القابض على دينه اليوم كالقابض على الجمر!
القابض على دينه اليوم كالقابض على الجمر!
إذا لم تعش مع البسطاء اسئلتهم وكرباتهم وأحزانهم في كل مكان؛ فلن تكون من القابضين على دينهم كالقابض على الجمر! سيكون دينك قد ذهب وانت لا تدري.
الناس يجتهدون في تثبيت أن الدين هو سبب عداواتهم وبغضائهم واختلافهم؛ والله يبين أن السبب هم وليس الكتاب الذي أتى ليفصل بينهم فيما اختلفوا فيه.
الله يذكر أن السبب في الفساد في الأرض هم الناس بما كسبت أيديهم؛ والناس يقولون - بلسان حالهم وفسادهم - الدين هو سبب الفساد في الأرض؛ من أصدق؟
الذين يكفرون بالدين يصدقون الناس بأن الدين هو سبب الفساد كله؛ والذين يصدقون الله يبقون قابضين على دينهم كالقابض على الجمر! أي يكادون يفلتونه.
لا أدري كيف سيكون شعور عجوز؛ يموت أبناؤها أمامها وهي تسمع من قتلوا أبناءها يذكرون الله كثيرا ويقنعونها بأن ما يفعلونه من دين الله! ألا تكفر؟
هذه العجوز ليس لها علمهم ولا فصاحتهم ولا وسامتهم ولا ذكاؤهم؛ ولا صلاتهم الخ؛ بالله عليكم؛ ألا تقتنع بأن ما جرى لها ولأبنائها هو فعلاً دين الله؟
هذه العجوز؛ هي بالآلاف في بلاد المسلمين؛ والضحايا من البسطاء لا يستطيعون إقناع من هم أعلم منهم بالدين! أن هذا ليس من الدين! فماذا يفعلون؟ ليس أمام الضحايا إلا أن يكفروا بالدين عندما يتم اقناعهم بأن المتدينين هم سبب ما بهم ؛ أو يقبضون على دينهم كالقابض على الجمر؛ او تنفجر عقولهم!
لا أحد يكتب عن البسطاء من الضحايا في الحروب؛ من أي طرف كان؛ الذين سؤالهم الوحيد : لماذا؟ لا أحد يحاول أن يعيش - ولو بالخيال - كرباتهم وتساؤلاتهم.
إذا لم تعش مع البسطاء اسئلتهم وكرباتهم وأحزانهم في كل مكان؛ فلن تكون من القابضين على دينهم كالقابض على الجمر! سيكون دينك قد ذهب وانت لا تدري.
ما كنت أفهم حذيفة عندما قال : ((لو حدثتكم بما أعلم لكذبني ثلاثة أثلاثكم))!
تغير الصالحين لا يكاد يصدّقه إلا من شاهده عن قرب!
الإنسان هو الإنسان؛ طبيعة النفس البشرية معقدة جداٌ؛ قد تنقلب في أي لحظة؛ يعقدها الكبر وتفرعات ال (الأنا) ؛ ويسهلها التواضع وطبائع الفطرة.
من أراد أن يعرف طبيعة الانسان فليقرأ قصة أصحاب موسى عليه السلام؛ من الإيمان بموسى ومعارضة فرعون وعبور البحر؛ إلى عبادة العجل وطلب الرؤية جهرة.
بنو إسرائيل لم يتوسع في أخبارهم القرآن الكريم إلا لنأخذ العبرة؛ انظروا مسيرهم؛ من اختيار الله لهم عن علم على العالمين إلى عبادة العجل!
عجيب!
أي نفسٍ هذه؟ التي تنحدر من اختيار الله وتفضيله لها على العالمين إلى عبادة عجلٍ جسدٍ له خوار؟؟
افهموا النفس البشرية لتتحكموا فيها وتضبطوها.
عندما تستغرب تقلبات الصالحين في التاريخ؛ تذكر أصحاب موسى؛ والذي آتاه الله آياته فانسلخ منها؛ افهم النفس البشرية؛ هي واحدة؛ قد تنقلب في أي وقت.