نصائح لمحبي د محمد شحرور!
نصائح لمحبي د محمد شحرور!
ألحظ في معظم خطاب شحرور حماية لبني أمية خاصة؛ فإذا عذرناه في ذكر ما جرى من فئات نفاقية أيام النبي وبعده؛ فلماذا يتجنب ذكر بني أمية بسوء؟ فقتل المسلم على الردة
وتعليق النساء من أثدائهن وذم الغناء.. وما هو أعظم من ذلك؛ كل هذا حصل في العهد الأموي؛ فالعباسيون متبعون لهم. فأحاديث تحريم الغناء شامية أموية؛ والذي كانت يعلق النساء بأثدائهن والي بني أمية قرة بن شريك بمصر؛ ثم ابن زياد بالعراق يصلبهن عاريات؛ وهكذا.
د محمد شحرور من المفكرين المجددين في هذا العصر، وأنا شخصياً ممن استفدت منه، مع أني لم أقرأ له كتاباً كاملاً، ولكن؛ قرأت له كثيراً من الأفكار؛ سواء في كتبه أو لقاءاته، ولعل مشاهدتي لمقاطعه أكثر، شاهدت كثيراً منها، وأكرر شكري له ولشجاعته في الطرح. ولكن؛ المشكلة أن في التيار الشحرورية من يبالغ في تقليد شحرور ومتابعته في كل صغيرة وكبيرة، دون أن ينقد أو يضيف أو يستشكل ..الخ، وهذا مشكل.
الإشكال في هذا المسلم عام؛ يحب التقليد هنا وهناك، بل؛ أنا شخصياً أحياناً أعاني ممن يبالغ فيّ ثناء وتقليداً؛؛ أريد لمن يقرأ لي أن يختبر المادة.
وحتى لا نطيل؛ من حق د شحرور أن أعرض له عملاً ثم أطالب جمهوره بسماع هذا العمل؛ مع ذكر رأيي في كيفية قراءة شحرور، يجب أن تتعلم كيف تقرأه.
لعل من المناسب عرض آخر لقاء له مع الزميل الصديق سليمان الهتلام في (حديث العرب)؛ ثم نذكر رأينا في كيفية قراءة فكره، والاستدراك عليه. وإنما اخترنا لقاء تلفزيونيا لا كتاباً، حتى يستفيد من لا يمتلك كتبه أيضاً؛ وهذا آخر لقاء للدكتور شحرور:
لمشاهدة "محمد شحرور في حديث العرب"على هذا اللرابط «««
الملحوظات على شحرور:
أولاً: أجد د شحرور - مع ثنائي السابق - أصبح يكثر الاعتباط، فيطرح الفكرة دون أدلة، ويقترح القواعد أكثر من بحثها.
مثال: فأول فكرة له مع الأخ الهتلان كان تعريف المقدس؛ فتوصل إلى أن المقدس هو ((دائم الحياة))؛ وكرر (هذا المقدس)!
يا د شحرور؛ هذه عجلة واعتباط؛ فإذا أردنا أن بحث معنى لفظة؛ فيجب علينا على الأقل استعراض مادة (قدس) في القرآن الكريم، وسنجد أن تعريف شحرور اعتباطي مستعجل أشبه بالاقتراح؛ وحتى نختصر في هذه المسألة كمثال، سنجد في القرآن الكريم (الواد المقدس طوى)؛ هل هو دائم الحياة؟ الوادي ميت أصلاً ، جماد!
إنه الاعتباط؛ وهذه حيلة الشيطان على الباحثين؛ فعندما يشتهرون يغريهم بالنظريات الاعتباطية والتعريفات الاعتباطية؛ لا يجمعون المادة ولا يحررونها؛ أصبحوا فوق!
وحتى زميلنا الهتلان يظهر أن رأيه في (المقدس) هو ما فوق النقد؛ وهذا معني شعبي. المقدس هو المطهر وكفى. لذلك؛ نقول (الأماكن المقدسة)؛ وكل معاني التقديس تدور حول التطهير؛ ولذلك؛ فالله قدوس؛ اي يطهرنا ، سمي من الأثر أو من الفعل المتعدي إلى الآخر؛ فلماذا الاعتباط والعجلة؟
والزميل الهتلان تفاجأ وقال (غير المعنى المتبادر)! فاستراح شحرور وقال نعم : أن الله حي بعث بكتابه إلى أحياء!!!
يا رجل؛ اهدأ واقرأ؛ تواضعوا.
