• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : عندما رثا الشيخ حسن بن فرحان المالكي والده! .

عندما رثا الشيخ حسن بن فرحان المالكي والده!

#الحرية_لحسن_فرحان_المالكي

حسن المالكي يرثي والده ..
الشيخين وصيرورة ضمير وانسانيه .
عبقرية الصدق والامانه ..
رحم الله الشيخ فرحان المالكي 

مجموعة تغريدات فضيلة الشيخ حسن بن فرحان المالكي بوفاة والده..

عندما أبكاني المالكي.

هذا هو المالكي.

تغريدات لفضيلة الشيخ "حسن بن فرحان المالكي".

التغريدات من تاريخ 8 أكتوبر 2013.

تشرّف بجمعها ونشرها في الموقع "محمد كيال العكاوي".



اللحظات الأخيرة ..
وفاة الوالد كانت فجأة برحمةٍ من الله، كان في أفضل أيامه، وكنت أتصل عليه اتصالاً شبه يومي، لم نكن نتوقع وفاته.
اليوم صباحاً ذهب إلى السوق مع صهرنا سلمان، ثم عاد وتوضاً وجلس على السرير، واشتكى قلبه، وطلب أن يتجهوا به إلى القبلة، فلفظ الشهادتين ومات!
هكذا .. لم يكن عليه قلق.
كنت عنده في رمضان وفي عيد الفطر، وكان صحته جيدة، بعد أن مر بفترة صعبة.. 
يعجبني يقينه، مات بكل ثقة واطمئنان وإيمان.
كأني به وهو يرى أترابه يتساقطون موتاً ... آخرهم كشمان وجابر محمد، كأنه يقول اقترب الموعد، وستجدني يا رب صابراً، وأنت أرحم بي من هذه الدنيا.
نحن لا نعرف هؤلاء إلا وقت الشدائد..
كان - أيام مرضه - إذا ذهب به أحد الإخوان إلى المستشفى، وشعر بالتعب، يكرر نفس الشيء، "اتجهوا بي إلى القبلة".
الذي أعرفه من الوالد أنه لا يكره الموت، لكنه يكره العذاب في المرض، هو يفضل العافية، فإن لم تتحقق فالموت، لكن المرض وشدائده خيار غير موغوب.
نحن لا نشعر بفداحة الفراق إلا عندما يتحقق..
أتذكر كلمة المهلهل:
أكليب مات كله؟
كل أبٍ هو في عين ابنه أكثر من كليب..
كل ابن يموت ابوه فهو يتيم، وإن كان شيخاً كبيراً..
أشعر باليتم الآن..
وأحاول أن أمسح الدموع الصامتة، وأكتب لأنفس عن نفسي.
هنا أتذكر الآية ( فاذكروا الله كذكركم آباءكم)

