• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : الفرق بين قتلة عثمان وقتلة عبد الله بن خباب؟ .

الفرق بين قتلة عثمان وقتلة عبد الله بن خباب؟


        الفرق بين قتلة عثمان وقتلة عبد الله بن خباب؟

لمطالعة "الإمام علي و قتلة عثمان؟!" على هذا اللرابط «««
س: لماذا طالب علي أهل النهروان بالقود من قتلة عبد الله بن خباب؛ وهم متأولون أيضاً؟
ج: سأبين لك.. قتلة عبد الله بن خباب (وأيضاً قتلوا زوجته) قتلوه على الرأي ولم يكن يقاتلهم، وليس معه فئة، فهو يشبه قتل اللصوص لرجل مسالم. ليس قتال فتنة.
س: وهل دم عبد الله بن خباب بن الأرت أغلى من دم عثمان؟
ج: ليس الأمر مزايدات في الدم الغالي، القضية حكم شرعي؛ افهم الحكم الشرعي بعيداً عن للأشخاص. بمعنى؛ احذر التلبس بالروح الجاهلية، التي تلبس بها أهل الشام والغلاة، لا تكلمني وكأنك الزير سالم ينعي أخاه كليباً؛ في الدين؛ الموضوع حكم شرعي.

  س: تعني أن الحالتين مختلفتان؟
ج: نعم؛ القتال بين فئتين لا قصاص فيه؛ لكن؛ أن تأتيك مجموعة في بيتك ويختبرون عقيدتك ثم يقتلونك أنت وزوجتك، ففيه قصاص؛ وهذا معني قولهم ( قتل الرجل للرجل غير قتال الفتنة)؛ أي قتال الجماعة لجماعة أخرى بناء على تأويل وادعاء كل منهما أن الأخرى ظالم؛ هذه لا قصاص؛ وعندما نقول لا قصاص؛ يعني في الدنيا، وليس معناه أن الله لا يحاسب الظالم منهما.. انظر الثورات العربية، لا حل لها إلا بهذا؛ قتال الفتنة؛  فلو تم صلح في سوريا مثلاً؛ أو اليمن؛ فهل يطالب كل فريق بتتع قتلة أصحابه؟
الجهلة من الطرفين هم من يقولون: الدماء الدماء؛  لا يعرفون الحكم الشرعي.
والخلاصة: أي قتال بين فئتين بين أمرين؛ إما أن يكون فيها المحق والمبطل؛ وإما أن الفريقين مبطلان؛ فالحق لا يتعدد؛ ولكن القصاص ليس في هذا ولا هذا.
س: والقصاص من عبيد الله بن عمر بن الخطاب؟
ج: نعم؛ هنا القصاص؛ لأنه قتل ثلاثة من المسلمين بالتهمة؛ وليس قتال فئة لفئة؛ افهم الحكم الشرعي وستطمئن.
س: ولذلك كنت أستغرب اصرار علي على قتل عبيد الله بن عمر لقتله الهرمزان وجفينة وإهماله  قتل قتلة عثمان!
ج: لأن علي كان أفقه الصحابة؛ ومعه أهل بدر.
س: ولماذا ما زلت أجد في نفسي شيء رغم وضوح الحكم الشرعي؟
ج: لأننا متلبسون بالجاهلية ونجهل الأحكام الشرعية؛ الروح الجاهلية ترفض الحكم الشرعي.
س: روح جاهلية؟
ج: نعم؛ الروج الجاهلية تدخل في الخصومات وتصدك عن رؤية الحكم الشرعي، وتمعن النظر للأشخاص قبل النظر للأحكام؛ ومن هنا يدخل الجهل. وغالباً لا يرى الشخص الحكم الشرعي في قتال الفتنة إلا إذا كان مهزوماً؛ إذا انتصر أراد الأخذ بالقصاص من الآخرين؛ وإذا انهزم طالب بالعفو العام. فالمنتصر الجاهل لا يضبط شهوته في القتل؛ لا دين ولا عقل؛ القليل جداً من كانوا ينضبطون بالشرع ولا يقتلون في الفتنة من قتل أصحابهم.