وتابع شحرور الاعتباط فقال: لأن الله لا يخاطب إلا أحياء؛ لا يخاطب الأموات؟؟
هذا اعتباط جديد! فالله يخاطب كل شيء؛ وقد خاطب السموات والأرض؛ ألم يعرض الأمانة على السموات والأرض والجبال؟ هل هي حية أم ميتة؟ ألم يقل الله ({يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} [سبأ: 10]
ما هذه الثقة؟
وعندما سأله الهتلان: هل هناك تناقض بين النص والعقل؟
أجاب: أنا أقوم بعقلنة النص المقدس! لأننا في عصر العقل!
ما أدري ماذا اقول!
لا تعليق!
طبعاً هذه في أول ثلاث دقائق فقط؛ ولا أحب أن أظهر كخصم للدكتور شحرور، فله إضافات فكرية قيمة، ولكن؛ أنصح من يقرأ له أو يسمع ألا يذوب فيه.
الفكرة الاعتباطية الثانية؛ يقول في الد قيقة 7 ((أن الدين الذي وصلنا الآن تمت صياغته في العصر العباسي))! وهذا اعتباط، فهو من ايام النبوة؛ وعندما أقول هو من أيام النبوة أعني وجوده كدين متلبس بالشيطنة؛ ولا أقصد دين الله؛ أعني؛ ثقافة الغرور التي بثها شياطين الإنس والجن استمرت. وهذه نقطة ضعف شحرور الكبرى؛ أنه يرى أن تبديل الدين إنما تم في العصر العباسي؛ وبعضهم يقول في العهد الأموي..
كلا.
البداية قديمة وذكرها القرآن؛ ماذا يفعل شحرور بقوله تعالى
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)}[ألأنعام]
متى كان هؤلاء الشياطين؟
متى زمنهم؟
شحرور كأنه لا يعتمد النص القرآني، الذي أرخ للتخريب الشيطاني النفاقي للثقافة من العهد النبوة؛ ثقافة الخراب قديمة مولانا؛ وكرر القرآن نقدها..
ولينتبه د شحرور؛ الله هو الذي أوجد هؤلاء الشياطين (شياطين الإنس والجن)؛ الذين يوحون زخرف القول ليوقعوا الناس في الغرور؛ ولماذا؟
هل يجيب؟
سأجيب؛ وهذا الجواب مبني على سنة إلهية؛ لا أجد شحرور ينتبه لها؛ وهي (الابتلاء والتمحيص)؛ وكنت أتمنى من د شحرر؛ بما أنه قرآني؛ أن يكون طرحه منه..
الله قدر بقاء الخير والشر؛ الصدق والكذب؛ الحق والباطل.. حتى يختبر عباده ويمحصهم؛ من يفعّل نعم الله عليه ومن يعطلها؛ (إما شاكراً وإما كفوراً)؛ هذا هو الطرح القرآني، وبهذا تستطيع نقد المخالفات التي في القرن الأول؛ والتي فعلها العباسيون أيضاً.
العباسيون لم يأتوا إلا على أشياء جاهزة؛ نقطة ضعف شحرور؛ وكثير من الباحثين؛ أنهم - حتى لا يصطدموا بالجمهور- يتأخرون في هجاء الناس إلى العهد الأموي والعباسي، لا يجرؤون على القديم؛ وبهذا ستكون الغلبة لخصومهم عليهم؛ لأن خصومهم سيأتون لهم بفلان وفلان قبل العباسيين؛ فماذا سيفعلون؟
كن شجاعاً ومعرفياً واذكر ما ذكره الله؛ الله نفسه قد ذكر الكثير عن ثقافة المنافقين والمنافقات؛ وذكر أثرهم وأرخ وجود السماعين لهم؛ وذكر أن المؤمنين فئتان؛ خبيث وطيب؛ هذا هو العلم.
الأمة الحية المخلصة لكتابها لا تستحي مما ذكره الله؛ ولا تؤجل النقد إلى قرون لاحقة؛ وقد أراحهم الله بنقد فئات عاشت الإسلام في العهد النبوي؛ أيضاً؛ قوله بأن الفلسفة قتلت في العصر العباسي؛ إذا كان قصده اضطهاد المعتزلة فهذا صحيح، ولكن مجابهة العقل كانت في ثقاة الغرور من قبل.
وقول د شحرور بأننا وقعنا في خدعة كبرى أيام العباسيين واسمها (أركان الإسلام) كلام اعتباطي، الحديث موجود من قبل؛ ويمكن تضعيفه بغير هذا.
