• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : الخليح واليمن ورمضان! .

الخليح واليمن ورمضان!


                      الخليح واليمن ورمضان!


موضوع سابق:
لمطالعة "#مجاعة_اليمن والتكذيب بالدين." على هذا اللرابط «««


لنتذكر من القرآن سورة الماعون – اقرءوها - ومن الحديث (ما آمن بي من بات شبعاناً وجاره جائع)؛ صحيح من حديث ابن عباس وعائشة.
اليمن شماله وجنوبه جائع؛ بغض النظر عن الاتهامات المتبادلة؛ يهمنا الجائع؛ لا يهمنا مذهبه ولا تياره؛ اليتيم والمسكين في القرآن مطلق؛ لا مخصص؛ سورة الماعون هي لأهل اليمن كلهم؛ تتناول كل غني وجائع وساكت؛ وتتناول كل الساهين والمرائين؛ سورة لهم ولنا جميعاً؛ لمن أراد ينقذ نفسه من السخط.. المؤمن صاحب مروءة وشيم؛ حتى لو جاع جاره المعادي له يرفده بما يسد جوع عائلته؛ أما المنافق؛ فحقود حسود يابس؛ وقد نهى الله نبيه عن طاعة المنافقين.

كتبت سابقاً شيئاً أرى إعادته هنا؛ طرحت السؤال الإلهي والجواب الإلهي فقط؛ ومن لم يرض جواب الله فهو مكذب بالدين؛ فمن يكذب بالدين؟
اسمع: هو نفسه البر والتقوى (وتعاونوا على البر والتقوى)!
هذا تعريف الله للدين!
ألم يقل أن الدين عند الله الإسلام؟! والدين فسره بأنه هذا الشيء العالمي (معالجة الفقر والعدل ..الخ)، فإذا أتى معترض وقال : لا؛ هذا ليس تكذيباً بالدين، فهو مكذب للجواب الإلهي؛ وفهمه للدين ليس إلهياً؛ ليحذر كل مسلم أن يكون في (الذين يكذبون بالدين) لعدم الحض على طعام المسكين. والأقربون أولى بالمعروف.
كل مسلم يجب أن يأخذ السورة على محمل الجد؛ لا تلهيك عن اليتيم والمسكين والجائع والثكالى، سياسة ولا مذهب ولا حزب؛ فأنت عبدٌ لله؛ لا تعتذر عن نفسك اليوم بعذر تخشى أن يرده الله عليك غداً؛ ما ابتلانا الله بشيء نجهله، ولله الحجة البالغة على خلقه؛ وسورة  الماعون حفظناها من المرحلة الابتدائية؛ ويعرفها العالم والعامي؛ فلا عذر لأحد.
لو جرب أحد منا التشرد؛ أو البيات في الطرقات؛ أو البحث عن صناديق القمامة.. لعرفنا تفسير سورة الماعون بالفطرة؛ ولما التمسنا صارفات المعاني والدلائل؛ كلنا في ابتلاء واختبار؛ وورقة الاختبار في سورة الفجر:  (فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ(15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ(16) كَلاَّ بَل لّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ(17) وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ(18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَّمًّا(19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا(20)}.
أنت خذ راحتك تماما؛ تستطيع أن تعترض وترحب بالجوع والكوليرا في اليمن؛ وتستطيع أن تسهم في رفع المعاناة ولو بدعاء؛ أنت وورقة اختبارك؛ بكيفك؛ أنت حر؛ لا تصنع لك ديناً من الدين؛ لا تؤمن ببعض الكتاب وتكفر ببعض؛ فالكفر بالله ورسوله كفر؛ كما أن ترك الحض على طعام المسكين كفر أيضاً؛ كلها في كتاب الله؛ وهذا التحريف للدين ليس من صنعنا اليوم، قد صنعه المسلمون من قديم حتى لا تتصدع رؤوسهم بالعمل المتعب حصروا الدين في الأقوال والأفكار؛ لا الأعمال؛ قد التفّ من سبقنا على (الدين العملي الحقوقي) بدين (قولي شعائري) سهل؛ من قال كذا دخل الجنة ومن قال كذا دخل النار؛ كلا، لله وحده تعريف دينه؛ دين الله دين عمل وصدق على الأرض؛ وليس مجرد أقوال وشعائر سلبية لا تمتد إلى النواحي الإنسانية؛ ولذلك قال (فويل للمصلين) لماذا؟ قد ذكر العلة؛ لأن الله يعلم بأن المسلمين سيخضعون لهذا الالتفاف الشيطاني على (دين الله الصعب)؛ وسيجعله لهم (ديناً سهلاً)؛ فيه الأقوال والشعائر الفردية؛ وإلا ما مناسبة أول آية في سورة الماعون مع الآيات الثلاث؟ لماذا؟ ما الرابط؟  ألا يحتاج هذا أن نتدبر في الربط بين أربع آيات؟ إلى هذا الحد؟ لأن الله يعلم الغيب ويعلم بأننا سنحصر الدين في أقوال وشعائر ونترك (الثمرة) التي أرادها الله من (دينه)؛ وهي أن يكون رحمة للعالمين؛ فذلك قال (فويل للمصلين)؟ من هم يارب؟
الجواب: {الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يراؤون، ويمنعون الماعون}؛ عجيب!  ما معنى هذه الثلاث؟ وهل هي متطابقة؟ هذه الثلاث متحققة في أكثر المسلمين؛ وقد تم الالتفاف عليها - من الشيطان وأوليائه - بأحاديث وتفسيرات تجعل (القرآن عضين)؛ أي أعضاء مقطعة.
كيف؟
أي أصبحنا نقول - وفقاً للمفسرين -: (الذين هم عن صلاتهم ساهون) يتأخرون في أوقاتها)! عجيب! وما علاقة هذه بما قبلها من الآيات؟  هذا التفاف واضح؛ الله لا يريد أن ينسب إلى دينه أمثال المسلمين اليوم؛ لا يريد أن نزعم بأننا من المصلين لله مع الرياء ومنع الماعون؛ يريد أن تكون للصلاة ثمرة نفع؛ لا يريد الله أن يجعل في المصلين من لا يهمهم يتيم ولا مسكين، ويسهون عن (غايات الدين) و(يراؤون للناس) بأنهم مهتمون ووالخ؛ الله يجعل الويل للمصلين  الذين يراؤون؛ كيف؟ لأن الصلاة يا أحبابنا لها غاية ووظيفة قد ذكرهما الله، وحدد صفات المصلين في السورة نفسها وفي غيرها؛ المصلون الذين هم عن صلاتهم ساهون؛ ليس معناها أنهم يؤخرونها عن أوقاتها؛ هذا كلام الراوايات، لكن كلام القرآن عن السهو  في السورة مختلف تماماً؛ فمن هم (الذين هم عن صلاتهم ساهون)؟ الجواب سهل جداً؛ هم (الذين يراؤون ويمنعون الماعون).
تفضلوا يا مانعي الماعون؛ فالجواب مذكور في السورة نفسها؛ كل من يرائي بصلاته ويمنع الماعون (والماعون كلمة عامة تشمل كل ما يتنفع به)؛ فالسورة كلها فيه. والذين قد أشربوا في قلوبهم الخصومات لست منهم؛ كل من تسبب بمجاعة من اي طرف كان - لا تهمني الجهة - أو (ترك الحث على طعام المسكين)؛ أي مسكين؛ فالسورة تدخله في المكذبين بالدين.
فالحذر الحذر.
السهو في القرآن عرفناه في مقال سابق بعنوان ( احذروا الغَمرة)؛ واستعرضنا معنى السهو المذموم في القرآن؛ فارجعوا له؛ القرآن حياة لمن أراد أن يحيا؛ أنا أخشى أن يشملنا الله بعقوبة نحن الباحثين أهل الرأي لأننا نترفع على الجوانب الإنسانية ولا نحض على طاعام المسكين، كلامنا متكبر متعالٍ جداً؛ كلامنا أكثره في الأفكار النظرية، من السياسات والأحزاب والمذهبيات الخ؛ مع أن كل من لم يحض على طعام المسكين فهو داخل في التكذيب بالدين.

