دور معاوية في مقتل عثمان بن عفان!
تغريدات لفضيلة الشيخ "حسن بن فرحان المالكي"
قام بجمعها "محمد كيال العكاوي"
لمطالعة: ما هو شرع الله في قتلة عثمان؟؟" هنا.
لمطالعة: "من هم قتلة عثمان؟"هنا.
لأن معاوية رجل داهية، ولأن اهل الحديث من حيث الجملة هم متعصبون له، وهم نتيجة من نتائج دولته، ولأن أهل الحديث هم الذين وضعوا العقائد والتفسير والفقه وكثيراً من التاريخ..
ولأن معاوية تبنى الطلب بدم عثمان (مع أنه ليس وليه، لا شرعاً ولا واقعاً، اللهم إلا على الطريقة الجاهلية)..
ولأن مصالح بني أمية كانت في تحميل بني هاشم المسؤولية عن قتل عثمان.. لا بني أمية..
لهذا كله لم يدقق المؤرخون والمحدثون في دور معاوية بن أبي سفيان في مقتل عثمان، مع أن معاوية من أكبر أسباب الثورة على عثمان، ومن دلائل ذلك أن قال الثوار لعثمان عند قتله (ما أغنى عنك معاوية)!
فهذا من الأدلة على أن معاوية قد حرض قلوب الناس على عثمان بسوء سيرته، أعني من أعماله التي يعرف أنها ستثير الناس على عثمان:
* إهانته أبا ذر وطرده له من الشام..
* وكنز الذهب والفضة..
* واشتراء الذمم..
* وإهانته لعبادة بن الصامت..
* وتسبب بعزل عثمان لعبادة عن الحياة العلمية في الشام وربما قتله (مات عبادة سنة 34هـ).. وكذلك فعل مع كبار الصحابة بالشام ورفع الأعراب..
ونحن نلحظ في عصرنا هذا، أن الوزير الفاسد أو الوالي الفاسد قد يستطيع تشويه صورة الرئيس، والشعور العام بأنه هو الحاكم لا الرئيس، ويعطي شعوراً عاماً أن الرئيس لا يستطيع عزله ولا إيقاف مظالمه، فإذا جرى للرئيس شيء فلا بد أن يكون لذلك الوزير أو الوالي مسؤوليته..
إذن فليس دور معاوية هو ذلك الدور المباشر في قتل عثمان - على الأقل في الظاهر - فهو أدهى وأذكى من أن يفعلها، وإنما الدور غير المباشر كان واضحاً، سواء بما سبق ذكره أو في عدة مفاصل أخرى.. منها:
1- تأخر معاوية في نجدة عثمان.
2- ثم لما تربص وامتنع أخذ عثمان يراسل كبراء أهل الشام ويترك معاوية!.. وهذا له دلالة خطيرة جداً - وكأن معاوية انقلب انقلاباً أبيض واستقل بالشام من أيام عثمان وخرج من طاعته - وإلا لماذا يراسل عثمان كبار الشاميين؟
3- معاوية يرسل جيشاً ويأمره بالتوقف في وادي القرى، ويقول له أنا الشاهد وأنت الغائب!
4- كان يرسل الأخبار التهويلية للمدينة بأن المدد، بل الأمداد ستصل من الشام والبصرة.
5- اعتراف بعض المقربين من عثمان (كعبد الله بن أبي السرح) بأن معاوية كان يهوى قتل عثمان (وصحح ذلك السلفيون)، (فشهد شاهد من أهلها).
6- كل الصحابة والتابعين الأذكياء الذين تحاوروا مع معاوية في عثمان كانوا يجابهونه بهذا الاتهام، اي بأنه تربص، وكان يريد أن يُقتل عثمان حتى يستطيع أن يطالب بدمه، ولم يكن يتوقع أن الخلافة ستصل إلى علي، كان يظن أن الأمر سيصل إلى طلحة ونحوه، وكانوا - اي طلحة ونحوه - من الضعفاء الذين لن يجدوا تعاطفاً من الأنصار، وكان يرى (معاوية) أنه يمكنه ابتلاع طلحة بسهولة، لكنه تفاجأ بأن الناس بايعوا علياً، ومعه وكبار الصحابة، وخاصة المهاجرين والأنصار.
