الخوف مرض نفاقي!
الخوف مرض نفاقي!
المنافق لا يثق بالله، ولا بعدله، يثق بنفسه ورموزه وثقافته، ولأنه لا يثيق في الله، فهو يخاف أن يعفو الله عن من يبغضهم ويكرههم، فلذلك؛ يستعجلون ويقنعون أنفسهم بأن لهم الحكم والأمر، ويريدون أن يقطعوا الطريق على الله، فيحكمون على غيرهم بالقتل في الدنيا والعقوبة في الآخرة!
الخوافون هم أشبه الناس بالمنافقين اليوم؟!- نخاف... نخاف ... نخاف... لعلها أكثر كلمة تتردد في التيارات المتصلة بالمنافقين، وصدق الإمام علي عندما قال: (فإن جار الله آمن وعدوه خائف)؛ عدو الله دائماً خائف!
ألا تتذكرون كفار قريش - ولهم القوة والمنعة - كيف خافوا من بذرة الإسلام الأولى؛ وأخذوا في التعذيب والتهجير والحصار ....الخ؟ والنفاق كذلك، فهو متحدر من أصلين (الكفر والشرك)؛ ولذلك؛ فالمنافقون خائفون دائماً، وستأتي آيات صادمة، تبين كيف أنهم خائفون، وكان المنافقون أيام النبي خائفون من أتفه ألأمور، ويفسرون أي حركة بأنها ضدهم (يحسبون كل صيحة عليهم)، والنفاق فرع من الكفر والشرك؛ (فالمنافق كافر من جهة، مشرك من أخرى ، مسلم من جهة ثالثة).
التخويف بالبشر وترك التخويف بالله: وهؤلاء جميعاً لهم نفوس بشرية متشابهة، يتلبسها الخوف من الحق؛ سواء كان قوياً أم ضعيفاً، هو مرض، ويخوفونك دائماً بمن هم دون الله، لا يخافون الخوف الشرعي (الخوف من الله أو من اليوم الآخر)؛ كلا، يخافون مما دون ذلك؛ ويخوفون أولياءهم مما دون ذلك، وهو ديدنهم ومشاركاتهم وهواجسهم، وهذا ضلال مبين، لأنك تضل عن موقع الخوف الإيجابي وتذهب للخوف الشركي: {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر: 36]
الشيطان سبب الخوف: وهذا الخوف سببه الشيطان، لا يريد للبشر هدوءاً نفسياً ولا سلاماً داخلياً، إنما إذا أطعته عيشك في خوف دائم:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [آل عمران : 175]
خوف منكوس. والخوف الذي يبثه الشيطان منكوس، أي يخوفك من البشر لتأمن! وينسيك الخوف من الله، لتأمن أيضاً!!{وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81)} [الأنعام: 81]
المنافق لا يثق بالله ولا رسوله: المنافق لا يثق بالله، ولا بعدله، يثق بنفسه ورموزه وثقافته، ولأنه لا يثيق في الله، فهو يخاف أن يعفو الله عن من يبغضهم ويكرههم، فلذلك؛ يستعجلون ويقنعون أنفسهم بأن لهم الحكم والأمر، ويريدون أن يقطعوا الطريق على الله، فيحكمون على غيرهم بالقتل في الدنيا والعقوبة في الآخرة، يعني؛ لا يريدون أن يتركوا لله مجالاً ليفصل بين الناس فيما كنوا فيه يختلفون، ولذلك؛ تجدهم يحرصون على الأفتاء بقتل المخالف، وأنه في الآخرة من الفرق الهالكة.. بهذا يظنون أنهم قد ضمنوا لخصومهم النار، وأنهم قد سبقوا الله في الحكم في الدنيا والآخرة، ويرون أنهم (الموقعون عن رب العالمين)، هم يخافون أن يظلمهم الله:{أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50)} [النور: 50]
المنافقون خوافون: والمنافقون لهم هدير الجمال في الرخاء؛ لكنهم يخافون عند المواجهة: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} [النساء: 77]
لا يأخذون أقوال الله على محمل الجد: هم لا يأخذون أقوال الله على محمل الجد، مثل : {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} [المائدة: 44] وهم دائمو الخشية من الكفار: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) } [التوبة: 13]
لا يطمئنون للمؤمنين أيضاً!!: وهم لا يطمئنون للإيمان ولو كان يحميهم، فتجدهم يبحثون عن حيلف من اليهود والنصارى في قوة المسلمين وفي وجود النبي أيضاً، لأنهم ماذا؟ لأنهم يخشون أن تصيبهم دائرة!! {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ } [المائدة: 52]
المنافقون في آخر النبوة يبحثون عن الأحلاف!
وهكذا الآيات كثيرة جداً في وصف النفسية النفاقية، بأنه نفس خوافة، تعيش الخوف دائماً، ومن أعجب العجب بذرة النفاق الأولى - أيام النبوة- كيف كانت لا تطمئن للمسلمين وتذهب لعقد الأحلاف مع اليهود والنصارى لخشيتهم (خوفهم) من المستقبل، اقرأ إن شئت!
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)} [المائدة: 51، 52]
شيء عجيب! الآية في سورة المائدة؛ والمسلمون مسيطرون على الجزيرة؛ وهؤلاء المنافقون لا يأنسون بالدين؛ وإنما يريدون اليهود والنصارى!
يخافون ممن إذاً؟ يخافون من شوكة المسلمين؛ نعم؛ يخافون من إخوانهم، ويطمئنون إلى أعدائهم؛ لا تسأل لماذا؛ هكذا.. مرض، عقوبة من الله لهم أن يعيشوا في خوف دائم؛ سواء قوي المسلمون أو ضعفوا، فهم مصاحبون للخوف من البشر أكثر من مصاحبتهم للخوف من الله.
(ومن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور).