• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : لماذا لن نسكت عن مذهبنا ؟! - الجزء الثالث- .

لماذا لن نسكت عن مذهبنا ؟! - الجزء الثالث-

تغريدات لفضيلة الشيخ "حسن بن فرحان المالكي".

قام بجمعها "محمد كيال العكاوي"

 

للعوه الى "  لماذا لن نسكُت مذهبنا؟! - ألجزء ألأوّل. " هنا.

للعوده الى : لماذا لن نسكُت مذهبنا؟! - ألجزء ألثاني. " هنا.


ذكرنا في التغريدات السابقة أسباب تركيزنا على النقد الداخلي أكثر من النقد الخارجي للآخرين. والآن نواصل ونقول: من الأسباب أن غلاة مذهبنا غير جادين في أي عقيدة يدعون إليها وعندهم كل الآخطاء عند الآخرين..

 فلماذا نركز على الآخرين؟

أعني غلاتنا ليسوا جادين في العودة للكتاب والسنة، ولا عدالة الصحابة، ولا ذم الغلو والخرافات، ولا ذم العصمة.. الخ، كل عقائدهم جربناها معهم ورفضوها.

بدعة الخوارج في التكفير عندهم..

وبدعة الشيعة في الطعن في الصحابة عندهم..

وبدعة التلقيد عندهم..

وكل بلاء يذمونه هو من صلب عقيدتهم!

فلماذا نطيعهم؟

فلذلك لما ذممنا تكفيرهم للمسلمين بدعونا! ولما ذممنا ثناءهم على لاعني الصحابة بدعونا! ولما ذممنا خرافاتهم بدعونا!..

هم غير جادين أبداً.. يعبثون.

لذلك لا نتحمس في الرد على ا(لخوارج) والخارجية فيهم، ولا على (الرافضة) والرفض فيهم، ولا على (الخرافات)  والخرافات فيهم..

 فقدنا الثقة بهم.

جماعتنا - الغلاة منهم طبعاً، وهم قادة المذهب ودعاته - لا يعرفون أنه يجتمع فيهم من البدع ما تفرف في غيرهم.. مع زيادة ضلالات ليست عند الآخرين. اعطوني أي بدعة يذمون بها الآخرين ستجدها متوسدة في بطون مصادرهم العقدية، التكفير استحلال الدماء ذم الصحابة حب لاعني الصحابة الخرافات.. الخ، لذلك نقول:

لماذا تريدوننا أن نبقى معكم في هجاء الشيعة والإباضية والصوفية بأشياء موجودة في عقائدكم وتراثكم وتفاخرون بها؟

هذا عبث وولدنة.

هل تريدون أن أذكر أمثلة؟

في بغضهم الصحابة ومحبة لاعنيهم؟

في الخرافات التي يذمون بها الصوفية؟

في التكفير الذي يذمون به الخوارج؟ الخ

اعطوني أنكر ما ينكره السلفيون على غيرهم وسآتي لكم بمباركتهم لهذا الشيء.. إذا صدر من شيوخهم أو رموزهم  من لعن الصحابة إلى المشي على الهواء!

إذاً ما يحتاج أن ننقد الآخرين، علينا نقد الذات  لقد أصبح (الخوارج) ينكرون علينا التكفير! وأصبح (الروافض) ينكرون علينا حب لاعني الصحابة! كل مذهب لا يخلو من قصور وخلل كبير، كل مذهب يحتاج لتجديد داخلي من أهله، من شبابه، من فقهائه.. الجميع عليهم واجب الشهادة لله دون هدم كامل للمذهب.

دعونا نذكر مثالاً:

الخرافات مثلاً: السلفيون يحتجون على الصوفية بأنهم مخرفون، وهذا لعله في صحيح في جوانب كثيرة من ذلك، ولكن ما المشكلة هنا؟

المشكلة أن السلفي إذا وجد صوفياً يزعم أنه يمشي على الماء كفره، وإذا وجد سلفياً يزعم الشيء نفسه يقول (هذه كرامة ونحن نؤمن بكرامات الأولياء).. إذاً لو كان بجوارنا دولة صوفية، وهناك خلافات سياسية معهم، لأتى هؤلاء الغلاة وسألونا كل يوم:  ما رأيكم في من يقول أنه يمشي على الماء؟

النقد لأغراض سياسية ومذهبية ليس لأجل الدين، ولو كان لأجل الدين لتم نقد الخطأ أينما كان، فالدين كله لله، لا يجوز  لك توظيفه لنفسك أو مذهبك.

