• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : آية الجزية ... والمعنى الذي غاب عن التنويريين والمقلدين معاً! - ألجزء الخامس - .

آية الجزية ... والمعنى الذي غاب عن التنويريين والمقلدين معاً! - ألجزء الخامس -


آية الجزية... والمعنى الذي غاب عن التنويريين والمقلدين معاً!


                                              - ألجزء الخامس -


لمطالعة "آية الجزية ... والمعنى الذي غاب عن التنويريين والمقلدين معاً! - ألجزء الأوّل -" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "آية الجزية ... والمعنى الذي غاب عن التنويريين والمقلدين معاً! - ألجزء الثاني -" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "آية الجزية ... والمعنى الذي غاب عن التنويريين والمقلدين معاً! - ألجزء الثالث -" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "آية الجزية ... والمعنى الذي غاب عن التنويريين والمقلدين معاً! - ألجزء الرابع -" على هذا اللرابط «««

ذكرنا في الجزء السابق ثلاث دلائل على الحلف العريض، وإن كان بعضها جزئياً، وسنستكمل الآيات الدلائل ونركز على (قريش الطلقاء)؛ وكانت أحد الأحلاف الكبار، وكانوا قد نقضوا عهودهم، وهم المقصدودون بكلمة (المشركين)؛ فالشرك النسبي موجود فيهم على الأقل؛ ونعني بالنسبي أنواع الشرك غير عبادة الأصنام، اي عبادة الدنيا والسادة والكبراء والهوى... كل هذا من الشرك؛ بل إن النبي لم يحكم بإسلامهم عندما قال (ماذا ترون أني فاعل بكم)؟ وهم لم يؤمنوا بنبوته عندما قالوا (أخ كريم وابن أخ كريم)؛ لم يقولون : نبي ؛لم يقولوا : نبي كريم ابن أخ كريم؛ فالموضوع عندهم لا نبوة بعد! وعندما قال النبي (اذهبوا فأنتم الطلقاء) قالها قبل إظهارهم الإسلام؛ لم يقل: اذهبوا فإنتم المسلمون؛ أو اذهبوا فقد أسلمتم؛ كلا. هم طلقاء فقط، معفو عنهم ما سبق، والعفو في الدنيا فقط؛ كالعفو عن المنافقين؛ لا فرق.
ولذلك؛ فتسميتهم (المشركين) هي تسمية حقيقة لحقيقة وجود الشرك بالمعنى القرآني، وسيرتهم في حنين وتبوك تدل على ذلك؛ فقد تآمروا مع هوازن وحاولوا اغتيال النبي يوم تبوك؛ وكل كتب التفسير - رغم خضوعها للحلف العريض - إلا أنها عندما تفسر (أئمة الكفر ) في سورة التوبة تجعل منهم أبا سفيان.
سنورد الدلائل القرآنية من سورة براءة على هذا الفريق من الحلف العظيم، ثم نذكر الأحاديث والآثار في هذه الفئة ونرد على محاولات الطمس والتكتم؛ ولكن قبل ذلك، سنكمل باختصار شديد دلائل الحلف العريض، وكنا قد ذكرنا ثلاث منها في في الجزء السابق:
الدلالة الرابعة:  قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ}؛ وهذا خطاب للمؤمنين الذين مالوا إلى بعض تلك الأحلاف، بسبب قرابة أو تجارة، وبقية الآيات تشير إلى ذلك؛  وهي (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23) قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)} [التوبة]؛ ونحن نعرف أن أواخر السور في العهد المدني زاخر بمثل هذه التحذيرات والتقريرات، بل بعضها يكشف بأنهم في حلف واحد مثل (تسرون إليهم بالمودة) الخ؛ أي أن بعض المؤمنين الصادقين في إيمانهم كانوا يسرون بالمودة للذين كفروا ويتولونهم لأسباب عصبية وتجارية، ولولا خشية الطول لسردناها.
الدلالة الخامسة: آية الجزية، فهي خاصة بقوم من أهل الكتاب (فسقة، لا يؤمنون بالله ولا اليوم الآخر ...)؛ ورأسهم أبو عامر الراهب حليف أبي سفيان؛ ودلائل أنهم فريق من أهل الكتاب قد سبق التفصيل فيه؛ وأنهم معادون - كما في السياق بعد الآية -  مثل: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32]؛ فهم يريدون إطفاء نور الله ويعملون مع طلقاء قريش ومنافقي المسلمين على ذلك، ووصلوا الذروة في محاولة اغتيال النبي واستبدال المسجد النبوي بمسجد ضرار (كالضرة المعادية لضرتها).