تعريفه للإسلام اعتباط، وهو قوله أنه يقوم على مسلمة واحدة وهي (الإيمان بالله).. والأولى تعريف الإسلام من القرآن (إقبال + تسليم + عمل صالح).. وقوله أن دين الآباء هو دين الدولة العباسية؛ وأنه في عهدها تأسست المفاهيم التي بعقولنا اليوم؛ مفهوم الجهاد؛ ومفهوم الردة والخ؛ كل هذا اعتباط؛ والجميع يعرف أن قتل الأبرياء على ما قيل أنه ردة حصل في حق الجعد بن درهم وغيلان وغيرهم من أيام بني أمية، وكان الأساس موجود من قبل. والجميع يعلم أن المسلمين قبل بني العباس شرعوا (الجهاد) في حق غير المعتدي؛ وكانت فتوحات طولاً وعرضاً؛ والقتال في الإسلام ضد المعتدي فقط.
ولا أدري لماذا زحلقة الأمور إلى (العهد العباسي)؟ هل هذا خوف؛ أم جهل؛ أم ماذا؟
المجدد لا يكون خائفاً ولا متظاهراً بالجهل.
طبعاً؛ اللقاء في فوائد كثيرة واعتباطات كثيرة؛ وفي كتب شحرور الشي نفسه تقريباً؛ لذلك؛ دعوتي للدكتور شحرور أن يراجع ويعمق نظرياته ويجددها؛ ومن أهم الملحوظات في اللقاء؛ تعريفه العبادة بأنها (الطاعة والمعصية) معاً إذا كان بإرادة حرة! وهذا اعتباط وسفسطة.
وتعريفه للكفر فيه انزياح إلى المعنى اللغوي وجمود عليه؛ حتى أنه جعل الكفار كافرين بما عند النبي والنبي كافر بما عندهم!
هذا معنى لغوي جامد.
أيضاً؛ قوله بأن أهل الجمل؛ بأن كل طرف كافر، لأنه يكفر بحق الآخر في السلطة؛ اعتباط وجمود على اللغة في قراءة الحدث؛ ما هكذا قراءة النص القرآني؛ فإبراهيم وقومه عندما يقولون (كفرنا بكم)؛ لا يحق لنا؛ ولو أدباً؛ أن نقول: إبراهيم وقومه وأعداؤهم كلهم كفار؛ لأن الكفر بالباطل غير الكفر بالحق.
قوله بأن أبا بكر وأحد رؤساء أمريكا هما فقط واجها ردة سياسية! وأنه لم ينقل التاريخ أن أحدهم في عهد أبي بكر قيل عنه ارتد!
كل هذا اعتباط.
الاعتباط عندما يقول: اثنان حاربوا الردة السياسية في التاريخ - وذكر أبا بكر وأحد رؤساء أمريكا - هل هو جاد في هذا الحصر؟ ما هذا الاستعراض؟
طبعاً أتفق معه في الردة السياسية (الانفصال عن الدولة كما فعل بنو حنيفة أيام أبي بكر ومعاوية أيام علي)؛ وأنه لا عقوبة في الردة الفردية؛ لكن د شحرور يصدمك بمعلومات ناقصة؛والغريب يقولها بثقة وجزم وبدون استقراء أو بحث؛ قراءة عامة سطحية؛ ثم البناء عليها نظريات عظيمة تبهر العقول؛ وبما أن الجمهور العربي - في غالبه - قد مل من الثقافة التقليدية؛ فهو يجد في طرح د شحرور مخرجاً؛ فيتعصب له دون بحث وتدقيق ونقد؛ وهنا المشكلة.
أجاد د شحرور في ما أوضحه من أثر شرائع اليهود على المسلمين في العنف؛ كالرجم وكثرة القتل على الذنوب؛ ولكن؛ هل هي فعلاً شريعة موسى؟ يحتاج لبحث؛ الهتلان سأل شحرور سؤالاً ذكياً فقال : كيف انتقلت إلينا (شريعة موسى)؟ لكن الشحرور حاد عن الجواب وعمم؛ ولم يأت بما ذكره القرآن في هذا الأمر! لا أدري؛ هل حيدة شحرور عما في القرآن عن أهل الكتاب؛ وخاصة اليهود؛ وكونهم كانوا يؤثرون على المجتمع؛ وكون بعض الصحابة تأثر بهم.. لماذا يخفي هذا؟
أظن أن د شحرور يخفي هذا لأنه يريد زحلقة الأمر إلى بني العباس، وليحمي الجيل ألأول (!) من أن يتأثر بشرائع أهل الكتاب ويأخذ عنهم؟
ليته استعرض هذه التحذيرات الإلهية للصحابة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)} [آل عمران] ثم يراجع آيات القبلة وغيرها؛ وسيعرف أن تأثرنا بهم قديم وعميق.