تعالوا ننظر خرافات الشيعة والصوفية هل هي موجودة عند السنة الذين نثني عليهم أم لا؟

النموذج الأول: الإمام القرطبي الأندلسي ماذا يقول؟

يقول القرطبي في الإعلام بما في دين النصارى - (ج 1 / ص 384) وأما التابعون - يعني الكرامات عندهم -  فقد ظهرت لهم من الكرامات والخيرات ما لا يمكن استيفاء ذكره في هذا الكتاب، فقد كان كثير منهم يمشي على الماء  ويطير في الهواء وينظر إلى الحصى فيصير جواهر  وينظر الآخر إلى الأرض بين يديه فيصير ذهبا وتطوى له الأرض  ويتوضأ فيسيل الماء من بين يديه قضبان ذهب ويدعو الله تعالى فيبرئ المرضى والمجانين والزمناء إلى ما لا يحصى كثرة، وقد دُوِّن من هذا كثير يقضى منه العجب في كتب كرامات الأوليا، ولو لم يكن من هذا إلا قبر معروف الكرخي الكائن ببغداد لكان فيه كفاية وأعظم آية، وذلك أن قبره يستشفى به ويدعى الله عنده فيشفى المريض وتقضى الحاجة، حتى أن أهل بغداد يقولون ((قبر معروف الكرخي ترياق مجرب)) ا هـ

والقائل سلفي كبير اسمه إبراهيم الحربي.. وحنبلي ومن أصحاب أحمد! فلماذا تريدون منا أن نذهب نكفر الصوفية بمثل هذه الاعتقادات وهي سنية وسلفية وحنبلية؟!

 هذه ليست شهادة لله، هذه شهادة للمذهب، فلا تزكوا أنفسكم.

طبعاً البعض قد لا يعرف القرطبي ولا إبراهيم الحربي، فننقل له بأن ابن تيمية وسائر السلفية - حتى الوهابية منهم - يجوزون حصول مثل هذه العجائب. أعني يجوزون حصول المشي على الماء والطير في الهواء وتحويل التراب ذهباً والانتقال من الشام لمكة في دقائق وغير ذلك، ولهم قصص ينقلونها، بل يجوزون ظهور جن محبون لهم ييغيثون من استغاث بهم.. الخ..

دعوني أنقل هنا نصاً لابن تيمية نفسه، واسألوهم لو قاله صوفي أو شيعي ماذا سيقولون عنه؟

يقول ابن تيمية في مجموع الفتاوى - (ج 13 / ص 92) (.... ويكون من مؤمنى الجن، كما جرى مثل هذا لى!  كنت فى مصر فى قلعتها وجرى مثل هذا الى كثير من الترك من ناحية المشرق، وقال له ذلك الشخص أنا ابن تيمية! فلم يشك ذلك الأمير انى أنا هو ! وأخبر بذلك ملك ماردين، وأرسل بذلك ملك ماردين الى ملك مصر رسولا، وكنت فى الحبس!

فاستعظموا ذلك وأنا لم أخرج من الحبس، ولكن كان هذا جنياً يحبنا، فيصنع ( يعني ذلك الجنبي ) بالترك التتر مثل ما كنت أصنع بهم لما جاءوا الى دمشق! كنت أدعوهم الى الاسلام، فاذا نطق أحدهم بالشهادتين أطعمتهم! أطعمتهم ما تيسر، فعمل (يعني الجني) معهم مثل ما كنت أعمل!  وأراد بذلك اكرامى ليُظَن ذاك انى أنا الذى فعلت ذلك) اهـ

إذاً، فهناك جني محب لابن تيمية  يتلبس بصورة ابن تيمية و يقاتل الترك ويدعوهم للإسلام ويطعمهم.. الخ، تخيلوا لو أن صوفياً يقول هذا عن نفسه؟

