المؤامرة الروائية على ثورة الحسين ... - الجزء 3
تغريدات الشيخ- تضعيف أبي مخنف الغامدي نموذجاً - هنا ندخل في نموذج مباشر من تكذيبهم الظالم لأبي مخنف أبو مِخْنَف لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم الغامدي ثم الأزدي من علماء القرن الثاني الهجري (157هـ) وجده مخنف صحابي كبير، سيد الأزد.
أبو مخنف هذا مؤرخ كبير صاحب مدرسة وهو ثقة وسني المذهب، ولكن لأنه أكثر من سرد تفاصيل ثورة الحسين فقد صفوه بأنه (كذاب رافضي صاحب أخبارهم)! وكان من علماء الوقت - أوائل الدولة العباسية- فهو من أقران أبي حنيفة وشعبة والثوري ومعمر والحمادين وطبقتهم، وكان مختصاً بالتاريخ والأخبار. وقد ذكره اليعقوبي في تاريخه (ص 274) في علماء الوقت - أيام أبي جعفر المنصور- ، وذكر معه شعبة والثوري وشريك وجرير بن حازم وأمثالهم. وذكره ابن الفقيه الهمداني في كتابه البلدان ( ص 236) من مفاخر أهل الكوفة على أهل البصرة فقالوا ( منا الثقة المؤتمن هشام بن الكلبي وأبو مخنف وكانت رئاسة الأزد كلها في الكوفة إلى هذا البيت الشريف من غامد - بيت أبي مخنف- شارك جده في الفتوح ومع الإمام علي واستشهد بعين الوردة 65 هـ ولكن غلبة الدولة الأموية على الفكر جعل الناس يعرفون البغاة من هذا البيت كسفيان بن عوف صاحب معاوية وينسون الفضلاء مثل مخنف بن سليم وأخوته.
ومن دلائل ثقته وجلالته اهتمام الكبار بالرواية عنه والإكثار، كالمدائني (ثقة المؤرخين) وابن سعد صاحب الطبقات والبلاذري والطبري والخرائطي وعمر بن شبة والحاكم وأبي نعيم الأصبهاني وابن عبد البر وغيرهم من الكبار الذين تجنب أكثرهم الرواية عن سيف بن عمر ذلك الكذاب المشهور. ومجموع شيوخه الذين أحصيتهم يزيدون على الـ ( 200) شيخ، وليس مثل سيف بن عمر ليس معه إلا أبو حارثة وأبو عثمان والخرثع أخو القرثع! سيف يلعب! ولكن غلاة السلفية ظهر فيهم من يدعي العلم بالحديث والجرح والتعديل ووثقوا سيف بن عمر ( الكذاب المتهم بالزندقة) وكذبوا هذا الكبير أبا مخنف.
وهدفهم من هذا قطع كل أوصال أخبار أهل البيت وسيرهم، وسيأتي أن سبب تضعيفهم لأبي حنف مذهبي (هوى أموي) وليس علمياً ولا معرفياً. كما أن أبا مخنف روى عنه كبار كمن سبق بالإضافة إلى كبار من أهل الحديث كهشام بن حسان وحماد بن زيد ويحيى بن آدم ومحمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة وغيرهم .. بينما سيف بن عمر لم يرو عنه إلا مجهولين كشعيب بن إبراهيم لكن الغلاة عسكوا القضية فوثقوا الزنديق وكذبوا الثقة الشريف عيبه عندهم فقط أنه أكثر من رواية تفاصيل ثورة الحسين فساءهم ذلك ، لأنهم مع كتمان هذه الأخبار حتى لا تصحو الضمائر وتبقى خلف طغاتهم وعقائدهم ومع ذلك فقد يضطر أهل الحديث اضطراراً لترجيح رواية أبي مخنف على رواية البخاري في صحيحه كما فعل ابن حجر في فتح الباري على سبيل المثال، ففي تحديد تاريخ وفاة النبي وأنه في 2 ربيع الأول كما قال أبو مخنف وليس 12 ربيع الأول، كما روى البخاري، اضطر ابن حجر في فتح الباري أن يرجح رواية أبي مخنف على رواية البخاري في صحيحه، بعد الرجوع إلى الفلك فقال (والغرض أن ذا الحجة أوله الخميس فلو فرض هو والمحرم كاملين
لكان أول صفر الإثنين فكيف يتأخر إلى يوم الأربعاء فالمعتمد ما قال أبو مخنف) اهـ وقد اكتشف العلماء صدق أبي مخنف بعد قرون بعد العودة للفلك .(8 / 130)
وترك رواية البخاري في صحيحه فرجل مثل هذا كان يكتب للتاريخ، للحقيقة، وإلا لو كان كذاباً لأحب موافقة العامة في هذا التاريخ الذي اشتهر عندهم نعم إن وُجد في روايات أبي مخنف أشياء ضعيفة أو منكرة - وهي قليلة- فهي عند غيره أكثر ، ثم ليس الضعف من قبله وإنما من قبل بعض من يروي عنهم
فهذا التفريق يعقلونه إذا روى أحمد مثلاً في المسند أحاديث ضعيفة، يقولون هو ثقة وإنما الضعف أتى من بعض الرواة الذين روى لهم.. فكذلك الأمر.
والخلاصة أن أبا مخنف لوط بن يحيى الأزدي الغامدي ثقة جليل، وليس شيعياً فضلاً عن أن يكون رافضياً كما يقولون، ولم يصنفه الشيعة في رجالهم.
الشيعة صنفوا بعض شيوخ البخاري في رجالهم كعباد بن يعقوب الرواجني ولكنهم لم يصنفوا أبا مخنف في رجالهم، ولو كان شيعياً لما ضره، لأننا اتفقناأن الصدق والكذب في جميع المذاهب.. ليس كل أهل السنة بالمعنى المذهبي صادقين ولا كل الشيعة بالمعنى المذهبي صادقين.. هذه هي القاعدة الأولى.
وسنأتي لشبهات تضعيف أبي مخنف، وهل هو تضعيف علمي أم تضعيف مذهبي، ثم سننظر كيف تطور الأمر من مجرد التضعيف إلى التكذيب كما عند ابن تيمية.
وكيف أن هذا التكذيب علته المذهب والتعصب لبني أمية وليس لضعف في أبي مخنف، وأنهم لن يستغنوا عنه أبداً،حتى الوهابية رووا له بعض رواياته.
في مناسبة لاحقة سأستعرض أقوال من تكلم من أهل الحديث في أبي مخنف - وهم قلة- ثم اناقش تلك الأقوال وأختبرها وفقاً لروايات أبي مخنف .
اقرا ايضا
المؤامرة الروائية ... على ثورة الحسين!الجزء1
http://almaliky.org/news.php?action=view&id=401
المؤامرة الروائية على ثورة الحسين.. الجزء2
http://almaliky.org/news.php?action=view&id=402
المؤامرة الروائية على ثورة الحسين .. الجزء 4
http://almaliky.org/news.php?action=view&id=410