• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : طرق عشي.... نشيد الرعيان! .

طرق عشي.... نشيد الرعيان!

من ذكريات المالكي.

تغريدات لفضيلة الشيخ "حسن بن فرحان المالكي"

التغريدات من شهر أغسطس 2013

قام بجمعها "محمد كيال العكاوي"


من أجمل فنون الجبال ما يسمى ( طرق عَشْيِنْ)، وهو نشيد رعاة الأغنام ساعات المساء..

 

 


هذا الطرق لا يكاد يجيده اليوم في بني مالك إلا قبيلة آل علي، ويمتاز بالمد في آخر البيت، وسترون كيف يمططون الحروف ويفصلون بينها بالآهات!

كنا قديماً نسمع بعضه على النادر، ولكنه يمارس كثيراً عند آل علي ( وهي قبيلة من آل كثير من بني مالك ) وكانت ( كثير ) لها صولة على بني مالك.. وآل كثير يشملون آل علي وآل يعلى ( حبس وآل سلمى ) وبني رايم ( آل يحيى وأل زيدان وآل منخيف ) ومن آل يحيى أتت قبائل حريص ( جبل الحشر ) ثم انفصلوا.

وكان يطبقه الرعيان ( شباناً وفتيات)، وهذا المد والصوت القوي البعيد هو لأجل أن يسمع آخر الرعاة ما يقوله صاحبه من جبل آخر! فللبيئة أثرها فيه.

وهذا نموذج للفن المختلط ( شباباً وفتيات) وكان يغنيه ألأخ مع أخته وابنته، أو مع أجنبية لا فرق، وهذا نموذج للمختلط :

 

 

طرق عشي، ويسمونه باللهجة المحلية ( عَشْيِنْ ) لأنه يختمون كل مفرد مذكر بتنوين ( صبحٍ، ظهرٍ، عصرٍ، مغربٍ،سوقٍ ) أما القبائل الشمالية فتضم (تنوين الضم).

كان العشي أعلان بقرب العودة للبيوت بعد معاناة اليوم، من رعي الأغنام وإيرادها الماء، فيكون وقت العصر راحة، فيتم التنادي بهذا الطرق بين الرعاة.

عند تحليل هذا الطرق ( طرق عشين ) تلاحظ فيه إيحاءات النعمة، من كلأ وماء وأمن، فلم يبق إلا الصدح بهذا الصوت الطويل، وكأنه مسابقة في الصوت.

أنا جربت فرحة العودة بالأغنام، كان وقت العشي أمتع الأوقات، فهي ترعى عائدة، وتصل الجبال القريبة وقد امتلأت بطونها، فتفرح لها وتحب أن تنشد!.. كنت أرعى الغنم مع أختي في الجبال المجاورة، ولكن لم نكن من ذلك الجيل الذي يجيد مثل هذا الطرق، وإنما نأخذ ما سهل، ونلبث اليوم كله ثم نرجع.

رعيت ثلاثة أعوام تقريباً من عام 1395، ونأكل من بعض ثمار السدر والضبر، ونردد ما استطعنا من أغاني الرعاة، وقد نسمع صوت راعية في جبل بعيد!

كانت التدرب على الصوت يومياً، وكذلك على الرمي بالأحجار عن بعد، وكان الغنام ( راعي الغنم ) أمهر في رمي الأحجار من راعي الضأن، لدرجة مذهلة، لأن الغنم ( وهي عندنا الشياه = المعز لا الضأن ) تمشي وترقى الجبال وسريعة التنقل، فيضطر صاحبها للتدرب على رميها لتعود من مكان لمكان.

عندما أسمع مثل هذه الأغاني المحلية أقول لنفسي: ما الذي أدخلني بين الوهابية ولسلفية والفتن ما ظهر منها وما بطن!!

هههههه وأفكر بالعودة!

لقد هممت أكثر من مرة أن أرجع بني مالك، لأستعيد سوانح الذكريات، وأتأمل في دورة الزمان، وأبحث عن نفسي الأولى بين رؤوس الجبال ومهاد الأودية!

لكن أخشى من أمرين: الأول: التقصير في البيان الثاني: أن يعتريني الملل بعد تبدل أكثر الناس، فإنك لا تكاد تجد من يفهمك ويفهم الأنس المفقود.

ماذا جنيت من المدينة غير الضنك واللدد والأود لو كنت أضمن أن القرية هي القرية لعدت.. لكن الإفساد عام، ولا يكاد يفهمني إلا الصخر والقمر.. حياة القرية اليوم لم تعد حياة القرية زمان، فالذين أدركناهم رجالاً هم بين ميت ومريض، وزملاؤنا هناك لم يغتربوا فيحنوا للأرض والماضي..

بقينا نحن.


حتى عندما أعود أجد الناس - للأسف - معظم سوالفهم عن السياسات والمذاهب والقصص القريبة، كأن على الناس سخطة من السماء!

القليل فقط من يحب الذكرى.


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=704
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 05 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18