• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : أصحاب الجنة في القرآن - الجزء الثاني .

أصحاب الجنة في القرآن - الجزء الثاني

تغريدات لفضيلة الشيخ "حسن بن فرحان المالكي"

 قام بجمعها "محمد كيال العكاوي"

لمطالعة"أصحاب الجنة في القرآن الكريم - ألجزء ألأوّل" هنا


سبق في الجزء الأول أن استعرضنا ثلاث آيات من تلك الآيات التي تتحدث عن أصحاب الجنة، ونواصل الآن.

وهذه السلسلة سيتبعها سلسلة أخرى (أصحاب النار) في القرآن،  حتى يعرف (المسلمون) أنهم سيكونون أقل أهل الجنة وأكثر أهل النار وفق القرآن الكريم، حتى يعلم المسلمون أن النار هي للمجرمين والظالمين والكافرين والمعتدين والكاذبين.. الخ، وهذه في المسلمين أكثر منها في غيرهم.. والجنة على الضد.

الآية الرابعة  (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ  مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ  فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124) وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ  وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا)  [النساء/123-125]

والآن تعالوا ننظر:

أولاً: منطوق الآية أن من يعمل سوءاً يجز به، (مسلماً) كان أو كتابياً،  ومفهوم الآية أن من يعمل خيراً يجز به أيضاً، كتابياً أو (مسلماً)، هذا المنطوق والمفهوم غير متناقضين، وهذا عدل الله الأول قبل أن يعنصره المسلمون، ثم يمذهبوه المتمذهبون، وهذه هي الفطرة، وهو العقل والضمير.

مفهوم المسلمين أن من يعمل كل جرائم الدنيا فلا يُجز بها، يكفي أن يقول في آخر حياته (لا إله إلا الله) ويدخل الجنة! ثقافة روائية مضادة للقرآن.

ولذلك اخترع السياسيون ووعاظهم أحاديث كثيرة تسهل دخول الجنة،  وكأن الله يُخدع عن جنته! فتم (تشبيك الجنة) بأحاديث زور وأماني بور يخدعون أنفسهم.

ثم أخبر الله في  السياق نفسه (في الآية الثانية) بمن سيدخل الجنة - ليس من المسلمين وأهل الكتاب فقط - بل من كل ذكر وأنثى على وجه الأرض فاسمع

(وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا(124)) [ألنساء]

والسؤال:  ما معنى وهو مؤمن؟

هل معنى (وهو مؤمن) يعني مسلم؟ أم كتابي؟  أم مؤمن بآيات الله؟  أم يؤمن بالصدق إذ جاءه؟  أم يؤمن بمعنى يأمنه الناس على أنفسهم وأموالهم؟

لا يمكن أن تجيب على هذا السؤال إلا باستعراض كل ألفاظ (الإيمان والمؤمنين) في القرآن الكريم،  فقد يكون المؤمن هو كل ما ذكرناه سابقاً.. ثم لو تنزلنا مع غلاة المسلمين وجعلنى أن معنى (مؤمن) هو أن ينطق بالشهادتين، فهل هذا يكفي، ولو لم يعمل الصالحات؟

الإيمان معطوف على عمل الصالحات، وعمل الصالحات يجب معرفته من القرآن أيضاً، وهذا موضوع كبير جداً،  وهو الركن الثالث من أركان الإسلام قرآنياً (وقد بحثناه سابقاً في معنى الإسلام)، ولكن حتى لو تنزلنا  بأن (مؤمن) هو نطق الشهادتين ولا يشترط ( عمل الصالحات)، فإن الله قد توعد المفسدين الذين (يقولون آمنا بالله واليوم الآخر)..

راجعوا ذلك في أول سورة البقرة، كلها ذم للذين يقولون (آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين)، لأنهم يفسدون ويخادعون ويكذبون كالمسلمين اليوم.

إذاً فالإيمان اللفظي (النطق بالشهادتين) ليست كافية لتجنب النار، لابد من التوقف عن المخادعة والإفساد في الأرض والكذب والسفاهة.. الخ.. وغاية ما يمكن أن نجاملهم الغلاة أن نقول:

المسلمون مؤمنون بلا عمل للصالحات، وغيرهم يعلمون الصالحات بلا إيمان، وإن تشددتم في هذا تشددنا في ذاك!

فإذا كانت الجنة مباحة لمن يؤمن بلا عمل الصالحات، فستكون مباحة لمن يعمل الصالحات دون إيمان، فذكرالصالحات في الآية سابق على الإيمان.

وإذا قلتم : نحن نعمل الصالحات (رغم أننا لا نراها من أفعالهم) قالوا لكم : ونحن نؤمن بالله وآياته واليوم الآخر مع قلة ما وصلنا من الوحي..

ثم لماذا المسلمون إذا قصروا في (عمل الصالحات) لا يرون هذا مشكلة! بينما لا يتسامحون مع الأمم في التقصير في مسائل الإيمان؟ وأنه لابد منه كله؟ مع أن ثمرة الإيمان هو العمل  وليس ثمرة العمل هو الإيمان، فالمسلمون معهم الوسيلة ومع غيرهم الثمرة - غالباً - فمتى كانت الوسيلة أهم من الثمرة؟

مع أننا لو دققنا في الوسيلة (الإيمان) لوجدنا أن المسلمين في الغالب ليسوا مؤمنين، إنما يؤمنون بما يحبونه فقط  ويكفرون بما لا يحبون.. وهذا كفر.

طبعاً هذا ليس عاماً، لا في المسلمين ولا في غيرهم، ففي المسلمين من يعمل الصالحات وفي غيرهم مؤمنون بأكثر ما يطلب الله الإيمان به في القرآن، ولكن لو بحث المسلمون  معنى (وهو مؤمن) وعرفوا المؤمن بالمعنى القرآني لاستحوا أن يقولوا عن أنفسهم أنهم (مؤمنون) ولخجلوا،  فمن هم المؤمنون؟

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال/2]

مَن مِن المسلمين اليوم الذي إذا ذُكر الله وجل قلبه؟ وإذا تُليت عليه آياته زادته إيماناً؟

هؤلاء المسلمون نراهم كل يوم، تذكرهم بالله ، تتلوا عليهم الآيات، تقول لهم اتقوا الله، فلا تجد منهم مستجيباً، قد ملؤوا صدورهم بالمذاهب والآفات.

ولاحظ اللفظ هنا  أن الله لم يقل ( الذين إذا ذكروا .. وإذا تلوا ) بالمعلوم، وإنما بالمبني للمجهول، يعني إذا سمعوا اسم الله - ولو في سوق - يهزهم!

أين هؤلاء المؤمنون؟ أخبرونا أين هم؟  حتى نقول أننا مؤمنون، وأننا نفخر على الأمم بهذا الإيمان الزائد على عمل الصالحات؟  نحن مجرد أهل فخر وظن.

وهذا قيد واحد من قيود (الإيمان) في كتاب الله،  فكيف لو أضفنا القيود الأخرى وهي بالعشرات؟

هل بعد هذا سنفتخر بأنا (مؤمنون)؟

ليتنا نعرف أنفسنا.

والخلاصة:

أن هذه الآية (الرابعة) في أهل الجنة ظهر أن حظوظ المسلمين فيها ضعيفة، سواء على مستوى الإيمان (القرآني) أو عمل الصالحات.


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=789
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 07 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29