قيمة التاريخ في ثقافة الإمام علي!
قيمة التاريخ في ثقافة الإمام علي!
الوعي التاريخي يحبه ألأذكياء الصادقون؛ لأنهم يعرفون قيمته؛ فطرة دينية عقلية إيمانية.. وينفر عنه أهل البلادة والصلافة والنفاق؛ لأنه يكشف جذورهم وثقافتهم ، والشيطان حريص على أن يبقى عمله خفياً، لذلك؛ يكرّه لأوليائه الوعي بالتاريخ وما أنتجه من دين موازٍ لدين الإسلام الأصيل..!
قيمة التاريخ في ثقافة الإمام علي:
(واعلموا أنَّكُم لنْ تعرفوا الرُّشدَ حتى تعْرفُوا الذي تركه)!
الوعي بالتاريخ لا يعرف ثمرته إلا القليل... الوعي كاشف، يكشف لك من أنت؟ وأين أنت؟ ومن أين جئت؟ وفي أي مقام أنت؟ ولماذا لا تفهم الله ولا دينه ولا كتابه ولا نبيه ولا سننه... أو كنت تفهمهم، وكيف تختلط عليك ألأمور أو لا تختلط ...
الوعي التاريخي يحبه ألأذكياء الصادقون؛ لأنهم يعرفون قيمته؛ فطرة دينية عقلية إيمانية.. وينفر عنه أهل البلادة والصلافة والنفاق؛ لأنه يكشف جذورهم وثقافتهم ، والشيطان حريص على أن يبقى عمله خفياً، لذلك؛ يكرّه لأوليائه الوعي بالتاريخ وما أنتجه من دين موازٍ لدين الإسلام الأصيل..
تأملوا هذه الأقوال لأمير المؤمنين ... كلمات لا يمكن أن تخرج إلا من نبي أو تلميذ نبي.. سأذكر النص في شكل مقاطع مرقمة بعناوين من عندي ليسهل فهمه والاستفادة منه:
النص:
(1) تنبؤ الإمام بحال الناس في عهد بني أمية بعده:
(( وَإِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي زَمَانٌ
لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ أَخْفَى مِنَ الْحَقِّ
وَلَا أَظْهَرَ مِنَ الْبَاطِلِ
وَلَا أَكْثَرَ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ
(2) صفة ثقافة بني أمية
وَلَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ سِلْعَةٌ أَبْوَرَ مِنَ الْكِتَابِ إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ
وَلَا أَنْفَقَ مِنْهُ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ
وَلَا فِي الْبِلَادِ شَيْءٌ أَنْكَرَ مِنَ الْمَعْرُوفِ
وَلَا أَعْرَفَ مِنَ الْمُنْكَرِ
(3) والسبب...
فَقَدْ نَبَذَ الْكِتَابَ حَمَلَتُهُ وَتَنَاسَاهُ حَفَظَتُهُ
فَالْكِتَابُ يَوْمَئِذٍ وَأَهْلُهُ طَرِيدَانِ مَنْفِيَّانِ
وَصَاحِبَانِ مُصْطَحِبَانِ فِي طَرِيقٍ وَاحِدٍ لَا يُؤْوِيهِمَا مُؤْوٍ
فَالْكِتَابُ وَأَهْلُهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فِي النَّاسِ وَلَيْسَا فِيهِمْ
وَمَعَهُمْ وَلَيْسَا مَعَهُمْ
لِأَنَّ الضَّلَالَةَ لَا تُوَافِقُ الْهُدَى وَإِنِ اجْتَمَعَا
فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَى الْفُرْقَةِ
وَافْتَرَقُوا عَلَى الْجَمَاعَةِ
كَأَنَّهُمْ أَئِمَّةُ الْكِتَابِ وَلَيْسَ الْكِتَابُ إِمَامَهُمْ
(4) والنتيجة..
فَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ مِنْهُ إِلَّا اسْمُهُ
وَلَا يَعْرِفُونَ إِلَّا خَطَّهُ وَزَبْرَهُ
وَمِنْ قَبْلُ مَا مَثَّلُوا بِالصَّالِحِينَ كُلَّ مُثْلَةٍ
وَسَمَّوْا صِدْقَهُمْ عَلَى اللَّهِ فِرْيَةً
وَجَعَلُوا فِي الْحَسَنَةِ عُقُوبَةَ السَّيِّئَةِ
(5) بيان سبب هلاك الأمم..
وَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِطُولِ آمَالِهِمْ وَتَغَيُّبِ آجَالِهِمْ
حَتَّى نَزَلَ بِهِمُ الْمَوْعُودُ الَّذِي تُرَدُّ عَنْهُ الْمَعْذِرَةُ
وَتُرْفَعُ عَنْهُ التَّوْبَةُ
وَتَحُلُّ مَعَهُ الْقَارِعَةُ وَالنِّقْمَةُ .
(6) موعظة..
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ مَنِ اسْتَنْصَحَ اللَّهَ وُفِّقَ
وَمَنِ اتَّخَذَ قَوْلَهُ دَلِيلًا هُدِيَ لِلَّتِي هِيَ أَقُومُ
فَإِنَّ جَارَ اللَّهِ آمِنٌ وَعَدُوَّهُ خَائِفٌ
(7) أبلغ النصيحة والبيان..
وَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِمَنْ عَرَفَ عَظَمَةَ اللَّهِ أَنْ يَتَعَظَّمَ
فَإِنَّ رِفْعَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا عَظَمَتُهُ أَنْ يَتَوَاضَعُوا لَهُ
وَسَلَامَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا قُدْرَتُهُ أَنْ يَسْتَسْلِمُوا لَهُ
فَلَا تَنْفِرُوا مِنَ الْحَقِّ نِفَارَ الصَّحِيحِ مِنَ الْأَجْرَبِ وَالْبَارِئِ مِنْ ذِي السَّقَمِ
(8) وهنا فائجة الوعي التاريخي واستحالة الهداية بدونه..
وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي تَرَكَهُ
وَلَنْ تَأْخُذُوا بِمِيثَاقِ الْكِتَابِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَقَضَهُ
وَلَنْ تَمَسَّكُوا بِهِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَبَذَهُ
(9) أين نجد ذلك؟
فَالْتَمِسُوا ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ
فَإِنَّهُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ وَمَوْتُ الْجَهْلِ
هُمُ الَّذِينَ يُخْبِرُكُمْ حُكْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ
وَصَمْتُهُمْ عَنْ مَنْطِقِهِمْ وَظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ
لَا يُخَالِفُونَ الدِّينَ وَلَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ
فَهُوَ بَيْنَهُمْ شَاهِدٌ صَادِقٌ وَصَامِتٌ نَاطِقٌ . اهـ
انتهى النص ...
ولم أجد نصاً بشرياً أبلغ منه في الدلالة على فائدة التاريخ كهذا النص؛ وهو يندرج تحت قوله تعالى (وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين).. ومن تأمله بتواضع وعلم وعقل ... أفاده كثيراً وبصره الطريق.. ومن تكبرعنه ... فسبيل من هلك.
