام العلامة البحر المتفنن .... محمد المازري ...كان بصيراً في الحديث.
هذا العالم المحقق؛ ماذا قال في تعريف الصحابة؟
قال في شرح البرهان له: (لسنا نعني بقولنا (الصحابة عدول) كل من رآه النبي "صلى الله عليه وآله  وسلم" يوماً أو زاره عاماً أو اجتمع به لغرض وانصرف؛ وإنما نعني به الذين لازموه وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنـزل معه وأولئك هم المفلحون)؛ ألا ترون نور القرآن على تعريف هذا الفقيه السني العاقل؟
إذاً؛ فأهل السنة لم يكن معهم تعريف واحد حتى تلزموننا به؛ وأنتم اختاروا الأكثر إقناعاً..
بل يضيف - العلامة الفقيه  محمد المازري – قائلاً: (في الصحابة عدول وغير عدول)؛ ولا نقطع إلا بعدالة الذين لازموه "صلى الله عليه وآله وسلم" ونصروه واتبعوا النور الذي أنـزل معه...)!
وهذا رأيي في تعريف الصحابة تماماً! رأيي هو رأي العلامة الفقيه المحدث السني أبي عبد الله المازري  التميمي، فلماذا لا أختار ما أدين الله به؟


لنفهم الغلاة ... وننصفهم- الجزء الثالث - لاحقاً..

لمطالعة "لنفهم الغلاة ... وننصفهم! - الجزء الثالث  -"على هذا اللرابط «««

مواضيع أخرى:
لمطالعة "خلاصات أموية." على هذا اللرابط «««
لمطالعة "عندما تغيب المناهج تحضر المذاهب .!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "لن يصلح هذه الأُمة ما أفسد أولها!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "تزيين الله وتزيين الشيطان ... ما الفرق؟" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "تقزيم المعاني- السنة نموذجاً - الجزء الثاني."على هذا اللرابط «««
لمطالعة "إعادة قراءة التاريخ الإسلامي في برنامج الشريعة والحياة" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "كيف نفهم تأثير السياسة في الحديث؟" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "ما كتبه الرومان عن تاريخ العرب والمسلمين... هل هم أصدق أم نحن؟!"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "قراءة في كتب العقائد - المذهب الحنبلي نموذجاً-بقلم: محب النبي"على هذا اللرابط «««

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1611
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 01 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29