الدلالة السادسة : قوله تعالى {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة: 36]؛ فالمشركون فئات معادية مقاتلة للمسلمين ومتحالفة؛ ولكن ثقافة الحلف العظيم طمس هذه الحقائق التي ينقلها القرآن، كأنهم تتبعوا المسلمين في قبائلهم بكافة أنواع الأذى استعداداً لمرحلة الانقلاب وقتل النبي وإعلان أبي عامر وصياً وأبا سفيان حاكماً ..الخ؛ وذلك ضاعت أبل المؤلفة قلبوهم (اشتراء ذمم)؛ فأصبح معاوية صعلوكاً لا مال له؛ عندما خطب فاطمة بنت قيس، مع أنه قبل سنة فقط أعطاه النبي 100 ناقة تألفاً، (وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله).
إذاً؛ فطلقاء قريش كانوا يجعون القبائل والأعراب ويتواصلون معها ويدفعون لها الأموال استعداداً للنقلاب الكبير الذي كان مؤكداً لو نجح الاغتيال.
ثلاثمائة ناقة لآل أبي سفيان فقط ضاعت في سنة من تأليفهم بها؛ لماذا؟ لا تستعجلوا؛ خذوا الموضوع بتأنٍ، سيشبعنا ما سقط من الأحمال ويرسم الصورة!
الدلالة السابعة: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ } [التوبة: 68]؛ هذا من دلائل الحلف هنا.
الدلالة الثامنة : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } [التوبة: 73]. هم حلفاء جنائيون؛ فالمنافق السلمي - مجرد شك في النبوة - له حقوق المسلمين؛ المنافقون هنا - في الآية السابقة - هم من يسرون بالمودة للكفار ويتخذونهم أولياء؛ وستكشف سورة التوبة أن الأمر الإلهي بمقاتلة هذه الأحلاف لم ينفذ لأسباب، منها نظاهرهم بالتوبة وتخاذل المسلمين عن قتالهم؛ بقي النبي في قلة قليلة.
الدلالة التاسعة : {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ}  [التوبة]. يتربص مع من؟ أكثر الأعراب  كانوا منافقين، وجدوا الإبل والوعود، لذلك يتربص بالمسلمين الدوائر؛ لماذا؟ أليس النبي خيراً لهم؟ إنما يتربصون حباً في الدنيا؛ وإلا؛ فليس هناك أي مبرر لتربصهم وتمنيهم أن تدور الدوائر على رسول الله والذين آمنوا معه، فقد وجدوا من النبي الأمن وإحلال السلم وإبطال حروب؛ الجاهلية وثاراتها وشقاؤها ...
والأعراب حول المدينة هم الأحزاب التي شاركت قريشاً - من قبل أيام الخندق - وأرادوا استئصال النبوة، فكأنهم أعادوا أو أُعيدوا  إلى محاولة أخيرة تحت عباءة الإسلام وأمنه، لإطفاء النبوة، والأعراب أحد الأحلاف الكبار، وتربصهم عن تبوك كان لهدف الاستيلاء على المدينة في حال نجاح محاولة اغتيال النبي صلوات الله وسلامه عليه وآله؛ وهذا سر أبقاء النبي لرجل قوي في المدينة؛ وهو الإمام علي، له سمعته وفروسيته؛ وهذا سر اتهام المنافقين له بأن النبي لما خلفه إلا لأنه استثقله! وهذا سر قول النبي (إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك)؛ أي أيام تبوك!
أسرار ..
الدلالة العاشرة : {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ} [التوبة: 107]؛ واضح أن أصحاب الضرار أرصدوه لمن حارب الله ورسوله من قبل! فهم حلفاء مع أبي عامر وأبي سفيان؛ فهم أبرز من حارب الله ورسوله من قبل؛ كل الغزوات ضد قريش وحلفائها من اليهود والأعراب؛ كلها ضد أعداء حقيقيين؛ وليست ضد الكفر المجرد من العداوة؛ ولكن ثقافة الحلف العريض زعموا أنها نزلت في والدة النبي أو أبي طالب .. مع أن هؤلاء ماتوا قبل ، بل أمه ماتت قبل نبوته، إنما هذه أيام تبوك.
الدلالة الحادية عشرة: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى}؛ هذه قريش؛ فانظر كيف استطاعت ثقافة الحلف العريض نقل ما نزل فيها لمحاربتهم الله ورسوله ومحاولتهم إطفاء نور الله إلى قرابته البارين به الحادبين عليه؟؟!!
هذه أبرز دلائل الحلف العريض في سورة التوبة فقط؛ وهي في السور المدينة كثيرة جداً، كالبقرة وآل عمران والنساء و محمد والأنفال والممتحنة وغيرها.
وإثبات الحلف ليس بالأمر السهل، إذ يحتاج جمعاً من القرآن؛ مع ملاحظة هل استمر الحلف أم لا، وكل الأحلاف عندي ثبتت إلى آخر النبوة؛ بل وبعدها. ولا يغرك عدم وجود روايات في اثبات حلف طلقاء قريش مع بني سليم مثلاً، فقد أخفوها؛ لكنها تأخذها بالقرائن، بل الأحلاف التي ذكرها الله لا يذكرونها؛ القرآن فقط هو من أخبرنا أن هناك منافقين في المهاجرين، وكان النفاق قد حصروه في الأنصار؛ القرآن فقط هو من أخبرنا أن بعض المؤمنين يسرون بالمودة إلى كفار قريش؛ القرآن فقط هو من أخبرنا أن هناك منافقون يوم بدر وقبلها؛ القرآن فقط هو من يخبرنا بالأثر الثقافي اليهودي؛ فلا تنتظر الروايات؛ فهي - غالباً - خاضعة لثقافة الحلف العريض؛ وإذا تورطوا في رواية قالوا المراد بها أم النبي أو عمه أو ابن عمه أو بنته... يحمّلون المخلصين ذنوب الأعداء.