سبحانك يا رب.. 
هذا القرآن من عند الله وكفى..
لا يملأ القلب شيء في الدنيا كما يملأها الوالد.
اعذروني ... 
كل مرة أكتب في سلسلة... لا يهم..
الوالد مات..
ومن عادتي أني أصبر في باديء ألأمر..
ثم أنهمر...
والحمد لله على كل حال.
كان الوالد شديداً علينا في الحق.. 
ولضرورة الحياة..
كانت حياته كلها جد، لا وقت للمزح إلا استثناء..
تعلمت منه الصرامة ومخالفة الرأي العام.
هو أول أساتذتي في الاعتداد بالرأي الصحيح.
كان يجادل المدرسين والطلاب فيما يراه من حق..
وبالتي هي أحسن، كان معارضاً فكرياُ بسيطاً، بلا تعقيد.
ولعل الوالد أيضاً أول استاذ لي في محبة الإمام علي وأهل البيت..
كان ينكر علينا تأخيره عن مقامه، وكنت أتضايق من هذا الرأي، لأنه يخالف المدرسة.
كان يحب أهل العلم الصادقين، من البلد نفسه..
حسن مفرح الشبيلي، وآل علي زاهر، ونحوهم ممن أخذ عنهم معلومات جيدة عن أهل بيت رسول الله.
لم يكن يعرف خصوم الإمام علي، ولا يتعرض لهم بشيء، لكنه كان محباً للنبي وآل النبي، ويراهم أهل الدين الصحيح، وكأنه يلمح إلى دين آخر بفطرته.
والعامة يطلقون الدين على مراتبه..
فكان يقول "دين أهل البيت أقوى من دين غيرهم"، ولا يقصد التكفير ولا غيره، وإنما يقصد تدينهم أقوى وأفضل.
وحبه لأهل البيت هو الذي جعله يقف معي بقوة، وكان يحثني على مطالبة بعض الناس، وأصر ذات مرة حتى أعطيته توكيلاً لمطالبتهم، ثم تحايلنا لنريحه..
كان يعرف الزيف بالفطرة ...
لا يحب هذه (المطوعة) التي يرى أن أقوالهم تخالف أفعالهم..
كان يشكوا من بعض الخطباء، وله حس نقدي جيد.. رغم عاميته.
هذا الهدى نور... يقذفه الله في قلب من حسنت نيته، ولو كان عامياً..
بقي كل هذه السنوات محتفظاً بحب أهل البيت رغم عاميته، وهو يحضر كل جمعة.
خطب الجمعة والقنوات والتلفزيون والأشرطة ... مسحت مكانة أهل البيت في قلوب متعلمين، وبقي بعض العامة، لأن الله علم في قلوبهم خيراً فثبتهم.
ما سمعته في حياتي ينتقص أحداً..
لا يعرف أهل السوء ..
وإنما يكتفي بصفوة أهل الخير..
وبالإسلام من أعلاه..
لا يحب الخوض مع الخائضين.
الوالد نعم .. 
أعترف لأول مرة بأنه أول أساتذتي..
كان صادقاً مع نفسه، كلامه العامي الفطري يدخل القلب السليم.. 
وهذا شأن كثير من العامة.
كان الوالد قليل الكلام كثير العمل..
حافظاً للحكم والأمثال والعبر في الدنيا وأهلها.
تعرف منه أن الدين يسر، إذا أمسكته من أعلاه وتركت ظنونهم.
كان الوالد كثير التفكر في مخلوقات الله..
كان يقول لنا "انظروا هذه الجبال ، هل هي سواء؟
هذه الأودية هل هي سواء؟
هذه المواشي هل هي سواء؟
الخ".
كان يخبرنا بموعظة وعظها واعظ قبل خمسين سنة أو أكثر..
كثيراً ما يذكرما ويقول:
استفدت من واعظ بخاشر قال ذات يوم كذا..
وواعظ في كذا قال كذا..
فرجوت أن يكون من الذين قال الله فيهم
(فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18))
فعلاً كان يأخذ أحسن ما يقول الواعظ ويحتفر في ذاكرته.
كان يتألم من أخبار خصومي الغلاة الذين يزعمون أنه ووالدتي على مذهب كذا.. وأنه على مذهب كذا.. وأنهم تطلقوا.. وأني تربيت عند الحوثيين..الخ
كان يقول : 
هل هؤلاء مسلمين؟
ألا يخافون الله في الكذب؟
فكنت استغل الفرصة وأقول :
هذا مذهب خصوم آل محمد ..
مذهب معاوية وأتباعه باقي فينا!
لأنه تصله الأخبار والتشويهات فلابد من تعزيته بأهل البيت الذين يحبهم، والذين ألصق بهم خصومهم كل نقيصة..
فرفعت فيه مستوى البراءة قليلاً.
كان يكره الكذب من أهل الدين أكثر من غيرهم..
ويردد ألم يقرءوا القرآن وتحريمه الكذب وكذا وكذا ..
كان يعرف أنهم يقولون ما يخالف الواقع..
لقد نفعه خصومة الخصوم..
لأنه يعلم حقيقة نفسه و حقيقة والدتي، وأنه لم يقتل ليهرب لليمن، ولا طلقها، ولا كانت لهما مؤلفات في الاعتزال والتنزيه..
لا أحمل الوالد آرائي..
كان فقط عامياً صادقاً عاملاً كاداً على أهل بيته محباً للنبي وأله ..فقط
لا شأن له بأفكاري الأخرى.
نعم أتت فترة حزبيتنا، وأسمعناه أشرطة سعيد بن مسفر وعايض القرني وغيرهم، وكاد أن يميل، لكنه بحمد الله نسي تلك الأشرطة كلها ومعلوماتها.
كانت أعوام حرب الخليج الثانية قد اجتاحتنا جميعاً..
وكدنا أن نقلب فطرة العامة نفاقاً وحزبية ..
لكن الله أرحم بهم منا.
كانوا يسمعون وينسون.
كنا ندعوهم إلى النار ونحن نظن أننا ندعوهم إلى الجنة..
نخرب قلوبهم وعقولهم بالأشرطة الصحوية والمذهبية..
ولكن كان الهدى قد سبقنا والحمد لله.
كنا نجمعهم - بعد كل مناسبة - لنعلمهم بعض الأحاديث والمواعظ..
فكان أحسنها يستقر.. وزيفها ينسونه..
بعد ذلك ..
عرفت رحمة الله بكل قلب سليم ..

 

كان الوالد لي أباً ومعلماً ودنيا كبيرة..
وهنا تضطرني الدموع للتوقف..
فأنا أشعر باليتم لأول مرة.. رغم أن الشيب قد غزا لحيتي ورأسي..
إلى رحمة الله يا أبتي..
أشهد أنك قد بذلت جهدك.. وربيت ونصحت وحرصت حدبت..
في سنوات ضنك لم نكن نعرفها.. ومن بعد ما عرفناها..
رحمك الله ..
أحمد الله أنني لم أقل في وجهك ( لا ) يوماً من الأيام..
أحمد الله أنك توفيت وأنت راضٍ عني.
أحمد الله أنني أبكي الآن ولا أكاد أرى الحروف.
ليست هذه آخر وفائي لك..
سأظل وفياً لك بإذن الله..
ذاكراً لك.
باراً بك في وفاتك كما كنت باراً بك في حياتك..
لا حرمنا الله من البر بك.
لن أنساك يا أبي.... لن أنساك..
استودعك الله..
اللهم إليك لا إلى النار..
اللهم احشره مع من أحب..
محمداً وآل محمد
..


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=964
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 11 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28