حسن المالكي ضحية التشفي والانتقام
بقلم: عبدالعزيز علي السويددمث الاخلاق، حسن السيرة، محاور بالحجة والدليل، يتمثل قول الشافعي رحمه الله: قولي صحيح يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب، إنه حسن بن فرحان المالكي، الذي وقع فريسة لظلم التشفي من الخصوم في حوارات وكتابات، تحتمل كلها الخطأ والصواب،
فليس خصوم حسن المالكي أنبياء لا يرد كلامهم ومذهبهم ومنهجهم العلمي، وليس كذلك حسن، والاختلاف باق بين الناس إلى قيام الساعة، لكن حين تستبين سبيل المتَشفّين، الذين جعلوا من الانتقام ردوداً للحوار مع حسن المالكي، وحاربوه في رزق عياله، واستطالوا حتى تكالبوا عليه، بدأت القضية، بعد أن رأت إدارة التربية والتعليم بالرياض - (بقرار شفهي) من صاحب الصلاحية - أن يتفرغ حسن فرحان المالكي، الباحث الجاد، للقيام ببحوث يتطلبها عمله في وزارة التربية والتعليم، رأى خصماؤه أن الفرصة مواتية، فألحوا وطالبوا بفصله، وتم لهم ذلك، ثم لم تنتهِ قضيته في دهاليز المحكمة الادارية، فمرة يكون الحكم لصالحه، ثم يعاد الحكم ضده. إن التشفي والانتقام حيلة المرجفين والضعفاء في الحجة والدليل، والانتقام من خصوم الفكر دليل الخواء والهامشية، وصفة النفوس الدنيئة، فبأي حق تتسلط على من تحاوره بالفكر وبالعلم وتستعدي عليه جهة عمله، وتستقطب الآخرين ممن عجزوا عن رد الحجة بالحجة والدليل بالدليل، وخافوا على بضاعتهم المزجاة، فلدّوا في الخصومة، وأسرفوا بالتشفي، حتى نالوا من الشيخ حسن المالكي بقطع مصدر رزقه الوحيد راتبه الشهري، ولم يراعوا الحق في عائلته، وخلت قلوبهم حتى من الرحمة. إن تاريخ الخصومات الفكرية ملئ بمثل هؤلاء، الذين ينتصرون لأنفسهم وليس للحق، فما فعله خصوم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، حتى تم سجنه عدة مرات، لأسباب كلها واهيات، فهي نتيجة حسد، ووشاية، وسعايات، ولكن الله يدافع عن الذين آمنوا، فذاع صيت ابن تيمية رحمه الله، وعلا شأنه، وانتشر في الآفاق منهجه العلمي وكتبه وتراثه، وما قام به خصوم أمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله، من سجنه وجلده في قضية خلق القرآن، فأبى الله إلا أن ينصر أولياءه والصالحين من عباده، فظهر الحق وانتصر احمد على خصومه، لكن خصوم هذين الامامين لم يسعوا إلى قطع رزق العيال، اما خصوم الشيخ حسن المالكي فلم يكفهم التضييق عليه، بل تعدى انتقامهم إلى عائلته، فحرموها من مصدر رزق عائلها الوحيد، انها النفوس المليئة بالحقد والتعسف واللجاج في الخصومة. فلو فتشنا حقيقة، لربما نجد بعضاً من الموظفين في كثير من الإدارات، متغيبين منذ شهور وسنوات عن عملهم، ولم يطوَ قيدهم ولم يتم فصلهم، وربما بعلم من رؤسائهم ومدرائهم، بل ربما وزارة التربية والتعليم لديها من موظفيها والعاملين بها، من ينقطع عن عمله، تحت سمع وبصر إدارة الموظفين، ولم يتم بحقهم تطبيق النظام، لكن الضغوط والمفاكسات والحصار اليومي من اولئك الخصوم، جعل الوزارة توقع عقوبة الفصل بسبب الغياب، فويل للمطففين. إن تعقّب محاورك وخصمك في الفكر، ومن تختلف معه في الرأي، حتى تستعدي عليه جهة عمله، بإيقاف راتبه وموئل رزق اولاده، خساسة ليس دونها خساسة، وعطب في الإيمان والتقوى،، فإن لم تستطع مجاراته في البرهان العلمي، ولاسبيل للاقتناع، بسبب تصلب ذهنيتك وارثك المتكلس، فليس اقل من أن تدعه وشأنه، لا أن تُجلب عليه بخيلك ورجلك وزمرتك، وتلعب دور الشيطان في الإغواء بظلم الناس، وتقتفي اثر وطريقة خصوم ائمة الفكر في الدين، فتلجأ للبغي في الخصومة والترصد والحشد من أجل أن تنتصر لنفسك، أو أذية من يتخلف معك في الحوار والقضايا العلمية، فتسعى لمنع كتبه ومؤلفاته، كما فعل خصوم القاضي الفقيه والفيلسوف ابن رشد رحمه الله، هذا العالم والمفكر الذي حظي بشهرة عالمية، فنُفي وعُزل عن الحياة السياسية بعد أن كان وزيراً وقاضياً، وأحرقت معظم كتبه، ولقي من المتاعب والمصاعب في حياته بحجم قيمته وأهميته وفكره، فقد كثر حسّاده والساعون إلى عزله، لأنهم كانوا يعرفون انه أفضل منهم، وهكذا ينتقم المنتفشون بالخواء، في كل زمان ومكان، فلم يبقَ إلا الملك العادل الصالح، خادم الحرمين الشريفين، لإنصاف العالم الشيخ حسن بن فرحان المالكي، من هؤلاء الغوغاء.