• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : داعش ترجم امرأة، فلماذا الإنكار؟ (ألجزء ألثاني) .

داعش ترجم امرأة، فلماذا الإنكار؟ (ألجزء ألثاني)

تغريدات لفضيلة الشيخ "حسن بن فرحان المالكي".

 

قام بجمعها "محمد كيال العكاوي"

للعوده الى "داعش ترجم امرأة، فلماذا الإنكار؟ (ألجزء ألأوّل)" هنا.


اعطينا باختصار عقوبة الزنا في القرآن، مع أنه بقي الكثير، وهنا نتناول الحديث، وأشهر حديث تحتج به داعش وكثير من المسلمين هو حديث عمر ( أو حديث الشيخ والشيخة)، وهو حديث باطل بلاشك - متناً وإسناداً - ولكن اصبروا فالحقيقة مرة.

أولاً : حديث الشيخ والشيخة  رواه مالك وعبد الرزاق وابن أبي شيبة، ثم من بعدهم كالبخاري ومسلم، ثم أصحاب السنن، لكن فيه عللاً بحواضن قرآنية.. نأخذها واحدة واحدة ..

أول من رواه مالك في الموطأ( رواية يحيى الليثي - (ج 2 / 824)  عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عمر، وهذا أول وجود لهذا الحديث، فمالك أسبق من طبقة أحمد، فضلاً عن طبقة البخاري ومسلم، وفيه أن هذا الخبر موقوف على ابن المسيب، وفي سماعه من عمر كلام، بل حتى في الحديث ليس فيه قوله (عن عمر)، وإنما كتبتها بالمعنى، وإنما في الموطأ قول اب المسيب (لما صدر عمر من منى..) فهو يحكي قصة سمعها بعد، وقد توفي عمر وكان لابن المسيب ثمان سنوات فقط، فكيف يحفظ هذه القصة الطويلة إن لم يكن سمعها من الثقافة العامة من الناس بالمدينة، وفيهم يهود؟!

ثم تلميذ ابن المسيب وهو يحيى بن سعيد ، هو يحيى بن سعيد الأنصاري، كان جده من المنافقين، فلعله خلط ما رواه عن ابن المسيب بثقافة حلفاء اليهود.. ومالك نفسه كان يبتر الأسانيد، فإذا غضب على شخص أخرجه من الإسناد، وهذه من علل الرواية القديمة [(ولي فيها بحث تشيب له الولدان) لكن سنواصل]، فهذا أول إسناد لقصة الشيخ والشيخة متهالك، ثم أخذوه أهل الشام وزرخرفوه مرفوعاً، وسيأتي، والأمر يحتاج لحاضنة قرآنية في تحذير الله من اليهود..

دعونا نواصل حديث مالك، فهو المصدر الأول الذي ذكر هذا الحديث.. نبقى مع متن مالك عن عمر:

( قال إياكم ان تهلكوا عن آية الرجم ان يقول قائل لا نجد حدين في كتاب الله، فقد رجم رسول الله صلى الله عليه و سلم ورجمنا، والذي نفسي بيده لولا ان يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها "الشيخ والشيخة فارجموهما البتة.." فإنا قد قرأناها)

هذا متن عجيب غريب منكر، حتى وإن قاله عمر، وهذا معنى تقديم القرآن على أقوال البشر..

أولاً: اللفظ لا يليق بكتاب الله .. ماهذا ( الشيخ والشيخة)؟!

قد يكون الشيخ أعزب، وقد يكون الشاب متزوجاً ، وقد ذكر ابن حجر أن عمر استشكل هذا، ثم كيف يرقعونها بأن يقولوا (هذا مما رفع رسمه وبقي حكمه)..

طيب ليش؟

هذه حجة غير مقنعة، بل هذا الرجم من آثار الثقافة اليهودية على المسلمين، واليهود لم يكن الله ليحذر منهم كثيراً في القرآن بلا سبب، فقد ضمنوا إسلامنا تجسيمهم وإرجاءهم وجبرهم وبعض أحكامهم المتشددة كالرجم.. والقصة طيولة.

قد يقول البعض: وحديث الغامدية والأسلمية؟!

نقول:  إذا نسبوا لكتاب الله (الشيخ والشيخة) فلا تستغربوا أن ينسبوا للنبي (غامدية وأسلمية)!

