• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : اللعن .. بين المشروع والممنوع - الجزء ألأوّل .

اللعن .. بين المشروع والممنوع - الجزء ألأوّل

 

مثلما ننكر على غلاة أهل السنة من بني أمية إقامة الاحتفالات بلعن من يحبه الله ورسوله فنحن ننكر على غلاة الشيعة هذه الاحتفالات أيضاً. هذه الاحتفالات التي سنها بنو أمية لا يجوز لسني ولا شيعي أن يقيمها. فننكر على أوائل غلاة السنة كما ننكر على متأخري غلاة الشيعة. هذه بدع.

 

تغريدات لفضيلة الشيخ "حسن بن فرحان المالكي".

التغريدات تم  نشرها في شهر سبتمبر 2013

قام بجمعها "محمد كيال العكاوي"



دائماً نقول بحرية الرأي والتعبير ... ومن هذا أن يكون للشخص تقييم مختلف لشخصية من الشخصيات، لكن بالعلم. أما هذه المهرجانات والاحتفالات بلعن الصحابة أو غيرهم، فهي بدعة وليست طريقة علمية، وإنما فيها الهوى ظاهر، مع ما تسببه من مفاسد كثيرة.

أقول هذا مع احتفال بعض غلاة الشيعة في بغداد - بقيادة ثائر الدراجي وآخرين - كما على هذا الرابط   

هذه الأعمال نبرأ منها.

وأول من سن ههذ البدعة في الاحتفالات بلعن الصحابة هو معاوية وولاته - كالمغيرة بن شعبة - للأسف، ولكن كان في لعن علي بن أبي طالب وأهل البيت. والآثار في ذلك كثيرة وصحيحة، كما في (السنة لابن أبي عاصم (2 / 619) ( لما بويع لمعاوية بالكوفة أقام المغيرة خطباء يلعنون علياً) فهذا احتفال!

ومثلما ننكر على غلاة أهل السنة من بني أمية إقامة الاحتفالات بلعن من يحبه الله ورسوله فنحن ننكر على غلاة الشيعة هذه الاحتفالات أيضاً. هذه الاحتفالات التي سنها بنو أمية لا يجوز لسني ولا شيعي أن يقيمها. فننكر على أوائل غلاة السنة كما ننكر على متأخري غلاة الشيعة. هذه بدع.

العلم له طريقة أخرى ... حتى في الكفر والردة، هناك فرق بين من ينكر النبوة ويسرد ما يراه من أدلة، وآخر همه أن يشتم النبي، فهذا مختلف جداً. وسب الصحابي يختلف باختلاف الساب والمسبوب، فهناك ساب جاهل وآخر عالم، وهناك مسبوب صالح وآخر طالح، فلا يساوى من سب بعض السابقين بمن سب الظالمين. وهذه تحتاج لتفصيل، ففي حالة سب الصحابي الصالح هنا ننظر لهذا الساب:

هل يسب تديناً أم هوىً وعصبية؟

إذا كان تديناً فيُنظر:

هل هو جاهل أم متأول؟

أما في حالة الصحابي الذي ظلم وأساء وعسف - كبسر بن أرطأة  ومسرف بن عقبة - وأمثالهم، فالخطب هين، وقد اشترك السنة والشيعة في ذم هؤلاء تقريباً. وإنما الكلام هنا في من سب صحابياً صالحاً - وإن كان غير معصوم - هنا ما حكم الساب؟

هل هو كافر أو زنديق أو مبتدع أو ظالم أو ماذا؟

الذي عليه الأدلة أن سب الصحابي الصالح أو تكفيره أو ذمه ظلم وإثم من الساب والمتهم، وليس بالضرورة أن يكون كفراً أو زندقة..

لماذا؟

لأن هذا الساب أو المكفر يتدين إلى الله بهذا كما يتدين الخوارج بتكفير بعض الصحابة وهم مؤمنون بالله واليوم الآخر ومعظمون لدين الله. ومع ذلك فالخوارج يصلون يصومون ويتدينون بدين الإسلام - في الجملة - فليسوا منافقين وليسوا كفاراً ولا زنادقة. فمتى يكفر ساب الصحابي؟ نعم قد يكفر ساب الصحابي، قد يكفر إذا علم أن هذا الصحابي قد ورد في فضله أحاديث أو أدلة خاصة ثم هو يعاندها ويعاند النص ، وهذا قد ينطبق على الأمويين أكثر!

بمعنى أن الخوارج الذين كانوا يكفرون علياً - مثلاً - لم يكونوا من كفار قريش، ولم يخالطوا النبي حتى يعرفوا أقواله فيه، وهم قد لا يصدقون الناس. بينما أموي آخر، حضر الغزوات ضد النبي وكان يرى الإمام علي أمامه، ثم تظاهر بالإسلام وسمع النصوص وتيقنها ثم عاند.. كل هذا، فهذا كفر. ولكن مع ذلك.. يبقى للأموي اسم الإسلام وأحكام الإسلام الظاهرة - وإن كان منافقاً معانداً - كما يبقى للخارجي اسم الإسلام، وإن كان ظالماً بجهل.

والشيء ذاته عند الشيعة، فكل شيعي يعلم أن فلاناً من الصحابة أو من أمهات المؤمنين قد ورد فيها نصوص، وتيقن أن هذه نصوص صحيحة ثم يعاندها كفر.