لو أن قائل هذا الكلام صوفياً أو شيعياً ماذا سيقول عنه السلفيون؟

واضح أنهم سيتضاحكون ويقولون دجال/ كذاب ... الخ، وأن أتباعه حمقى مغفلون.. الخ

أنا هنا لا أقول بأن ابن تيمية كذب أو صدق، ولا الصوفية والشيعة إذا قالوا مثل هذا الكلام قد كذبوا أو صدقوا، إنما أقول: انت اتخذ لنفسك منهجاً، اتخذ لنفسك منهجاً من أمثال هذه القصص - بغض النظر عن قائلها - إما أن تكون كذباً وخرافات أو تكون صدقاً وكرامات، وطبق هذا على الجميع.. لا تتناقض.

وكذلك في موضوع التكفير ولعن الصحابة والتبرك بالقبور  والاستغاثة بالموتى.. الخ، أنت اتخذ لنفسك موقفاً موحداً تظهره في وجوه الجميع..

لا تتناقض.

أما أن تذم تكفير الخوارج للمسلمين واستباحة دماءهم ثم تمدح تكفير الوهابية للمسلمين واستباحة دماءهم فهذه شهادة للمذهب لا لله، والدين كله لله. وكذلك تكفر من يلعن الصحابة وتقول "هم  أعداء النبي" ثم تترضى عن آخرين لعنوا الصحابة وتقول "هم أحباب النبي" فهذا تناقض  وشهادة للمذهب لا لله. وكذلك عندما تكفر من يتبرك بالقبور  تسميهم (عبدة القبور) ثم تترحم عن آخرين تبركوا بالقبور - من سلفك - وتخرجهم من هذا التكفير فهذا لعب بالدين.

أنت ابحث أي موضوع كفكرة وليس كمذهب، ابحثه وأتخذ موقفاً من الموضوع نفسه.. موقفاً لله، إما رفضاً أو قبولاً أو توقفاً، ثم أطبق هذا على الجميع.

فمثلاً (لعن بعض الصحابة): هل هو كفر أو ظلم أو مجرد معصية أو حتى مشروع؟

اطرح كل الاحتمالات ثم ابحثها بالشرع - وليس بالمذهب - حتى تكون عبداً لله، أما أن تجعل لعن أبي بكر وعمر وعثمان كفراً - بمزاجك - وتجعل لعن علي وعمار والحسن والحسين اجتهاداً - بمزاجك - فالدين إذاً لك وليس لله، كن عبداً لله، وأكثر السلفية هكذا، يجعلون العمل الواحد كفراً هنا واجتهاداً هنا، يجعلون العمل الواحد خرافة هنا وكرامة هنا، هم غير جادين في تطبيق شرع الله. ولذلك عندما يأتي الشباب السلفي - الذين لا يعرف شيوخهم - ويقولون:

ما حكم لعن الصحابة؟

ما حكم تكفير الصحابة؟

لماذا أنت ساكت؟

بماذا تجيبهم؟

إذا قلت أن لعن الصحابي معصية، قالوا أنت متساهل مع الرافضة، وإذا كشفتَ  لهم أن بني أمية فعلوها قالوا هذا اجتهاد منهم مأجور رضي الله عنهم! مع أنه لا يجوز أن تقول (لعن الصحابي معصية أو كفر أو طاعة) هكذا، وإنما تفصل في الموضوع بين سابقين وطلقاء، بين مؤمنين ومنافقين، وهكذا.. لأن لعن صحابي ظالم وسيء السيرة وبياع للخمر ..الخ ليس كلعن صحابي فاضل بدري صالح مؤمن ..الخ، هناك فرق بين صحابي وصحابي، ليسوا في حكم واحد.

وكذلك هناك فرق في النظر إلى حال اللاعن نفسه، هل يلعن بدليل؟ أم للهوى؟

هل خفي عليه حال من يلعنه أم يعرفه؟

هل يعرف أنه بريء أم يظنه فاسقاً؟

فالأخوة السلفيون - هداهم الله - لا يفرقون بين صحابي وصحابي، ولا بين لاعن ولاعن، ولا بين حال وحال، وهذه الأمور دقيقة ونسبية، وليس لها حكماً واحداً، فمسألة العلم بحال الصحابي من عدمها مؤثر في الموضوع (بلوغ الحجة على فضل الصحابي وفهمها)..