س: مثل من؟
ج: الأمثلة كثيرة؛ لكن دعني أقول قتال الفتنة يعصم الدم؛ كالإسلام بعد الكفر؛ فلا قصاص على قاتل حمزة ولا قاتل عثمان.
يجب فهم القصاص فيما أراده الله؛ فلو أتى متنطع وقال: ألم يقل الله (ولكم في القصاص حياة)؛ فلماذا لم يطبق النبي هذه الآية في أبي سفيان ووحشي بن حرب وهند ..الخ؛ هل يقبل؟
س: نعم، عرفت الآن أن القصاص ليس بإطلاق في كل قاتل ظالم يقيناً كوحشي؛ ومقتول ظلماً يقيناً كحمزة، فضلاً عن الالتباس في الأمرين في المحق والمبطل.
ج: ولذلك؛ إجماع أهل بدر على جعل دماء قتلى الفتن كدماء الجاهلية، هدر؛ بمعنى؛ لا قصاص فيه؛  دم حمزة ومصعب كان هدراً؛ أي في الدنيا وليس عند الله.
والخلاصة: أن دماء قتلى الفتن، سواء فتنة  عثمان أو الجمل أو صفين أو النهروان؛ هدر لا قصاص فيها؛ بينما دماء عبد الله بن خباب والهرمزان فيها قصاص؛ وأن الذي يرى الثار هم فرقتان فقط؛ الخوارج كابن ملجم؛ والنواصب كالحجاج؛ وهم جهلة ظلمة؛ وليس أهل بدر ولا فقهاء المذاهب الأربعة ولا حتى ابن تيمية.  والغرض من هذا العرض هو الفقه؛ ليس إعادة التاريخ؛ ولكن لتفقه أنت أيها المسلم بعض ما كان يخفى عليك، وبعض ما لبس به الغلاة والنواصب مكيدة لعلي فقط.
حتى معاوية؛ عندما حكم لم يتتبع قتلة أصحابه يوم صفين ولا قتلة عثمان؛ وقد انتهر ابنة عثمان عندما ذكرته بدم أبيها.
قميص عثمان كان خدعة شامية فقط.
س: يعني أن دعوى أهل الشام كانت للسلطة فقط؟
ج: نعم؛ وإلا لما قال معاوية لجرير بن عبد الله رسول علي إليه (قل لعلي يعطيني الشام وأنا أبايع له).
س: لم أسمع بهذا من قبل؟
ج: ما أكثر ما لم تسمعوا به، بسبب محب الدين الخطيب؛ هذا معروف؛  لسان معاوية مع رسل علي مفاوضة على الشام فقط؛ لا على قصاص.
س: هل يمكن تذكر رواية؟
ج: روايات؛ وليست واحدة ولا اثنين.. لكن دعنا نفتح موضوعاً ثالثاً.. خاصاً به.  قميص عثمان؛ بين طلب القصاص وطلب الدنيا! - قراءة في دعوى أهل الشام.
س: اذكر بعض الروايات على أن مطالبة معاوية وأهل الشام بدم عثمان كانت خدعة.
ج: أولاً: هذا أشهر من أن تروى فيه الروايات؛ بل إن شعار (قميص عثمان)؛ أصبح مثلاً يضرب للخديعة والمطالب المقنعة التي تظهر شيئاً وتبطل آخر؛ وبما أنك طلبت روايات؛ فسأضرب نماذج منها فقط؛ ففي تاريخ الإسلام للذهبي (3/ 539) وذكر يحيى الجُعْفيّ - شيخ البخاري - فِي (كتاب صِفِّين) بإسناده؛ أنّ مُعَاوِيَة قال لجرير ابن عَبْد الله: اكتب إِلَى عليّ أن يجعل لي الشام، وأنا أبايع له اهـ.
فهذا شيخ البخاري والذهبي يقران بهذا.
خدعة فقط.