هنا التاريخ. عندما قال ورثنا إلهاً من العهد العباسي يكره الإنسان؛ ويعلق النساء بأثدائهن؛ ويكره الفن والغناء الخ؛ كل هذا حدث في العهد الأموي؛ فلماذا زحلقته؟
ألحظ في معظم خطاب شحرور حماية لبني أمية خاصة؛ فإذا عذرناه في ذكر ما جرى من فئات نفاقية أيام النبي وبعده؛ فلماذا يتجنب ذكر بني أمية بسوء؟ فقتل المسلم على الردة
وتعليق النساء من أثدائهن وذم الغناء.. وما هو أعظم من ذلك؛ كل هذا حصل في العهد الأموي؛ فالعباسيون متبعون لهم. فأحاديث تحريم الغناء شامية أموية؛ والذي كانت يعلق النساء بأثدائهن والي بني أمية قرة بن شريك بمصر؛ ثم ابن زياد بالعراق يصلبهن عاريات؛ وهكذا.
بل؛ حتى ضرب مثالاً على كفر الفريقين بالنبي وقريش
وبأهل الجمل - وتجنب ذكر أهل صفين – ما هذا؟
نحن مع الحرية اطرح؛ لكن؛ لا تكن أموياً متستراً؛ نعم؛ بنو العباس ظلمة مستبدون؛ لكنهم ظلموا بما ورثوه من ثقافة وسلوك بني أمية؛ من قتل وتعذيب وثقافة وعيدية في حق العوام إرجائية في حق الحكام.
هروب الباحثين إلى ذم بني العباس؛ وسكوتهم عن بني أمية خوفاً من التيار السلفي؛ لن يحل المشكلة؛ بعضهم يسهل عليه القول في النبي ويصعب في معاوية. أيضاً؛ التناقض في بني أمية غريب! يروون أحاديث تحريم المعازف؛ ويخصون المغنين؛ ويجلبون المعازف والخمور لهم في المساجد! كما فعل قرة بن شريك؛ الذي خصى المغنين سليمان بن عبد الملك؛ وهو أموي لا عباسي!
والثقافة التي تتشدد في التفاصيل وتسكت عن قتل النفس والملة يحبها السلاطين الظلمة؛ لذلك؛ نعم؛ نصر بنو أمية وبنو العباس ثقافة التشدد في الصغائر إذا صدرت من عامة؛ والاعتذار في العظائم إذا صدرت من خاصة؛ لكن؛ أصلها أموي لا عباسي.
طبعاً؛ كلامه عن الملة معقول وفيه نظر؛ وعن الولاء والبراء حاد عن الجواب القرآني المفحم للغلاة؛ والتفصيل يطول.
على كل حال؛ أكرر؛ د شحرور مفكر عربي مسلم له فضل علينا جميعاً؛ ونعد ممن تأثر به؛ ولكن؛ كان معنا عقول ونقد وفحص لما يقول؛ ولذلك نقدناه هنا بحرية؛ كما أشكر الزميل د سليمان الهتلان الذي بدا تائها لكثرة الإجابات الاعتباطية من شحرور؛ وأوصيه أن يكون مشاكساً؛ وأن يتخلى عن الحياء غير المحمود.
ضحكت في آخر اللقاء؛ عندما سأل الهتلان شحرور عن داعش؛ فأجاب بأن السبب العصر العباسي؛ فقال الهتلان: كل شيء تضعه على العصر العباسي..
هههه انفجر!
هذه النكتة غير المقصودة أضحكتني كثيراً؛ لأنه في الأخير اكتشف الهتلان هذا التكرار الممل؛ وكان يتوقع أنه في هذا السؤال خاصة سيجد شيئاً مقنعاً..
أيضاً؛ أنصح أي باحث أن يركز على اقناع الفرد البسيط؛ ألا يتعالى؛ ويدعم أقواله بالنصوص الموثوقة؛ كنصوص القرآن؛ أو الدراسات؛ أو الحقائق العلمية.