إذا نسبوا لكتاب الله الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) شيخاً وشيخة، فسينسبون إلى سنة النبي ما شاءوا، والنبي إنما يتبع القرآن.. فأنتم بحاجة لطرد الحديث كله من عقولكم وإحلال القرآن كله مكانه، ثم بعد ذلك تنظرون ماذا يشبه هذا القرآن وتضيفونه للنبي، بغير هذا ستبقون في ضلال.

لستم مضطرين إلى تكذيب راوٍ معين - لا صحابي ولا غيره - لكنكم مضطرون - إن كنتك مؤمنين - أن تقولوا:

لا نقدم على كتاب الله شيئاً، فتتوقفوا عما يخالفه.

الحديث الثاني حديث أبي بن كعب 

 - حسب ترتيب المصادر تاريخياً - مالك توفي 179 وفيه حديث عمر، ثم عبد الرزاق توفي  210، وهذه حديث أبي بن كعب فيه مصنف عبد الرزاق - (ج 3 /  365) عن معمر عن قتادة عن أبي النجود عن زر بن حبيش قال: قال أبي بن كعب كأين تقرأون سورة الاحزاب، قال قلت بضعا وثمانينآية، قال لقد كنا نقرأها مع رسول الله صلى الله عليه و سلم نحو سورة البقرة أو هي أكثر، ولقد كنا نقرأ فيها آية الرجم، الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم) انتهى الحديث، وهو باطل سنداً ومتناً، ويظهر أن الثقافة العامة كانت بيد اليهود، ينشرون ضد القرآن والنبي بيسر، عبد الرزاق ومعمر وزر بن حبيش وأبي بن كعب لا أشك فيهم، الشك في قتادة وعنعنته وقربه من السلاطين الظلمة، فهو محل شك كبير هنا، وكذلك شيخه عاصم.

أي قتادة بن دعامة السدوسي، كان مدلساً أعمى ، كثير الرواية ، ثقة عند السلاطين وتبعهم المحدثون، فالجرح والتعديل معظمه ثقافي.

أما المتن ففيه تشكيك بالقرآن أيضاً، بأن بعضه قد ذهب، مثلما كان التشكيك في قصة الشيخ والشيخة، واليهود أصدقاء بني أمية، وللاثنين أهداف مشتركة.. قد يكون قتادة ينقل من الثقافة العامة والرواية القديمة، لم يكن فيها التشدد في الإسناد، قتادة مات سنة 117 هـ، وهو من أوائل شيوخ شعبة، وكان شعبة هو أول من فتش عن السماع بالعراق..

لم يكن قتادة ولا غيره من شيوخ شعبة يهتمون بالسماع، إنما كانت روايتهم ساذجة جداً، كسواليف البادية، يظن طلبة الحديث المبتدئون أن ما كتبه الخطيب في الكفاية والحاكم قبله في معرفة علوم الحديث وابن الصلاح بعده  في المقدمة.. يظنون أنه كان مطبقاً، طلبة الحديث مساكين، لا عقول لهم ولا همة بحث ولا معرفة بالأثر السياسي والكتابي والثقافي الجاهلي في الأحاديث، بل لا علم لهم بمسيرة الحديث نفسه، تجد أحدهم إن قرأ تيسير مصطلح الحديث للطحان يظن أنه قد بلغ مبلغاً عظيماً، وقد يترقى إلى نخبة الفكر، والقليل من يصل لكفاية الخطيب.

طبعاً والخطيب توفي 463 هـ، فهو متأخر، أما أن يدرسوا الرواية القديمة ايام الصحابة والتابعين وكيف كانت تسير .. فهذا من الأحلام! أهل الحديث بلاء!

 المقصود هنا أن رواية أبي بن كعب لا تصح، لكن الثقافة العامة في العهد الأموي هو الطعن في القرآن بالنقص والنبي بالتشويه وأهل البيت باللعن، فكان ما رواه قتادة أو الزهري أو يحيى بن سعيد أو أمثالهم إنما هو استجابة لثقافة عامة، والحلف القرشي اليهودي موجود في القرآن، فلا داعي لإنكاره، فالبلاء كما ترون كبير جداً، ولا يستطيع شخص ولا عشرة أن ينفوا عن كتاب الله ولا عن سيرة رسوله ما ألقته الثقافة الروائية في الأسماع والعقول، بل لا يستطيع الأفراد أن يوقفوا إنتاج الأديان المستنسخة من دين الإسلام ظلماً وزوراً، انتظروا سنوات قليلة وستنتج داعش دينها وتؤيده بأحاديث.