س: هكذا؟  بكل بساطة؟ وكل هذا الدماء ..؟؟
ج: ولماذا أتى في النص أنهم (فئة باغية داعية إلى النار)؟ هل جاء هذا النص النبوي الحاد عبثاً؟
س: حاشا رسول الله أن يكون عابثاً؛ لكن أنا غاضب من نفسي؛ تفاجأت برواية شيخ البخاري وإقرار الذهبي، لماذا أنا مضلل إلى هذا الحد؟
ج: النص النبوي كافٍ.
س: هل من روايات أخرى في هذا المعنى؟
ج: كثيرة جداً، والقرائن على ذلك أكثر من أن تحصر؛ ومعاوية كان داهية، وكان أهل الشام أهل غباوة؛ ولابد من عنوان؛ ومن أمثلتها إسناد آخر عند ابن عساكر (59/ 131)  بسنده: فقال معاوية يا جرير اكتب إلى علي أن يجعل لي الشام وأنا أبايع له ما دام حياً ولا أجعل لأحد من بعده في عنقي بيعة اهـ
وقد ذكره الذهبي أيضاً؛ وأوردا شعر الوليد بن عقبة لما علم بهذه المفاوضات على الشام وليس على عثمان؛ ومن ضمن أبيات الوليد:
وإن كتابا يا بن حرب كتبته * على طمع جان عليك الدواهيا.
سألت عليا فيه ما لا تناله * ولو نلته لم يبق إلا لياليا !
أهل الدهاء - من أنصار معاوية كعمرو بن العاص وابن أبي السرح والوليد بن عقبة - كانوا يعرفون تماماً أن الهدف هو ولاية الشام؛ وأن قميص عثمان خدعة؛ لكن أهل الغباوة من أهل الشام - وأهل الغباوة فيما بعد - صدقوا بأن القضية دين وقصاص ؛ جعلتهم هذه الخدعة يزايدون في الفقه والدين على علي و أهل بدر.
س: ولماذا لم يوافق علي على بقاء معاوية والياً على الشام؟
ج: هذا موضوع آخر؛ من حق الخليفة عزل من لا يثق به من الولاة؛ وقد عزل أبو بكر وعمر وعثمان.
س: كيف؟
ج: أقصد قد عزل أبو بكر معظم ولاة النبي؛ كآل أبي أحيحة؛ وعزل عمر معظم ولاة أبي بكر كخالد والمثنى؛ وعزل عثمان معظم ولاة عمر؛ فكان ماذا؟ ثم الجواب قد أتى من علي نفسه؛ ردد الآية (وما كنت متخذ المضلين عضداً)؛ وكانت مطالب الناس أيضاً هو عزل هؤلاء الولاة وتولية أهل الأمانة والدين؛ والمقصود أن انتصار النواصب لمعاوية بأن عمر ولاه؛ يجاب عليهم بأن أبا بكر عزل بعض من ولاهم رسول الله؛ وعمر عزل من ولاهم أبو بكر؛ لماذا علي فقط؟
ثم عمر ليس معصوماً في اختيار الولاة؛ فإذا كان النبي قد ولى الوليد بن عقبة على صدقات بني المصطلق؛ وخان الوليد؛ فمن الذي جعل العصمة لولاة عمر؟!
الخلاصة يا صاحبي: أن النواصب والغلاة يحاسبون علياً حتى على الصواب؛ ويتركون لغيره أن يعملوا ما شاءوا؛ من تولية ظالمين أو عزل صالحين؛ هذا نصب خفي؛  وشجعهم على ذلك قلة المدافعين عن علي داخل أهل السنة؛ ولم تكن هذه القلة لولا الخوف من الغلاة الذين يتهمون كل من دافع عن الإمام علي بالتشيع. فالقضية متراكمة؛ أي؛ دافع عن ظلم البغاة تصبح سني العقدية صافيها؛ دافع عن حق علي وأهل بدر تصبح رافضياً خبيثاً؛ يجب إيقاف هذه المهزلة.
