• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : تعليق على بحث ( تبرئة نبي الله إبراهيم من الكذب) - ألجزء ألأوّل .

تعليق على بحث ( تبرئة نبي الله إبراهيم من الكذب) - ألجزء ألأوّل

وعجبي ممن يصدق تكذيب نبي من متهم بالكذب  ولا يصدق تكذيب متهم بتكذيبه نبياً!

تغريدات لفضيلة الشيخ "حسن بن فرحان المالكي".

قام بجمعها "محمد كيال العكاوي"

مواضيع اخرى:

الرد على المسعري والانتصار لعدنان إبراهيم في قصة زواج عائشة



حديث التسبيح و زبد البحر في ميزان النقد العلمي... ومطالبات المحاكمة.



داعش ترجم امرأة، فلماذا الإنكار؟ (ألجزء ألثاني)



علم الحديث - وقفات مختصرة (الجزء ألأوّل)

علم الحديث - أبو هريرة نموذجاً (الجزء الثالث )


أحسن الأستاذ عبد العزيز في دراسة الحديث إسنادياً، وأنه من قول أبي هريرة، فهذا هو الصواب..

ولي بحث أسميته (الرواية القديمة) كشفت فيه على أن الرواية القديمة موقوفها على الصحابة والتابعين أكثر بكثير من موصولها ومرفوعها إلى النبي، وباستطاعة الباحثين أن يطالعوا المؤلفات القديمة في الحديث ..كالموطأ ومصنف عبد الرزاق ومصنف ابن أبي شيبة، ستجدون 90% من أحاديثهم آثار موقوفة، ولكن هذه الموقوفات في الموطأ أصبحت مرفوعة - غالباً - في المصادر اللاحقة (كالبخاري ومسلم والسنن ..الخ)، وهذا له علة لا ينتبه لها دارسو الحديث، فهذه النقلة (من الموقوفات إلى المرفوعات) لها أسباب سياسية ومذهبية، أما السياسية فمرحلة المتوكل الذي شجع الحديث وأهله  وأغدق عليهم الأموال.

وأما المذهبية الخصومية فأهل الحديث أرادوا بالمرفوع أن يجبهوا أهل الرأي (كالأحناف وغيرهم) بأن يجعلوهم في مواجهة رسول الله مباشرة!.. فكان أهل الحديث - كالبخاري ونحوه - قد تجنبوا الموقوف - إلا نادراً - وكثفوا المرفوع، فهذه وظيفتهم في مؤلفاتهم، لذلك فعيونهم على (الصحيح المسند) فقط! وهذا يعني أنهم إن وجدوا حديثاً قد رواه خمسة موقوفاً على أبي هريرة ثم وجدوا أن الحديث نفسه قد روي مسنداً من طريق واحد سيأخذون المسند فقط! وكان الأولى أن يتركوا ما ترجح وقفه حماية لجانب النبي من التقول عليه بالظن، ولذلك اخترعوا ما يسمونه (زيادة الثقة) ليسدوا بها هذه المشكلة. ومن أراد أن يشعر بهذه المشكلة فليراجع موطآت مالك للدراقطني، وسيجد العجب العجاب من اختلاف أهل الحديث عن مالك في وصل الحديث ووقفه!

على كل حال.. هذا الخلل الروائي كان قديماً،  بدأت بوادره من أيام النبي نفسه برواية بعض الصحابة عن أشرار أهل الكتاب لا خيارهم، فكانوا يحبونهم، وإذا كان في الصحابة من هم (سماعون) للمنافقين، فمن باب أولى أن يكون فيهم سماعون لليهود، وقد حذر الله من هؤلاء وهؤلاء، ولكن لم ينته بعضهم.

ولكن يبقى السؤال:

قد يقول بعضهم : وماذا تقول في الآية الكريمة (بل فعله كبيرهم هذا).. أليس هذا كذباً؟

وقوله (إني سقيم).. أليس كذباً؟

وبقيت الكذبة الثالثة التي زعم أبو هريرة أن إبراهيم كذبها، وهي قوله عن امرأته أنها أخته حتى يرسلها لملك جبار يخشى أن يقتله ويأخذها منه!

حسناً سنجيب باختصار، وحسن الظن بالأنبياء مقدم إذا وجدنا تأويلاً مقبولاً في الآيات.

أما زعم أبي هريرة أن إبراهيم كذب فأبو هريرة أولى بالكذب.

تعالوا نجيب على الآيتين، وأما الكذبة الثالثة التي زعهما أبو هريرة فلا تهمنا (هي من كعب الأحبار)، أما الآية الأولى فخذوها من سياقها واسمعوا:

أما قول إبراهيم عليه السلام (بل فعله كبيرهم هذا) فهو مشروط بكونهم ينطقون، وسنذكر السياق كله، فاسمعوه جيداً! وتمهلوا حتى أجيب.

وسيتبين لكم إن شاء الله كلام إبراهيم في سياق الجدل ولم يكذب..

قال تعالى

(قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62)قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63)) [سورة الأنبياء]

فكلمة "فاسألوهم" جملة معترضة، أي إن كانوا ينطقون، إن كانوا ينطقون فقد فعله كبيرهم..

سأذكر الآية مع بيان الجملة المعترضة (بل فعله كبيرهم هذا - فاسألوهم - إن كانوا ينطقون) وبحذف الجملة المعترضة يكون المعنى: (بل فعله كبيرهم هذا -- إن كانوا ينطقون) فالقول مشروط  مثل  قل إن كان لله ولد فأنا أول العابدين)

ونحن اتفقنا على تقديم حسن الظن بالتأويل السائغ..

واتفقنا على أن الجمل العترضة موجودة في القرآن..

واتفقنا على أن الأقوال المشروطة ليست كذباً.

ومن قرائن أن هذا التأويل هو الصحيح بقية السياق، فبماذا رد المشركون على إبراهيم؟

اسمعوا

(فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64)ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ(65)) [سورة الأنبياء]

انظروا كيف انذلوا  وخضعوا ولم يسخروا ولم يضحكوا!.. فقد فهموا شرط إبراهيم عليه السلام وفهموا حجته القوية  وعاتبوا أنفسهم ونكسوا رؤوسهم ولم يتتهموه بالكذب (كما فعل أبو هريرة وكعب الأحبار).

لم يقولوا : بل كذبت، ما يستطيع كبيرهم أن يفعل، ولا تضاحكوا، ولم يحتجوا بأنه كذاب، بل قالوا : لقد علمت ما هؤلاء ينطقون! فهم فهموا الشرط تماماً.. فلذلك انطلق معهم إبراهيم في خضوعهم وذلتهم وعلمهم بأنهم قد خُصِموا فقال

(قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67)) [الأنبياء]

أظن الأمر اتضح.

وعجبي ممن يصدق تكذيب نبي من متهم بالكذب ولا يصدق تكذيب متهم بتكذيبه نبياً!

 

للإنتقال الى"تعليق على بحث ( تبرئة نبي الله إبراهيم من الكذب) - ألجزء ألثاني" هنا.


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=884
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 09 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28