لمطالعة " من روائع التوصيفات الاجتماعية في القرآن – الغَمْرة!" على هذا اللرابط «««
سورة الماعون جعلها الله حجة على الجميع؛ صغيرة وواضحة جداً؛ ولن يسألنا الله عن الرواية؛ إنما (ألم تكن آياتي تتلى عليكم)؟ فاستعد للجواب غداً.
الأديان أتت لسعادة الناس ولم تأت لشقاء البشرية؛ ولذلك عرّف الله (التكذيب بالدين) هنا بأنه سلوك؛ سلوك قاسٍ (فويل للقاسية قلوبهم).
اللهم رحمتك؛ أنا وعظت بالقرآن، ولله، وللجميع، لا أحدد جهة؛ مع أني أعرف الجهات الأكثر تسبباً في هذه المجاعة، ولكن خروجاً إلى الهدف أهملت هذا؛ فالهدف غيره.
دين الإسلام ليس صلاة ومراءاة وأقوال، اتقوا الله؛ فدين الإسلام دين عملي، ودين عالمي، ودين حقوق، ودين إنسانية دين يصلح للعالم كله؛ من أول العهد المكي والقرآن يخبرهم بهذه الرسالة العالمية عن اليتيم.. عن المسكين.. عن الجائع.. لكن أهل الشبع طمسوا هذا الجانب من الدين؛ واليتيم في القرآن مطلق، ليس خاصاً بالمسلم والمسكين مطلق، ليس خاصاً بالمسلم؛ فلا يجوز حصر اليتيم والمسكين بدين فضلاً عن مذهب أو تيار .
لا يجوز لك أن تفرح إذا رأيت الكوليرا أو الجوع يفتكان بالناس؛ هذه قسوة قلب ولؤم طيع وقلة مروءة؛ وقسوة القلوب هي آخر ذنوب بني إسرائيل.
غفر الله لبني إسرائيل حتى عبادتهم العجل؛ وطلبهم رؤية الله جهرة؛ ثم ذكر قسوة القلوب في آخر ذنوبهم؛ ولم يغفرها؛ فقال (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة، وأن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار، وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء، وإن منها لما يهبط من خشية الله، وما الله بغافل عما تعملون)
{ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [سورة البقرة]
وما أجمل خاتمة الآية (وما الله بغافل عما تعلمون)!!
نعم قد يتغافل ولد الشيخ وقد تغفل مؤسسات كثيرة وقد يتحزبون ؛ لهذا الطرف أو ذاك؛ ولكن (وما الله بغافل عما تعملون)؛ هذه  تنفع المؤمن فقط؛ لا يجوز أن يفرح سلفي بجوع زيدي ولا زيدي بجوع سلفي؛ ولا مسلم بجوع مسيحي أو يهودي؛ كل هذا من الطحن والشحن الشيطاني لبني آدم.
الدين الخالص- أيها المسلمون - لا تجدونه في أهل الوعظ ولا الإعلام؛ تجدونه في القرآن؛ تجدونه غضاً شاملاً غير محرف ولا مستثنى منه؛ الآيات القرآنية في وعيد الذين يتجاهلون المساكين والمحتاجين كثيرة جداً؛ وقد تشمل من يظن أنها بعيدة عنه. اسمعوا مثلاً؛ احذروا الجواب: {ما سَلَكَكُمْ في سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} وماذا بعد؟ {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ}.
لا إله إلا الله.
القرآن حي.... لم يمت! نحن الميتون !
تأملوا أيضاً {كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18)} [الفجر]
**
أنها آيات مكية؛ وكانت قريش (برجوازية) لا تلتفت للأيتام ولا المساكين ممن هم يومئذ على دين قريش تقليداً؛ والقرآن كان مع هؤلاء؛ ولو لم يسلموا بعد.
لم يكن القرآن المكي - كما زعموا - منصباً على التوحيد ونفي الشرك، كلا؛ فهذه الآيات مكية الرسالات إنسانية أولاً لإسعاد البشرية كلها؛ لذلك؛ فالذين زعموا أن القرآن المكي اهتم فقط بالتوحيد والشرك، لعل هؤلاء من (الذين يكذبون بالدين)؛ وإلا ما معنى هذه الآيات المكية، تخاطب من غيرهم؟
وكذلك الحال في أي بلد؛ كل مجاعة أو جوع في اليمن أو سوريا أو العراق أو وسط افريقيا أو آسيا.. كل هذه المجاعات يجب أن تتعاطف معها. وعندما نركز على القرآن لا نلغي ما يشبهه من الأحاديث ذات المعنى؛ مثل الحديث المشهور: (ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع)؛ وهو حق؛ وحتى أقترب من الشهادة لله والأقربون أولى بالنصيحة؛ أنصح أهل الخليج خاصة أن يخشوا على (انتفاء إيمانهم) للمجاعة في اليمن، بالحديث السابق أيضاً؛ فاذكروا نعمة الله عليكم ذكر عمل وإيمان لا ذكر دعاية ولسان - والمخلصون موجودون - وأسهموا في إيصال المساعدات لكل أهل اليمن في شهر الخير رمضان؛ وكل شعب يجب أن ينظر إلى الجيران؛ فهم أولى؛ لا يراءون بالبعيد ويتركون القريب؛ مجاعة سوريا مسؤول عنها الأقرب؛ ومجاعة اليمن كذلك.
الخلاصة أن (مجاعة اليمن) مسؤوليتنا جميعاً - يمنيين وخليجيين - كخليجيين بحكم أنهم جيراننا؛ والعقوبة قد تشلمنا؛ فلنعمل ما في وسعنا ولنتق الله.
اللهم تقبل مني هذه النصيحة والبيان؛ واجعله من نصيبي في (الحض على طعام المسكين)؛ وجنبني به من (التكذيب بالدين)؛ وأحسن الله لمن أحسن الظن.


مواضيع اخرى:

لمطالعة " من روائع التوصيفات الاجتماعية في القرآن – الغَمْرة!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "#مجاعة_اليمن والتكذيب بالدين." على هذا اللرابط «««
لمطالعة "قال صديقي: لماذا تردد السلام السلام؟!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "ابتلينا بقوم يستمتعون بمصائب غيرهم!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "اخطوات الشيطان؛ خطوة بخطوه!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "معرفة الله ..لو عرف الناس الله!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "كن إنساناً تكن مسلماً!" على هذا اللرابط «««

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1709
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 05 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29