س: وهل أهل الشام كلهم كانوا يعرفون هذه الخدعة؟
ج: كلا؛ يعرفها أهل الدهاء منهم؛ أما العامة؛ فوقعوا لقمة سائغة لدهاء الدهاة وغرور الشعارات والتخويف.
س: ألم يكن بالشام صحابة صالحون؟ بدريون مثلاً ورضوانيون؟
ج: كان فيها؛ لكن معاوية عمل على عزلهم أو نفيهم؛ كابي ذر وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس.
س: تعني انه لم يبق في الشام أحد فيه خير؟
ج: لم أقل هذا، لكن القليل عاجز؛ وبعض القليل  تمت خديعته بأن علياً قتل عثمان! وعملوا شهود زور لذلك.
س: ماذا ؟ شهود زور؟
ج: نعم؛ لما خشي معاوية أن يعارضه شرحبيل بن السمط الكندي؛ عمل له شهادة زور باعتراف ابن تيمية نفسه .
س: يا رجل؟
ج: هو ما أقول لك.
س: إذاً أي اجتهاد يدّعون؟
ج: نعم؛ إذا كان التفاوض على ولاية الشام؛ ثم تركيب شهادات الزور؛ وإطعام مصر لعمرو؛ فالاجتهاد لا وجود له، بل الهوى والطمع.
س: أريد أن تذكر لي قصة شهادة الزور التي ركبها معاوية ومن معه بأن علياً قتل عثمان، واعتراف ابن تيمية.
ج: أبشر؛ سأنقل لك الرواية والاعتراف؛ ولكن لأنه موضوع منفصل، سأنقل لك القصة في موضوع منفصل بعنوان ؛ (قصة شهادة الزور  الشامية؛ بأن علياً قتل عثمان!):
قال الإمام ابن عبد البر في الاستيعاب في معرفة الأصحاب (2/ 699) ترجمة شرحبيل بن السمط الكندي؛ كان شرحبيل بن السمط على حمص- لمعاوية - فلما قدم جرير على معاوية رسولا من عند علي رضي الله عنه؛ حبسه أشهرا يتحيّر ويتردّد في أمره، فقيل لمعاوية: إن جريرا قد رد بصائر أهل الشام في أن عليا ما قتل عثمان، ولا بد لك من رجل يناقضه في ذَلِكَ ممن له صحبة ومنزلة ولا نعلمه إلا شرحبيل ابن السمط، فإنه عدو لجرير؛ فاستقدمه معاوية، فقدم عليه، فهيأ له رجالا يشهدون عنده أن عليا قتل عثمان، منهم بسر بن أرطأة، ويزيد بن أسد؛ جد خالد القسري، وأبو الأعور السلمي، وحابس بن سعد الطائي، ومخارق بن الحارث الزبيدي، وحمزة بن مالك الهمداني، قد واطأهم معاوية على ذَلِكَ، فشهدوا عنده ((أن عليا قتل عثمان!))؛ فلقي جريرا فناظره فأبى أن يرجع. وَقَالَ: قد صح عندي (أن عليا قد قتل عثمان)، ثم خرج إلى مدائن الشام يخبر بذلك، ويندب إلى الطلب بدم عثمان، وله قصص طويلة، وفيها أشعار كثيرة؛ لَيْسَ كتابنا هذا موضوعاً لها .. اهـ
شهادة زور واضحة؛ فأين الاجتهاد؟ وكل شهود الزور هؤلاء لهم سيرة سيئة وأعمال.
س: الله المستعان! فأين اعتراف ابن تيمية ليطمئن قلبي!
ج: ابن عبد البر أعلم من ابن تيمية وأقدم.
س: حتى وإن، فالأمر الذي يعترف به ابن تيمية على بني أمية يزيدني اطمئناناً.
ج: قبل ذلك؛  أحب أن تعرف  الخدعة، فقد رواها ابن عبد البر مختصرة جداً.
س: أذكر اعتراف ابن تيمية ثم فصل في روايات شهادة الزور.