المشكلة الآن أين تكمن؟

تكمن في معرفتنا بما في القلوب - وهذا شيء صعب جداً - أعني هل هذا السب للصالح عن عناد قلبي أم عن قناعة أن هذا دين؟

هذا صعب جداً، نعم.. قد ترجح في أحد الشتامين أنه يعرف ويعاند، ولكن بعد معرفة القرائن على ذلك مثلما فرقنا بين الأموي والخارجي. قد نرجح بالقرائن، لذلك أنا أفرق بين ناصبي نشأ في الشام فكان يلعن علياً تديناً وتقليداً لأهل بلده وبين ناصبي يعرف علياً ووجده أمامه في الغزوات وسمع فيه النص.

كذلك في الخارجي والشيعي.،، هناك فرق بين من يعلم ومن يجهل، ولكن هذا كله بجهل أو بعل، فإقامة الاحتفالات بدعة، حتى لو كنت تكفر ذلك الصحابي.

كلامنا هنا ليس على البحث العلمي، ففي السنة والشيعة من يرى كفر بعض الصحابة أو نفاقهم علمياً - أي بالطريقة العلمية وإن كانت النتيجة خاطئة - وهذا في الشيعة واضح لا يعتذرون منه، أن كثيراً منهم يرى كفر بعض الصحابة ولكن هذا في السنة غامض، فجمهورهم لا يعتقد أن فيهم من يكفر صحابة، فصحابي كبير مثل أبي طالب، يرى معظم السنة أنه كافر وأن عقله يغلي من النار، فيغتر بالأحاديث الشامية ويصححونها كما يغتر بعض الشيعة بأحاديث.

هنا لو تأتي للسني الذي يكفر أبا طالب - رغم أنه مؤمن عند التحقيق - وتقول له: لماذا تكفر أبا طالب؟ يقول لك: قال الرسول كذا وكذا.. فإذا قلت له: أحاديثك هذه ضعيفة وذات منبع شامي ولها أهداف سياسية وو.. الخ ، لن يصدقك، فهو يثق في هؤلاء الرواة ويستغرب أحاديثك!..

فالمسألة علمية. والمسائل العلمية مغتفرة، ولكن لو قام سنة بإقامة احتفال في لعن أبي طالب ووالدي النبي ممن يظنون أنهم ماتوا على الكفر ألا يكون هذا بدعة؟

هذه الاحتفالات أقرب للسياسية، والكيد منها للعلم والمعرفة، لذلك نحن ندينها وننكرها،، إضافة لما تسببه في نزاع مجاني بين المسلمين ودماء وعنف.

من هذه الزاوية يجب معالجة المسائل علمياً..

يقال للسنة والشيعة : اعتقاداتكم لكم، ولكن رجاء بالعلم وليس باحتفالات معاوية ولا ثائر الدراجي.

أنا أعلم أن أغلبية السنة والشيعة - بحمد الله - ضد هذا اللعن والشتم، وضد هذه الاحتفالات القديمة والحديثة..

نعم السنة والشيعة لا يمثلهم هؤلاء.

هؤلاء الشتامون - سواء المتقدمون منهم أو المتأخرون - ليسوا أصحاب علم، هم أصحاب سياسة، العلم يكون في البحث لا بالاستفزاز والاحتفالات.

حتى اللعن الأموي للإمام علي على المنابر كان سياسة، والدليل قول مروان ،كما في تاريخ الإسلام للذهبي - (ج 1 / 449) [قال مروان لعلي بن الحسين قال مروان: ما كان في القوم أدفع عن صاحبنا (يعني عثمان) من صاحبكم ( يعني علياً ) قال علي بن الحسين: فقلت: ما بالكم تسبونه على المنابر؟! قال:لا يستقيم الأمر إلا بذلك.

رواه ابن أبي خيثمة. بإسناد قوي عن عمر] اهـ

كلام الذهبي، وانظر لقول مروان: لا يستقيم الأمر إلا بهذا ماذا يعني؟

يعني أن الأمر سياسة، فلعنهم للإمام علي ليس لأنهم يظنون أنه قتل عثمان أو أعان على قتله، فهم يعرفون أنه كان من أدفع الناس عنه. ومروان شاهد عيان، كان في الدار مع عثمان، ويعرف تماماً كم تحمل الإمام علي في سبيل هذا الدفاع والإنجاد بالماء.. الخ.. لكنه الأمر (السياسة)!

وكذلك أقامة المغيرة احتفالاً يقوم فيه خطباء بلعن الإمام علي بمناسبة دخول معاوية الكوفة.. هذه سياسة، وإلا فالمغيرة يعرف علياً تماماً.

ولذلك قلت لكم اتركوا التشبع بالسياسات والمذاهب وأقبوا على العلم والمعرفة، لن يصلح المسلمين إلا العلم والمعرفة، ولها طرائقها المختلفة.


هذه الاحتفالات من سنن بني أمية، والواجب على السنة والشيعة إماتتها لا إحياؤها، أخاطبكم المحتفلين بهدوء وعلم..

هذا الاحتفال باللعن سنة أموية!

للانتقال الى "اللعن.. بين المشروع والممنوع – الجزء الثاني" هنا.


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=847
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 08 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20