• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : الغلو نسبي! .

الغلو نسبي!


                            الغلو نسبي!

الغلو يتعلق بالشخص والفكرة؛ فالشخص الذي يطلق كلمة الغلو؛ قد يريد بها الغلو العالي، وقد يقصد بها الغلو اليسير، وقد يتغير اجتهاده؛ ثم الفكرة؛ قد تكون مغالية جداً؛ كاستباحة الدماء المعصومة؛ وقد تكون من الممهدات لذلك؛ كتكفير المسلم؛ وقد تكون محرضة على البغضاء لغير سبب شرعي.. الخ.
كثير من الأفكار كنت أراها عادية في زمن الشباب؛ والآن أراها من أفكار الغلو؛ والعكس صحيح؛ كم من فكرة كنت أراها غلواً في الطرف الآخر؛ وأصبحت عادية.
من الأفكار التي كنت أراها مغالية ثم أصبحت عادية؛ أفكار تتعلق بتقييم أشخاص أو أفكار؛ كنت أرى قول فلان في هذا الشخص أو تلك الفكرة رأياً متطرفاً؛ مثلاً؛ كنت أرى أن اتهام فلان أو فلان بأنه من دعاة الفتنة قول متطرف؛ وأنه ليس هناك حزبية عند علان أو فلان؛ ثم تكشفت لي هذه الحزبية؛ والعكس أيضاً؛ أي؛ ربما كنت أرى فلاناً طائفياً؛ ثم اكتشفت أن هذا الرأي أتاني من غير ثقة؛ وأنه ليس متطرفاً ولا رأيه كذلك..
وهكذا الغلو نسبي، وله أكثر من تعلق؛ سأذكر أمثلة بالأسماء:
مثلاً؛ كنت أرى الشيخ محمد الغزالي رحمه الله يدعو لتمييع الدين - بسبب الحملة عليه مطلع التسعينات - ثم اكتشفت أنه مظلوم وصادق؛ وهكذا مجموعة من أعلام الفكر المعاصرين؛ كالشيخ محمد عبده والعقاد وطه حسين  ..كنت أراهم غلاة في الدعوة للتغريب، واكتشفت أني أنا المغالي المتطرف.
في الجانب الآخر؛ كنت أعظم أشخاصاً وأراهم في غاية العلم والاعتدال والتدين .. واستغرب حملة الآخرين عليهم، ثم تبين لي أني كنت على خطأ، هم غلاة.
طيب؛ ما الذي يضمن أن أعود غداً وأقول عن الغلاة معتدلين والمعتدلين غلاة؟ هنا لابد من معيار؛ وهو مدى دعوتهم لمشروع الشيطان من عدمه؛ هذا معيار مريح؛ فكل من دعا لغايات الفطرة والقرآن من التفكر والصدق والعدل والسلام والتعاون على البر والتقوى فهو معتدل؛ ومن دعا للضد فهو مغالي ومتطرف.
هذا من حيث المعيار العام؛ أما من حيث التفاصيل أو الاختلاف في الأفكار؛ قد يدخل في الاجتهاد وليس في الغلو من عدمه؛ هذا مقتنع بهذه الفكرة ..دعه؛ يجب التفريق بين الأفكار التي تدعو لمشروع الشيطان من بغض وقتل ونحوه؛
والأفكار التي لا تؤدي لهذا؛ فالأفكار السلمية المجردة اجتهاد مشروع؛ وعلى هذا كله؛ اكتشفت أن كل من يرى القتل أو الأذى على الآراء والأفكار؛ فهو من الغلاة؛ وهذا كثير جداً؛ ولكنه نسبي؛ فالغلاة طبقات بعضهم فوق بعض.
مثال: معتزلي يرى قتل من لا يقول بخلق القرآن متطرف؛ معتزلي لا يرى ذلك معتدل؛ حنبلي يرى قتل من يقول بخلق القرآن متطرف؛ حنبلي لا يرى ذلك معتدل..
بمعنى؛ أن الغلو من عدمه؛ يجب أن ينصب على الجانب الحقوقي قبل الجانب الفكري؛ فالغلو في الجانب الفكري؛ ما دام أنه سلمي؛ فلا ضرر منه؛ الضرر في الدماء.
الذي أرعب المسلمين وجعلهم في ذيل الأمم هو الدم؛ الدم الذي دعمته الفتوى والسلطة عبر التاريخ؛ هذا الذي أرعب المسلمين وحرمهم من الإبداع والحضارة. بمعنى؛ ليس من جعل المسلمين في ذيل الأمم هو الرأي المخالف؛ ولا حتى الفتوى المجردة بلا تنفيذ؛ تحالف الفتوى والسلطة والدم هو من ركّع المسلمين.


مواضيع أخرى:
لمطالعة "المتطرف لا يقبل أحكام الله التي تخالف مزاجه!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "متفرقات في العقيدة والقرآن والقراءات!"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "أسانيد الوصية!"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "الفاظ قرانيه: المهاجرين، الانصار والاتباع." على هذا اللرابط «««
لمطالعة "كل من يسألك ذلك السؤال الغبي: أنت سني أو شيعي؟!" على هذا اللرابط «««

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1636
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 02 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29