احذروا الشيطان - ترك عمل الصالحات يعني عدم الايمان باليوم الاخر!
كل المجرمين (المؤمنين) عبر تاريخنا يرون أن الله لن يحاسبهم على جرائمهم؛ وكيف يرون ذلك وهم يتدينون بتلك الجرائم ويتأولون لها ويجعلونها ديناً؟ربما اليوم الصورة واضحة، ينقصها القياس فقط.
أن الإيمان بالله لا يعني مجرد الاعتراف، أن الإيمان باليوم الآخر لا يعني مجرد الاعتراف، إنما الإيمان استشعار صادق ينعكس على السلوك.
كيف يؤمن باليوم الآخر من يظلم ويكذب ويخون؟؟
فعله يدل على أنه يظن أنه لن يحاسب على هذه الذنوب؛ أو أنه يستهتر بالمحاسبة عليها؛ وهذا ضد الإيمان.
من وجدتموه بلسان هادر يقول (نحن بحمد الله نعتقد كذا وكذا) - ويسرد ما حفظه من تقليد - فاعلموا أنه متكبر جاهل، من المزكين أنفسهم، ولا يعي ما يقول.
المخادعون لله بالكلمات العابرة لن يعلموا حقيقة ما يتلفظون به إلا يوم تبلى السرائر! عندها يبدو لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون! فلينتظروا.
المخادعون لله والذين آمنوا كأنهم يظنون أن الله ملزم بما اتفقوا عليه، كأنهم يرون أن لهم قوة ووجاهة عظيمة؛ وأن الله لن يفشِّل هذه الوجوه كلها؟!
القوة غرور - إلا عند من عرف الله - أهل القوة في القرآن يحملون الناس على حبهم ثم عبادتهم.
تأملوا اقتران القوة بالعبادة هنا:
(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)) [ألبقره]
هاتان الآيتان توضحان معادلة تقول: ترك عمل الصالحات= عدم الإيمان باليوم الآخر:
(إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10)) [ألإسراء]
فالآية الأولى تعرف المؤمنين بأنهم الذين يعملون الصالحات؛
والآية التي بعدها تذكر الضد، وهم الذين لا يؤمنون بالآخرة؛ يعني لا يعملون الصالحات، وهذا يعني بأن من يعملون ضد الصالحات فهم من باب أولى لا يؤمنون باليوم الآخر، أي إيماناً استشعارياً حقيقياً، وليس مجرد الاعتراف والتفاخر النظري.
نحن ورثنا معاني تفاخرية للألفاظ القرآنية؛ ولم نبحث عن المعاني التي يريدها الله؛ ولذلك نصب فضائل الإيمان بالله واليوم الآخر في نفوسنا بسهولة!
لن يكتشف المجرمون والظالمون والمتكبرون والكذابون.. الخ؛ لن يكتشفوا معاني الإيمان بالله واليوم الآخر إلا بعد فوات الأوان، الشيطان طمأنهم كثيراً.
الشيطان اقنع أكثر المسلمين بأن الاعتراف التظري كافٍ؛ فهم يمنون على الله بأنهم قد آمنوا وصدقوا.. وخلاص! وأن هذا هو المهم، وأن هذا هو المطلوب!
الآن قد تجد مجرماً قاتلاً كاذباً - كداعش نموذجاً - مطمئن تماماً بأنه أفضل من أي محسن ومسالم في العالم؛ لأنه يؤمن بالله واليوم الآخر!
وبس!
لذلك نذكّر أنفسنا وغيرنا؛ بأن الإيمان بالله واليوم الآخر ليس كلاماً؛ ليس اعترافاً نظرياً، إنه استشعار صادق يصدك عن مخادعة الله والذين آمنوا.
كل المجرمين (المؤمنين) عبر تاريخنا يرون أن الله لن يحاسبهم على جرائمهم؛ وكيف يرون ذلك وهم يتدينون بتلك الجرائم ويتأولون لها ويجعلونها ديناً؟
ربما اليوم الصورة واضحة، ينقصها القياس فقط.
اعني.. نحن اليوم نرى من يقطع رؤرس الأبرياء ويقول (الله أكبر)، ويرى هذا صريح الإيمان!
وعلى هذا فقيسوا.
هؤلاء المجرمون يكونون أكثر يقيناً بنعيم الآخرة من غيرهم؛ فهم مطمئنون! وهذا من كمال كيد الشيطان واستحواذه؛ هو يحكم قبضته على المجرم بالتطمين.
هذا المجرم - المطمئن لفضل جريمته - سيبقى مطمئناً حتى يلاقي الله وهو مطمئن، ويحلف على هداه الكامل!
انظر الآيتين:
(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ۖ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ ۚ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (18)( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19)) [ألمجادله]
فالمجرم يعطيه الشيطان يقيناً أقوى من إيمان المؤمنين الذين هم (من عذاب ربهم مشفقون؛ إن عذاب ربهم غير مأمون)، بينما هؤلاء يحلفون مطمئنين!
أيضاً القرآن يصف هؤلاء بأنهم يتخذون دينهم لهواً ولعباً، يعني يحرمون الكذب ويستبيحونه.. الظلم ويستبيحونه.. قتل النفس بغير حق ويستبيحونها..
لهو ولعب!
الشيطان كيده ضعيف، ولكن أمام من ؟؟
أمام أولياء الله الصادقين. لكنه سلطان كبير على الذين لا يؤمنون، يستحوذ عليهم حتى يلقون الله نفسه وهم يحلفون!
الشياطين جعلهم الله نفسه أولياء للذين لا يؤمنون، سواء كانوا لا يؤمنون كلياً أو نسبياً، فهم سلاطين عليهم، يقودونهم بسهولة:
(يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)) [ألأعراف].