ج: قال ابن تيمية منهاج السنة (4/ 410) هم - أي أهل الشام - امتنعوا من طاعته ومبايعته ؛ وجعلوه ظالماً مشاركاً في ذم عثمان وقبلوا عليه شهادة الزور ونسبوه إلى ما هو بريء منه) اهـ
هذا اعتراف ابن تيمية بشهادة الزور؛ وعلى استحياء!
س: واضحة ..أكمل في كيفية شهادة الزور التي اختصرها ابن عبد البر.
ج: الشهادة فصل فيها بعض المؤرخين؛ كابن عساكر - وهو شامي فيه نصب لكنه أنصف - فروى تفصيلاً في عدة روايات؛ نقتطف منها - في ترجمته لشرحبيل بن السمط - ما يلي: (وكتب معاوية إلى شرحبيل يسأله القدوم عليه، وهيأ له رجالاً يخبرونه أن علياً قتل عثمان، منهم يزيد بن أسد البجلي، وبسر بن أرطاة، وأبو الأعور السلمي. فلما جاء كتاب معاوية إلى شرحبيل استشار أهل اليمن وكان شرحبيل من أهل حمص - فاختلفوا عليه؛ فقال له عبد الرحمن بن غنم - وكان أصلح التابعين بالشام: يا شرحبيل! إن الله أراد بك خيراً، قد هاجرت إلى يومك هذا، ولن ينقطع عنك المزيد من الله عز وجل حتى ينقطع من الناس، ولن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ؛إنه قد فشت القالة عن معاوية بقوله (إن علياً قتل عثمان)؛ فإن يك فعل فقد بايعه المهاجرون والأنصار، وهم الحكام على الناس، وإن لم يكن فعل؛ فعلى ما يصدق معاوية على علي وهو من قد علمت؛ فلا تهلكن نفسك وقومك؛ فأبى شرحبيل إلا أن يسير إلى معاوية. فقدم عليه فقال (معاوية):
إن جريراً قدم علينا يدعونا إلى بيعة علي، وعلي خير الناس لولا أنه قتل عثمان؛ وقد حبست عليك نفسي، وإنما أنا رجل من أهل الشام، أرضى بما رضوا وأكره ما كرهوا؛ فقال شرحبيل: أخرج فأنظر في ذلك. فخرج شرحبيل، فلقيه النفر الذين وطأهم له معاوية، فأخبروه أن علياً قتل عثمان فقبل ذلك، اهـ المراد.
إضافة: وفصل في ذلك أبو حنيفة الدينوري ( 282هـ)؛ فقال في ألأخبار الطوال (ص:159)؛ ثم ان معاويه استشار عمرو بن العاص في أمره، وقال ما ترى؟ قال عمرو إنه قد أتاك في هذه البيعه خبر أهل العراق من عند خير الناس - يقصد علياً -، ولست أرى لك ان تدعو اهل الشام الى الخلافه، فان ذلك خطر عظيم حتى تتقدم قبل ذلك بالتوطين للأشراف منهم، وإشراب قلوبهم اليقين، بان علياً مالأ على قتل عثمان، واعلم أن رأس أهل الشام شرحبيل بن السمط الكندى، فأرسل اليه ليأتيك؛ ثم وطن له الرجال على طريقه كله، يخبرونه بأن (علياً قتل عثمان)، وليكونوا من أهل الرضى عنده، فإنها كلمته جامعة لكل اهل الشام؛ وإن تعلقت هذه الكلمه بقلبه لم يخرجها شيء أبداً؛ فدعا  (معاوية) يزيد بن أسد، وبسر بن ابى ارطاه، وسفيان بن عمرو، ومخارق بن الحارث، وحمزه بن مالك، وحابس بن سعد، وغير هؤلاء من أهل الرضا عند شرحبيل بن السمط، فوطنهم له على طريقه، ثم كتب اليه يأمره بالقدوم عليه؛ فكان (شرحبيل)  يلقى الرجل بعد الرجل من هؤلاء في طريقه، فيخبرونه أن عليا مالأ على قتل عثمان، ثم اشربوا قلبه ذلك؛ فلما دنا من دمشق أمر معاوية اشراف الشام باستقباله، فاستقبلوه، وأظهروا تعظيمه، فكان كلما خلا برجل منهم القى اليه هذه الكلمة (أي أن علياً قتل عثمان)، فاقبل حتى دخل على معاويه مغضبا، فقال: أبى الناس الا ان ابن ابى طالب قتل عثمان ..الخ)..