سأعطيكم أمثلة، لعل بالمثال يتضح المقال.

ليتصور الشاب السلفي الطيب: رجل في كندا يلعن ابن باز، ورجل في وسط نجد يلعن ابن باز، هل هما سواء؟

قد يكون للكندي عذر دون النجدي.. أليس كذلك؟

كذلك قد أجد معاوية يلعن الإمام علي وعمار بن ياسر، وقد يأتي بعد بقرن كحريز بن عثمان من يلعن علياً، فمن منهما يحتمل أنه يجهل علياً وفضله؟

أمر آخر:

 قد يلعن عمر بن الخطاب سمرة بن جندب - وهما صحابيان -  أو تلعن عائشة عمرو بن العاص - صحابيان - هنا تنظر للأفضل والسبب في اللعن.. الخ

أمر ثالث:

قد يدعو الإمام علي على معاوية في قنوت الصبح، ويلعن معاوية علياً في قنوت الصبح، هنا انظر من الأولى بالاتباع والتصديق والحجة. فلو أن عمرو بن العاص لعن عائشة، هل كنتم ستقولون اجتهد وأخطأ؟ مع أن مبرر عائشة ليس في قوة مبرر الإمام علي في دعائه على البغاة ودعاة النار!

ابن تيمية يجعل لعن معاوية للإمام علي على المنابر كقنوت الإمام علي على البغاة وأهل الفتن في القنوت!!

بالله عليكم.. أهذه المساواة عادلة؟

لو كان ابن تيمية منصفاً لقال دعاء علي على معاوية تبع لحقه ودعوته إلى الجنة، ولعن معاوية لعلي تبع لبغيه ودعوته إلى النار، هذا هو القول الفصل.

من واجب الإمام علي أن يقاتل البغاة ويدعو عليهم، ومن المحرم على معاوية أن يكون باغياً داعية إلى النار لعاناً للإمام علي.. هذا هو الحق. أما أن نساوي بين الإمام علي الخليفة ومعاوية الباغي وكأنهما شابان تلاعنا في ملعب، ونطبطب عليهما ونقول: يا جماعة تصالحوا!  فهذا نصب كبير.

أبو بكر كان يقنت على مانعي الزكاة، وهم كانوا يدعون عليه، هنا أيقول السلفيون :تصالحوا؟

مع أن نصوص الإمام علي أقوى من نصوص أبي بكر.

أعني أن نصوص الإمام علي في قتال البغاة والخوارج صحيحة، وخاصة  كحديث عمار،  وأحاديث قتال الخوارج، وحديث الحوأب، وحديث الناكثين، وحديث الزبير.. لخ، بينما أبو بكر ليس معه نص واحد في قتال مانعي الزكاة، وإنما استنبط ذلك استنباطاً من حديث (عصموا منهم دماءهم وأموالهم إلا بحقها)، حق علي أجلى.. حق الإمام علي في قتال البغاة والخوارج أقوى وأجلى من قتال أبي بكر لمانعي الزكاة، فلماذا تجعلون قنوته على معاوية كلعن معاوية له؟

هذا ظلم.

لذلك أختصر وأقول: نحن لن نترك أخطاء مذهبنا - وإن ظهر في بعض رموز المذهب لا كله - لأن الشهادة لله تبدأ من هنا، مما تعرفه، ولأن الآخر غير جاد. ولو عرف الشباب السلفي الطيب ما نعرفه من تراث سلفهم وتعصباتهم  لعذرونا في عملية (التطهير الداخلي)، فهو أولى من تطهير بيوت الجيران. ولكن خصومنا من شيوخهم يشنعون علينا، وبيدهم وسائل إعلامية كبيرة بأننا مع لعن الصحابة ومع القبوريين ومع الخرافات ومع التكفير.. الخ

هذا كله كذب.

نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين جميعاً، وأن يهدي كل مذهب لتطهير مذهبه مما فيه من العصبية والانتقاء والظلم والتضليل، وأن يسدد الجميع.

 


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=902
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 09 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19