{ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}
{ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}
في الحرب العالمية الأولى؛ قاتل بعض مسلمي المغرب مع فرنسا؛ وقاتل بعض مسلمي المشرق مع ألمانيا؛ وكتبوا على قبور الجميع آيات الشهادة في سبيل الله!
الله يعطينا دروساً لنفهم لكننا نرفض!
مثلاً : اعطانا اختلاف السقيفة وقلنا ما فيه خلاف؛ اعطانا فتنة عثمان قلنا هذا ابن سبأ!
نحن نرفض الدروس! وقبل هذا؛ سرد لنا قصص الانبياء مع أقوامهم؛ وقلنا نحن غير! وبعد هذا؛ اعطانا درس هدم الكعبة؛ قلنا انما انطلقت شرارة بسيطة من مطبخ ابن الزبير! وهكذا مئات الدروس والعبر والأحداث؛ لكننا نرفض أن نتعلم؛ فلم نعرف الإنسان؛ ولا العوامل التي جعلتنا في هذا الحال؛ نلملم الموضوع بأي كذبة وخلاص؛ بل حتى القرآن الكريم؛ نور وحبل ممدود من السماء إلى الأرض؛ قلنا نقرؤه ولا نتدبره ؛ الرواية والحديث والسلف هم أهم وأكثر فائدة وتفصيلاً وبركة! حتى الحديث؛ تركنا المتواتر وما يشبه القرآن؛ واشتغلنا بالضعيف والمعلول والغرائب المضادة للقرآن ومتواتر السنة؛ فصنعنا منها عقولنا ونفوسنا!
حتى الصحابة؛ تركنا أهل بدر والرضوان؛ لا نعرفهم؛ ومدحنا قاتليهم ولاعنيهم وظالميهم؛ ومن ختموا على اعناقهم؛ وهدموا كعبتهم؛ واستباحوا حرماتهم.
حتى العترة النبوية = ال محمد؛ وسعنا تعريفهم حتى ضاعوا وسط الاختلافات؛ وشوشنا على سيرتهم بالكذب؛ وادخلنا فيهم من ليس منهم؛ ثم بررنا المظالم ضدهم..
حتى التابعين؛ لا نعرف منهم إلا من قارب الدنيا وتفاقه للسائد؛ ونسينا عشرات الالاف من الصادقين الذين قضوا في الحرة أو أكلتهم السجون !
حتى السلف؛ ننفر من كل ذي عقل وصدق ورحمة؛ - وكانوا قد قلّوا لما سبق - ونقبل على كل متكبر متطرف ضعيف العقل رقيق الدين - وكانوا قد كثروا لما سبق – وهكذا..
صرّف الله لنا من الآيات والأحداث ما فيه معتبر؛ لكننا نرفض الدروس!
يعني بالمصري : ما لنا حل! ولن يُصلح آخر هذه الأمة ما أفسد أولها! كل سلام متوقع يفرح به أهل القلوب السليمة؛ أما المشجعون الحروب إلى ما لا نهاية فقد أصابهم المسخ؛ يتمنون وهم على فرشهم؛ لا يحسون بالضحايا؛ تباشير السلام في سوريا وليبيا واليمن بدأت تلوح في الأفق. وهذا يجعل الإنسان كإنسان يرجو أن يتحقق السلام؛ والمؤمن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه.
عوّد نفسك على حب السلام حتى مع من تكره؛ لا تجعل كراهيتك ديناً؛ الدخول في السلم منجاة من خطوات الشيطان كلها؛ اقرأ:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (208))[ألبقرة]
عندنا دينان؛ دين إلهي في القرآن؛ يأمر بالسلم إلا في حالات استثنائية من رد عدوان أو محاربة أو بغي؛ ودين تاريخي؛ صنعه البشر؛ يرى العدوان جهاداً.
أصحاب الدين الأول نفوسهم طيبة؛ محبون الخير لكل البشر؛ ولا يرون الإكراه في الدين؛ ويتركون الفصل بين الناس فيما كانوا يختلفون فيه إلى الله. وأصحاب الدين الثاني نفوسهم خبيثة؛ زين لهم الشيطان أعمالهم؛ يريدون إهلاك كل البشرية؛ حتى لا يبقى على كوكب الأرض إلا هم! ركبهم الجهل والكبر.
أمتنا تحتاج إلى مذكرّين؛ والذكرى تنفع المؤمنين فقط؛ لا تنفع المتكبرين
ولا الكذابين؛ ولا السماعين للكذب؛ ولا الجهلة؛ ولا الظالمين.
نظف قلبك؛ أنت (أ) والآخر (ب)؛ ماذا تختلف عنه لترى قتله وانتهاك حقوقه؟ هو مثلك؛ بشحمه ولحمه؛ كلاكما له قناعاته؛ الله من يفصل بين الناس لا أنت؛ دعه لربه.
نعم؛ أنت (أ) وهو (ب)؛ كل منكما وُلِد في بيئة فتشرب قناعاتها؛ لو كان مولوداً في بيئتك لكان مثلك؛ ولو كنتٓ مولوداً في بيئته لكنت مثله؛ فلا تكابر!
كلاكما أ و ب؛ تحبان العيش الكريم؛ تحبان أن تعيشا وتتزوجا وتحصلا على لقمة العيش والسكن والانجاب الخ؛ كلاكما يجوع ويمرض؛ ويتمنى الكفاف والسلامة.
وسعوا آفاقكم؛ علموا أبناءكم أن الآخر مثلكم تماماً؛ نفس المواصفات؛ إنسان؛ لم يهبط من كوكب آخر؛ والمؤثرات فيكما واحدة؛ من بيئة ومدرسة وتنشئة الخ
صحيح؛ قد لا تفهمه؛ وهو قد لا يفهمك أيضاً؛ قد تستغرب منه ويستغرب منك؛ قد تتشوه صورته عندك وتتشوه صورتك عنده؛ كلاكما مطالبان أن تفهما بعضكما.
شاهدت هذه الأيام وثائقيات الحروب العالمية..
شيء عجيب!
كانت البدايات خلافات يسيرة..
كان بإمكانهم أن يفهموا بعضهم..
وكان يمكن تجنب موت المملايين.
والله العظيم؛ الذي لا إله إلا هو سبحانه؛ والله العظيم؛ الذي رفع سبعاً ووضع سبعاً؛ ما يريد الله هذا الفساد؛ ما يريد الله ظلماً للعباد؛ ولكنهم هم؛ عندما كنت أرى أكوام الموتى - في وثائقيات الحرب العالمية الأولى والثانية- كنت أسأل نفسي: هل يريد الله هذا؟ فتجيب : كلا.
هذا الانسان عدو نفسه؛ وأقول للمسلم:
عندك فطرة؛ وعقل؛ ومشاعر؛ وقرآن؛ ونبوات؛ وعبر الخ؛ تترك هذا كله؛ لأجل كبر وغرور؛ واقتداءً ببشر لا تعرف ما يفعل الله بهم!
في الحرب العالمية الأولى؛ قاتل بعض مسلمي المغرب مع فرنسا؛ وقاتل بعض مسلمي المشرق مع ألمانيا؛ وكتبوا على قبور الجميع آيات الشهادة في سبيل الله!