• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : أهمّية الوعي التاريخي .

أهمّية الوعي التاريخي

 نصيحتي:

أنه بدلاً من أن تقولوا: قد شبعوا موتاً.. 

قولوا: كن صادقاً في نقل الحقيقة .

وهي نصيحة للجميع .

تغريدات لفضيلة الشيخ "حسن بن فرحان المالكي"

قام بجمعها "محمد كيال العكاوي"


الوعي التاريخي مهم جداً، يجعل الشخص عاقلاً.. ولو لم يرد، أما الجهل بالتاريخ فيحرم الشخص من العقل.. ولو أراد! فلذلك سبق الشيطان بالتحذير من التاريخ!

الجهل بالتاريخ ومحاربته هو الذي جعل الناس يعبدون اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، وهو الذي جعل المسلمين يسلكون سبيل المجرمين، لأنهم يجهلونهم.

ليس الوعي التاريخي بالمعلومات الكثيرة المضللة، ولا أن تحفظ فضائل قوم وتذم آخرين، الوعي التاريخي مسألة أخرى، أولها أن تعرف فرز هذه المعلومات، وفرز المعلومات يجب أن ينطلق من معيار ثابت، وليس تقليد الأشخاص..في نبذ ما ينبذون وأخذ ما يأخذون، من تأخذ عنهم يجب أن تفرزهم أيضاً.. لا تعبدهم.

كيف يكره بعض المسلمين التاريخ والقرآن أكثره تاريخ؟!

هذا خلل إيماني قبل أن يكون خللاً معرفياً وعقلياً، التاريخ مفتاح العقل، والعقل مفتاح المعرفة.

هذا التخلف والتشرذم والتحاقد والتفرق هو نتيجة من نتائج كراهية الوعي التاريخي، من كره المعرفة عاقبه الله بالحماقة، وختم على سمعه وبصره وقلبه.

يقولون هذا ماضي وانتهى.. وهم إفراز هذا الماضي..

يقولون أناس قد ماتوا.. وهم مقتدون بسبيل المجرمين..

يقولون لن يسألنا الله عنهم.. وينسون سورة الأعراف 38

(قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّىٰ إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَٰكِن لَّا تَعْلَمُونَ (38))  [الأعراف] 


هذا التاريخ .... هل نرميه في البحر؟!

طلب مني بعض المتابعين الرد على شبهة أن هذا تاريخ وانتهى، وأصحابه شبعوا موتاً، والله من يحاسبهم.. الخ

وأنا أخاطب الكارهين للتاريخ بكل ود وأقول:

اعطوني أنتم حلاً..ماذا تريدون بالضبط؟

هل تريدون ( رمي التاريخ كله) في البحر؟

قولوا لنا بصراحة..

إذا قالوا: نعم، نريد رمي التاريخ في البحر، التاريخ الذي فككنا وزرع بيننا العداوة والبغضاء ..الخ

نقول لهم: في القرآن تاريخ.. فهل نرميه أيضاً؟

هنا سيقولون: لا .

طيب استثنينا التاريخ الموجود في القرآن، فهل تريدون رمي التاريخ الموجود في الكتب الأخرى من صحاح ومسانيد وسنن وطبقات.. الخ.

فإذا قالوا: لا

فما هو التاريخ الذي أزعجكم؟

وهل إذا رميناه سنتفق ونتصالح ونتقارب ونتآخى؟

إذا قالوا : نريد رمي التاريخ الذي يذكر أخطاء السلف

نجيب: حتى القرآن يؤرخ لبعض أخطاء السلف، فماذا نفعل؟

وهل رمي ما نتضايق منه عمل عاقل ويتفق مع المعرفة الإنسانية؟

هل تعلمون ماذا يعني قولكم؟

كلامكم يعني ألا نكتب إلا محاسن السلف، ومحاسن الماضي فقط، أما مساويء السلف والماضي فلا..

طيب..

