التعامل مع المذاهب كيف؟!
وأن الحقيقة التي يتجاهلها المتعصبون مذهبياً أنهم لو نشؤوا في بلدان أخرى فيها مذاهب يذمونها لكانوا من متعصبي أتباعها؛ فليوسعوا عقولهم.
ربما يحسن بي أن أنقل من وقت لآخر خلاصة موضوع من الموضوعات التي تم تناولها في لقاءاتنا وجلساتنا؛ كالمذاهب مثلاً.
ورغم أنني أحرص أن تكون الجلسات مفتوحة ومتنوعة وتلقائية؛ إلا أنه لا تخلو جلسة من طرح موضوع جاد؛وجلسة اليوم، مثلاً، كان هناك سؤالاً عن المذاهب، كان السؤال من أستاذي راشد أبو صيدة؛ فتناولنا نشأة المذاهب وأسبابها وأعلامها وأفكارها؛ والفرق بين التعامل الإيجابي والسلبي معها أو بها، واستعرضنا المذاهب السياسية منها والعقائدية والفقهية؛ وكيف يجب أن نلتقي على مشتركات فوق المذاهب مثل غايات القرآن وخطوط الإسلام العامة، وأن تفعيل قواطع الدين وغاياته التي في القرآن هو الأصل؛ أما المذاهب فتستفيد منها بما لا يخالف تلك القواطع؛ وكيفية استخراج القطعيات الكبرى، وأن المطلوب ليس إلغاء المذاهب - فهذا شبه مستحيل - وإنما يكفي أن يتذكر أصحاب المذاهب أوامر الله ونواهيه الكبرى من القرآن الكريم وبنية صادقة.
واستعرضنا ترتيب المذاهب زمنياً، فأول المذاهب الحالية نشوءاً هم الاباضية ثم الزيدية ثم الجعفرية والاحناف ثم المالكية ثم الشافعية ثم الحنابلة.
وأن هناك مذاهب مندثرة أو شبه مندثرة؛ كالأوزاعي والثوري ثم الظاهري ثم الجريري (الطبري)؛ وكذلك المعتزلة والخوارج (بالمنظومة القديمة كلها).
واستعرضنا الأسباب السياسية والفكرية والاجتماعية والبلدانية المؤثرة في نشأة المذاهب من حيث الإجمال - دون تفصيل في أي مذهب - والأخطاء المشتركة، وأن الحقيقة التي يتجاهلها المتعصبون مذهبياً أنهم لو نشؤوا في بلدان أخرى فيها مذاهب يذمونها لكانوا من متعصبي أتباعها؛ فليوسعوا عقولهم.
وأن من أهم أخطاء أتباع المذاهب هو:
١-إهمالهم توظيف المشتركات.
٢-عدم مراعاة نهي الله عن تزكية النفس.
٣- ونهيه عن بخس الناس أشياءهم.
فلنتجنبها!
ثم ذكرنا نماذج من المشتركات عند الكلام عن المذاهب؛ مثل كون الجميع يؤمن بالله واليوم الآخر والنبوات ويقر بوجوب الواجبات وبحرمة المحرمات، وأن المشتركات بين المذاهب اليوم هي أكثر بكثير من المشتركات بين الصالحين والمنافقين في عهد النبوة؛ ومع ذلك وظف النبي المشركات بينهم.
لا أطيل عليكم، كان الحوار مريحاً للجميع ؛ والقلوب إذا كانت صافية فهي ترى الحق بسهولة ووضوح واغتباط؛ فركزوا على النيات، فهي البداية والأصل
والذي أؤمن به؛ أن البرهان هو معيار الفكرة الصحيحة, وليس, التنشئة ولا الكثرة ولا القوة ولا الدعاية.. الخ، وأن المذاهب قراءات تصيب وتخطيء، كما أن الذي أؤمن به أن إعلاء القرآن وموضوعاته وثقافته ومحاسبته للفرد كفرد وبصدق؛ كفيل بالتخفيف من آثار التعصب المذهبي؛ ويعيد الله للقلوب.
ولا أحب ذلك السؤال المكرر: أي المذاهب أصح؟
فالإسلام في قطعياته أصح من كل المذاهب، وليس هناك مذهب سليم من الأخطاء، والحكم هنا سيبقى ذاتياً.
المقارنة العلمية الصادقة تستوجب بحثاً مقارناً لمسائل المذهب كلها؛ وهي تجعلك تحكم على كل مسألة بمفردها؛ والمذهب فيه آلاف المسائل، هذا العلم.
انتبهوا للمتفق عليه..
فعّولوه بينكم..
وستجدونه أهم من المختلف فيه..
لا يشغلكم الشيطان بمنهجه في العداوة والبغضاء..
اجعلوه عدو الجميع ولا تتعادوا.