وقد رأيتم في بحثي عن (أحاديث النواصب المصححة) كيف يجعلون رسول الله يشتكي لعمرو بن العاص وغيره من أن أهل بيته؛ وأنهم ليسوا أتقياء ولا بررة! لا أتصور يوماً أني سأشكوا لوصال ووعاظها من أبنائي وأهل بيتي الذين قاسوا معي المصاعب، وأقول لهم أني أخشى منهم على منهجي وألجأ إليكم!
معقول؟
وسترون أنه في سورة التوبة نفسها، أن بعض روايات الحلف العريض تزعم أنها نزلت في خزاعة! مع أن خزاعة كانوا حلفاء النبي صلوات الله عليه وآله.
عجيب!
ومثلما جعلوا عبد الله بن أبي هو رأس النفاق لأنه خزرجي (والخزرج حلفاء النبي) بدلاً من عامر الفاسق زعيم الأوس حليف ابي سفيان وصاحب الضرار! نعم؛ عبد الله بن أبي كان من المنافقين؛ لكنه لم يكن الرأس؛ لم يقاتل النبي كما قاتله زعيم الأوس أبو عامر الفاسق؛ ولم يستعد لوراثة نبوته ومسجده!
ثقافة الحلف العريض هي ثقافى الضرار الأولى، ولها كثافة هائلة في التراث، بل لعلها هي التي في عقولنا اليوم، وهي تقريباً التي شكلت عقول المسلمين؛ حتى الليبراليون والملحدون، مازالت عامة ثقافتهم عن الإسلام هي تلك الثقافة؛ أما المقلدون والغلاة؛ فهي مطبقة عليهم؛ وهي سبب غلوهم وجهلهم وتخلفهم.
الذي أخرج الليبراليين والملحدين من الغلو هو رفضهم لما يظنون أنه من الإسلام؛ إما بالظن أنه لزمن؛ أو كفراً به مع الظن أنه إسلام (كما يظن الملحدون)؛ ولكن الغلاة والمتطرفين يؤمنون به ويظنون أنه إسلام ولا يرفضونه، بل يرونه ديناً، لذلك كان الافتراق في القلب؛ لا في المعلومة! معلوماتهم واحدة؛ لذلك هذا نداء لكل باحث مسلم؛ أن يمتلك الوعي التاريخي ليدرك ما فعلته الثقافات المشوهة للدين ومحمد والقرآن؛ لا مخرج إلا من هنا؛ وهو طريق شاق جدا؛ ولكنهم إذا أخذوا القرآن بقوة، فسيكتشفونه منه، أن هذه الأمة سارت على سنن بني إسرائيل تماماً (وخضتم كالذي خاضوا)؛ وهنا يجب عليهم الحذر الشديد؛ من كل الأفكار المسبقة التي لا يخضعونها للمراجعة وفق القرآن؛ لا ينتظروا روايات ولا أحاديث؛ فالقرآن هو الكتاب الوحيد المحفوظ، ومنه يجب أن نبدأ.
في الجزء القادم؛ سنستعرض ما يخص قريش الطلقاء من سورة براءة؛ وهي كثيرة جداً؛ ولكن ثقافة الحلف العريض جعلتها في مجهولين أو في حلفاء النبي!



يتبع..
لمطالعة "آية الجزية ... والمعنى الذي غاب عن التنويريين والمقلدين معاً! - ألجزء السادس -" على هذا اللرابط «««

مواضيع أخرى:

لمطالعة "ما كتبه الرومان عن تاريخ العرب والمسلمين... هل هم أصدق أم نحن؟!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "بداية الانحراف عن الإسلام الأول - متى كان؟! {ألجزء الأوّل}" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "في ذكرى المولد النبوي: - معلومات مجهولة -" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "عالمية القرآن - الجزء الاول" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "المسلمون يضيعون غايات الإسلام!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "مأساة الباحث الصادق مع أعداء النبي!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "بداية الانحراف عن الإسلام الأول - متى كان؟! {ألجزء الأوّل}"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "سر حذيفة بن اليمان - الجزء الأوّل" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "الزيف كان كبيراً في المسلسل الأخير( الحسن والحسين )" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "لن يصلح هذه الأُمة ما أفسد أولها !"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "معنى الروافض." على هذا اللرابط «««
لمطالعة "سن عائشة بين المحققين والمقلدين!"على هذا اللرابط «««

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1693
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 04 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29