داعش هذه ... لولا أنني أعرف بني أمية لتابعتهم، لولا أنني أعرف أثر السلطة واليهود والمذاهب على الدين لصدقتهم،

القصة كبيرة جداً، أكبر مما تتصورون!

داعش هذه هي نسخة أموية مخففة، ليست في ملعنة بني أمية ولا بني العباس ..

بقي ديننا تحت الدواعش أربعة عشر قرناً..

افهموا!

فلا أستطيع قول كل شيء، لا يخوفونكم بأنكم تردون السنة، أنتم تردون ما خالف القرآن، فإن أصروا قولوا لهم حسنا.. تتهموننا برد الأحاديث ونحن سنتهمكم برد الآيات، والآيات أصح

الله حذرنا الشيطان فلم نحذر، أن نتخذه عدواً فلم نفعل، من شياطين الإنس والجن فلم نحذر، من المنافقين فلم نحذر، من اليهود فلم نحذر..الخ

فالضلال طبيعي، ليس الغريب في ضلال المسلمين، بل الغريب أن يبقى مسلمون ولو بالاسم على وجه الأرض، وهذا الإبقاء بعضه (شيطاني)، فلن يفرط فينا، يحبنا كثيراً.. دين الإسلام الحق والصدق والرحمة والعدل، بينما أتباعه أهل الباطل والكذب والقسوة والظلم، ثم يزكون أنفسهم بأنهم مسلمون!.. أليس هذا جميلاً للشيطان؟

اسمعوا التسعين حلقة لي عن (سيرة النبي من القرآن) ، وستقفون على أول (الجهد الشيطاني) وأول جهود المنافقين والكفار في الاستيلاء على الإسلام.

طبعاً.. الوعي التاريخي قائد لك ..

التدبر القرآني قائد، متواتر السنة قائد أيضاً، العقل قائد.. التفكر قائد.. لكن كل هذا نرفضه ولا نفرط في الآلهة!

حتى الأخوة الشيعة والإباضية والزيدية دخل تراثهم الشيء الكثير من الزيف، بسبب وقوعهم تحت وطأة السلطة ومنبرها وأحاديثها، إنها فتنة عامة فاعتبروا، لكن أهل السنة بدولهم (بني أمية - بني العباس) كان لهم الدور الكبر في إضاعة الإسلام الأول، إسلام الصدق، إسلام العدل، إسلام التفكر والعقل.. الخ

الشيعة تركوا قول الإمام علي (فالقرآن وأهله يومئذ طريدان منفيان، وصاحبان مصطحبان في طريق واحد، لا يؤويهما مؤوٍ) وأصبحوا يخوضون في الروايات، بل قَبِلَ الشيعة عن الإمام علي؛ الرجم وتحريق المرتد ونحو ذلك ما وضعه أتباع السلطة على الإمام علي - مع مكر في ذكر بعض فضائله - لتتثبت شريعتهم.

لذلك فالبلاء بهجر القرآن عام!

نعم بقي المعتزلة، ولعلهم أفضل الفرق كلامياً، لكن الفكر غلب على التدين، ووقعوا في المذهبية، والشيعة الأولى انتهوا.

وكذلك بقي بعض الومضات عند الإباضية والزيدية والصوفية وبعض الفلاسفة المسلمين.. لكن وطأة الدول كانت قوية جداً على الإسلام، وضاع كثير من التراث، لم تكن دول الاستبداد والظلم والكذب تحرق كتبها، كانت تلاحق كتب النور وتحرقها، وتلاحق المخالفين وتذبحهم بعد صلاة الأضحى، والحمقى يفخرون بهم!

لذلك استطاع الشيطان تثبيت دينه داخل التراث بالسيف والقلم والدهماء والغوغاء، ثم أصبح يحارب إسلام القرآن، فكان القرآن وأهله كما وصف الإمام علي

 


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=814
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 07 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29