هذا المنهج، هل هو قرآني في تناول الأحداث أم لا؟

طبعاً الجميع سيتذكر الآيات عن أحداث السيرة وتدوينها أخطاء السلف.. في أحد وحنين بل وبدر وفي تبوك وفي خارج تلك الأحداث أيضاً.. فماذا نفعل؟

هنا سيقول العقلاء: معك حق، منهج القرآن في ذكر المحاسن والمساويء، الثناء على أهل الثناء وذم المستحقين للذم.. الخ

إذاً ما هو الخلاف بيننا بالضبط؟

لأنني عندما أكشف لكم بعض الحقائق المؤلمة فليس هذا لأنني أحب أن تحدث، لكن للأسف لأنها حدثت، فليس ذنبي..

التاريخ هو تسجيل الوقائع لا الأماني.

قد يقول البعضولكن هذا لا فائدة فيه ..

نقوللو وافقناكم - جدلاً - فدعونا فيما لا فائدة فيه واشتغلوا بما فيه فائدة.. الناس اهتمامات متنوعة.

ثم من جانب آخر، هؤلاء لا يتركون ذكر أخطاء الآخرين وهي تاريخ، فهم يحبون ذكر أخطاء الفرق الأخرى وجرائمهم  ..الخ

فما الفرق؟

اثبتوا على منهج.

طبعاً أنا أعرف هذا السر .. سر كراهية أخطاء السلف والماضين من الآباء والأجداد، لأننا مازلنا جاهليين، نحب الفخر

ونكره مراجعة الذات.. 

هذا هو السر.

هذه الروح الجاهلية في تمجيد الذات ليس عليها منهج القرآن ولا ألأحاديث ولا التاريخ.. ولا تواريخ العالم وأمم الأرض..

هذا شعور جاهلي طفولي فقط.

الطفل يحب أن تمدح له والده، ولو كان من أسوأ الناس.. هذه طفولة.. يجب أن نرتفع.. أن نكون في مستوى أمم الأرض..

بل القرآن يذم هذه التبعية العصبية.

قد يقولون: نحن لا نمانع من قراءة التاريخ بحسانته وسيئاته، ولا تقييم أشخاصه بالشرع، ولكنك أنت تأتي بأشياء ما سمعنا بها من قبل، ولك دوافع.. الخ

طيب... 

لكن عباراتكم مطلقة.. ولا تعترضون على أخطاء مني أو من غيري.. أنتم تقولون هؤلاء ناس شبعوا موتاً وهم عند الله .. فعباراتكم توحي بالتعميم!

أعني كأنكم تريدون رفض التاريخ كله، رفض تقييم رموزه وصانعيه، ثم تتناقضون وتتفاخرون برموز وأحداث من التاريخ وتذمون آخرين، مع أن أؤلئك قد ماتوا..

ثم كون الشخص قد شبع موتاً ليس عذراً كافياً للتوقف عن قراءة سيرته وتأثيره على جوانب من المعرفة الإسلامية..

هذا فرعون خلد القرآن ذمه، وأبولهب.. الخ

ولذلك نصيحتي:

أنه بدلاً من أن تقولوا: قد شبعوا موتاً.. 

قولوا: كن صادقاً في نقل الحقيقة .

وهي نصيحة للجميع .

الحقيقة كلها بما نحب منها وما نكره، وهذه هو عمل أمم الدنيا.. ليس في الشعوب من يقول : اتركوا التاريخ، لأنهم يعرفون أن للتاريخ  فوائده وعبره وآثاره ، ويستحيل أهماله.

نعم لك الحق أن تقول: عندك أخطاء منهجية وفكرية وتعصب وهوى ..الخ 

أنت حر..

هذا رأيك.

ولي رأيي المخالف لك، ونبقى أحباباً بمشتركات الدين العليا..

الناس يحتاجون إلى هذه الأسئلة البسيطة، وهذه الإجابات البسيطة، يحتاجون إلى الهدوء في الطرح، لأجل المعرفة فقط، وهناك من القطعيات ما تكفي للاتفاق.


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=774
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 06 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28