7- أصبحت كلمة (قميص عثمان) مثلاً يضرب عبر التاريخ لمن يرفع شعاراً لا يؤمن به، ودلالة كلمة ( قميص عثمان) على الخديعة أصبحت ثقافة عامة عند الخاصة والعامة.
8- سكوته عن قتلة عثمان بعد وصوله إلى الحكم، حتى أنه جابه عائشة بنت عثمان بما يفيد بأن عليها أن تسكت عن طلب قاتل عثمان، وأنه لن ينفذ ذلك.
9- كان أبو الأعور السلمي (حليف معاوية وأبي سفيان من يوم الأحزاب).. كان أبو الأعور هذا هو حامل الكتاب الذي بعثه مروان إلى والي مصر بلا إذن عثمان ليعاقب رؤوس الثوار (وكان لهذا الكتاب الدور الحاسم في قتل عثمان)، والغريب أن أبا الأعور هذا من أجناد الشام، فمن الذي أرسله إلى حاشية عثمان ويأخذ ذلك الكتاب الذي كتبه مروان ؟..
هل سيفعل بلا إذن معاوية.. بل أمره؟!
10- كما أن عمرو بن العاص وهو من أكبر المحرضين على عثمان وبعنف ، وكان مستشار معاوية أيضاً. هل كان معاوية يجهل هذا؟!
أم أنه بأمره أيضاً؟!
11- إقامته لشهود الزور على أن علياً قتل عثمان (كما في ترجمة شرحبيل بن السمط في الاستيعاب لابن عبد البر) فهذا الزور دليل على أنه يريد الملك وليس دم عثمان. وقد اعترف ابن تيمية (المنافح الأول عن معاوية) بهذا في منهاج السنة، فهذا ليس فعل طالب دم، بل فعل طالب فتنة وملك وشر.
وهذه القضايا بينها ترابط - أعني هوى معاوية قتل عثمان والتربص به والتحريض السلبي عليه - بزيادة الأخطاء والمخالفات حتى يثور الناس، وإشعاره الثوار بأنه قادم للنجدة ليستعجلوا في قتل عثمان.
واتهام عثمان نفسه لمعاوية (عندما أتاه ليلاً وطلب منه الرحلة إلى الشام) وهذا مكر، لأنه يستطيع التخلص من عثمان في الشام بسهولة، من سم ابن أثال ونحوه، ثم يقول: نحن ورثة عثمان وقد أوصى إلي.. الخ، ففهم عثمان هذا المكر واتهم معاوية..
رجاء لا يقول لي أحد هذه روايات الروافض أو أنك تتكلم بلا دليل..
أنتم تعرفون أنني لا أنقل إلا من مصادر تاريخية سنية أصيلة..
وأعي ما أقول، وسيأتي هذا إلى كثير من الدلالات والقرائن التي تبين أن لمعاوية أكبر الأثر وأكبر المصلحة في مقتل عثمان، إضافة إلى أمر آخر لا ينتبه له الناس، وهو أن أحد قتلة عثمان وهو رومان الأصبحي (هو شامي أيضاً)، أي من عسك معاوية، وقد بقي مكرماً في عهده!.. وكان كاتب معاوية يعلم أنه (رومان) قاتل عثمان!!
فهذا لا يضاف للمحرضين على قتل عثمان - الذين هم من خواص معاوية لعمرو بن العاص وأبي الأعور الخ - فقط، بل كأن هذا الشامي مأموراً بقتل عثمان مباشرة!.. والسند في ذلك صحيح، فرومان الشامي ممن صح السند بأنه من قتلة عثمان!
ولكن داهية مثل معاوية لن تظهر معظم صنائعه، والداهية لا ينتبه له الحمقى..