صباح الماضي واليوم!
من ذكريات المالكي. تغريدات لفضيلة الشيخ "حسن بن فرحان المالكي" التغريدات من شهر أغسطس 2013 قام بجمعها "محمد كيال العكاوي" |
صباح اليوم في قريتي ( المعثرة) بيني مالك ليس كأي صباح، هو أشبه بتلك الصباحات القديمة..
خضرة الأرض وضجيج العصافير!
فالأمطار في الأيام الماضية كانت سحة غدقة، والكهرباء اليوم مقطوعة ( من وقت السحر )، فأضاف هذا سحراً على السكون والضجيج واستنطاق الأمكنة!
انقطع الكهرباء ( سحراً ) وأنا أقرأ في واقعة الطف لأبي مخنف لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم بن الحارث الأزدي ثم الغامدي ( 157هجرية)، فكانت فرصة أن خرجت من البيت لأرى ديرة الزمن الماضي بلا كهرباء، اسمع ما اسمع وأبصر السماء والنجوم، فعادت الذكرى تذكرني بكثير مما نسينا، وجلست أتساءل.. إلى أين؟؟
أجدادنا لا بد أنهم وقفوا هذه الوقفات التأملية.. وذكروا من مضى من أهاليهم وجيرانهم.. وقالوا إلى أين؟؟
هذه الدنيا غرور.
وراقبت الفجر، ثم انبلج الصبح، وأنا لا أحب أن أتكلم ولا أن أكتب شيئا، وإنما أحرص على استيعاب ما اسمع وما أرى، مأموني أعبئ النفس بما لا طاقة لها.
كنت في مثل هذا الصباح في أوائل عمري (4) سنوات تقريبا؛ ليس لي من شغل ولا هم إلا بأن أذهب لأطعم (الفرير - ابن الضأن ) الذي زعم والدي أنه لي!.. وكان الوالدان ( يحلّون - يمنون ) أطفالهم ببعض الأنعام، فيقولون هذا لك وهذا لأخيك، فنتنافس في العناية بما حُلينا به! فعاش ذلك الفرير منعماً!
أذكر أني أسميته ( مروان )، ولو كنت أعرف سوء مروان بن الحكم يومئذ ما سميته! ولكن كان اسم مروان منتشراً في الكلاب خاصة، فاستعرته لاسم الفرير.. وكان لكثير من البيوت كلب لحماية الغن،م وخاصة في الجهات الغربية من بني مالك، ويسمون كلابهم بأسماء.. منها مروان، فعلق الاسم وأطلقته على الفرير!
كنت أقوم مبكراً لأطلب من الوالدة شئ من العجين مع بقايا أوراق الشاي ( من شاي البارحة )، وأخلطه وأطعم الفرير مروان بيدي واستمتع بأكله، ثم آخذه مباشرة بعد هذا الفطور إلى ( المدرجات المجاورة )، والدنيا خضرة غناء؛ فاستمتع برؤيته يأكل من هذا العشب ؛ ثم أعيده قبل إطلاق النعاج!
كان ضجيج الأنعام - من نعاج وغنم ( معز ) وأبقار وديوك وطيور - يملأ أرجاء قريتنا، عندنا وعند جيراننا آل موسى وأهل ذاري المدرب و القحز والمبداء.
الفرير مروان رعيته أشهر، وكنت أخلع لجامه ( وكان يوضع لهم ألجمة يسمى الواحد عجام ) لئلا يرضع كل لبن أمه؛ فكنت أخلع عجامه ليرضع ثم أعيده، ولما كبر كنت أختلس له حب الدخن أو أي نوع من أنواع الحبوب ؛ ثم كان أن انتفخ ذلك مروان وحبط؛ وسقط مغشياً عليه في مكان اسمه ( المبيدة)!.. فأدركه الوالد وفيه رمق وذبحه، وبعد سلخه وجد في كرشه أنواعاً من الحبوب والخيرات! فسأل عن ذلك وكيف وصل الفرير لأكياس الحب حتى خبط منها؟؟.. فكتمت الخبر خوفاً، إلا أن الوالدة أخبرت الوالد أني اطعمه الحبوب، لكن لم تكن تظن أني أكثر له حتى يحبط! فزجرني الوالد عن مثل هذا مستقبلا!
حزنت على مروان.. وإذكر أني لم أجرؤ أن آكل لحمه - مع شدة حبنا للحم يومئذ لندرته - كنت أرى أنه صديقي وحرام أن آكل لحم صديقي.. وأشياء من هذا القبيل.