والقصة مفصلة أيضاً عند ابن أعثم الكوفي في الفتوح .وقد بقيت آثار شهادة الزور الأموية هذه هي حديث العامة في العهد الأموي كما روى الطبري في قصة الخليفة أبي جعفر المنصور مع عبد الله بن عياش؛  فروى الطبري في تاريخه (8/ 9) ركب المنصور يوما ومعه عبد الله بْن عياش، فقال له وهو يجاريه: اتعرف ثلاثة خلفاء، اسماؤهم على العين مبدؤها ؛ قتلوا ثلاثة خوارج مبدأ أسمائهم العين؟
قال: لا أعرف إلا ما تقول العامة، إن علياً قتل عثمان- وكذبوا- ) اهـ
فالعامة تشربت شهادة الزور الأموية؛ وهذا طبيعي؛  فوصول السلطة الأموية إلى الحكم جعلها تنشر هذه الأكاذيب وتتخذها حجة في لعن علي على المنابر.. وقد بقيت آثار هذه الشهادة إلى اليوم.
س: ليس هناك اليوم من يتهم علياً بقتل عثمان؟
ج: لكن فيهم من يقول : قتله أصحاب علي ولم يسلم قتلته لمعاوية ولم ولم؛ فهذه من آثار شهادة الزور تلك؛ فالزور لا يذهب كله؛ تبقى له آثاره ومشاعره، ولذلك تذهب الحقيقة وتبقى الإشاعة؛ حتى أن من حرض على دم عثمان قد يظنونه في المطالبين بدمه؛ لا يحققون؛ وشهود الزور عند ابن أعثم فيهم زيادة أسماء؛ ففي الفتوح لابن أعثم (2/ 518)هم يزيد بن أسد، وبسر بن [أبي] أرطاة، ومخارق بن الحارث، وحمزة بن مالك؛ وحابس بن سعد الطائي، وأبا الأعور السلمي، والضحاك بن قيس الفهري، وذا الكلاع الحميري، والحصين بن نمير السكوني، وحوشب ذو ظليم اهـ
عشرة كاملة. بينما هم خمسة عند ابن عبد البر وابن الأثير - وقد سبقوا - وطبيعي أن يحاط شرحبيل بن السمط بشهود الزور حتى يستشرب الأمر ويتقوى في نصرة معاوية.
س: ولماذا لا تكون هذه القصص غير صحيحة؟
ج: نحن نقبل بتركها إذا ترك النواصب مناصرة البغاة بأنهم أصحاب دين وقصاص؛ وإلا سنضطر أن نكشف هذه الكواليس؛ ثم؛ ليس فيما أوردت رواية واحدة عن  الشيعة؛ وإنما نقلت عن سنة ابن عبد البر وابن الأثير وابن عساكر والذهبي وابن تيمية ..الخ؛ بل بعضهم نواصب.
وكما قلت لك؛ الهدف من هذا هو أن نفهم؛ انخدع بعض سلفنا نتيجة الدهاء والمكر حتى قاتلوا دعاة الجنة وأهل بدر ولعنوهم؛ فلا يجوز أن ننخدع نحن مثلهم.


مواضيع أخرى:
لمطالعة "ما هو شرع الله في قتلة عثمان؟؟" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "من هم قتلة عثمان؟؟"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "دور معاوية في مقتل عثمان بن عفان!"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "سيرة الإمام علي (ع) البدريون من اصحاب الإمام علي في صفين (2)" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "الزيف كان كبيراً في المسلسل الأخير( الحسن والحسين )"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "الفاظ قرانيه: المهاجرين، الانصار والاتباع." على هذا اللرابط «««

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1640
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 02 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18