لا تحزنوا ... اهدؤوا
لا تحزنوا .... اتركوا للابتلاء فرصة
هذه المادة قد تريح الجميع ، سنة وشيعة وغيرهم , أقول لهم تذكروا أن الله لو يشاء لهدى الناس جميعاً , وبما أن الله لو يشاء لهدى الناس جميعاً، فاتركوا فرصة للابتلاء والتمحيص للمؤمنين والإملاء للظالمين والمتكبرين ( هذه غايات ذكرها الله). بمعنى لا تجوز لك _ أيها الشيعي أو السني - أن تكره سنن الله، فمن سننه وغاياته في خلقه هو الابتلاء بفروعه ( من فتنة وتمحيص) فلماذا تغضب؟
فإذا رأيتم مكابراً، أوستعلاء مذهب أو رأي تكرهونه وأنتم ترون أنهم على باطل، فلا تحزنوا، فإنما يملي الله لهم ليزدادوا إثماً ويمحص المؤمنين. بمعنى أن الدنيا دار إبلاغ حجة وابتلاء للناس ولست دار حساب والآخرة دار حساب وليست دار حجة وابتلاء , فلماذا تريدون تعجيل الحساب في الدنيا؟
أقول ها لأنني أرى بعض السنة غاضبين من مكابرة الشيعة , وبعض الشيعة غاضبين من مكابرة السنة والكل يستعجل عذاب الآخرة ويريد تقديمه في الدنيا ,يا أخواننا - من سنة وشيعة- لماذا الغضب والعجلة؟ هل تريدون الاستيلاء على أعمال الله في الآخرة من حساب وعقاب وتقديمها للدنيا؟
هذه الدنيا ومضة، دعوا المتكبر والظالم والمعاند والمغطي عقله وبصره وسعه عن الحجج، دعوه يستمتع بهذه الومضة، أم أنكم لستم واثقين من عدل الله؟ , بعض الناس كأنهم غير واثقين من حساب الله ويخافون أن يعفو عن فلان الظالم وفلان المكابر وفلان القاتل ..الخ ...هذا إن حصل فهو شعور كفري خطير.
هل تتذكرون أن الله أمر بالإعراض عن كثير من مستحقي النار من منافقين ومعاندين ومتكبرين؟ لماذا لا تنفذون أمر الله ! الله يريد أن تؤجلهم له.
أرى أن المستعجلين بعقوبة الآخر في الدنيا، كأنه يريد التأكد من هذه الدنيا أن خصمه سيكون من أهل النار، فهو يريد أخذ ختم من الدنيا وسبق الله , تأملوا معي أربع آيات فقط، وأرجوكم اقرؤوها بهدوء حتى ترتاح نفوسكم جميعاً، لتكتشفوا سعادة المؤمن ما سرها؟ وضنك المعرض، يقول تعالى:
(الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) ) [العنكبوت]
إذن لا تسبق الله , اترك فرصة لله .. اترك له فرصة لبتلي الناس , ويختبرهم ويمحصهم , ويبلوا أخبارهم
ويعلم الصادقين والكاذبين، هذه كلها من غايات الله فلماذا تريد إبطالها؟ هذه الدنيا ومضة، وهي موضوعة لهذه الأهداف ( ليبلوكم) و( ليبلوا أخباركم) فلذلك أكثر الله من أمر نبيه بالإعراض عن الجاهلين والمعاندين.
هذا الغضب المذهبي - غضب المذاهب على بعضها- واستعجالهم العقوبة في الدنيا والنصر على الآخر في الدنيا
هي ( دنيوية متسربة للقلوب) فاحذروها. بمعنى هي من ( حب الدنيا) المنهي عنه، هي من العلو وحب السيطرة، من الاستعجال على الله في تنفيذ عقوبته في الكافر والمعاند ..الخ.
هؤلاء المستعجلون من الغلاة - من اي مذهب- يريدون أن يعرفوا - وهم في الدنيا- ( أن هذا الشخص سيلقى عذاباً)! فيبحثون عن قتله قبل الحساب .
يا أخي ألا تثق بأن ( الله بصير بالعباد)؟ , ألا تثق بأن الظالم والقاتل والمكابر والمعاند سيجد جزاءه , وأن الله حكم عدل , إذن فلماذا العجلة؟
اتركوا الناس في آرائهم , واعلموا أن الله قد أمر بالإعراض عن من هم في الدرك الأسفل من النار , بل ترك إبليس نفسه إلى يوم يبعثون , فلماذا العجلة؟
لماذا تريدون قلب الدنيا من ( دار ابتلاء وفتنة وتمحيص واختبار) , إلى دار ( حساب وثواب وعذاب وعقاب)
هل هذا الشعور الذي تشعرونه ديني أم دنيوي؟
اتركوا الناس يعتقدون ما شاءوا لم يفرض الله عقوبات في الدنيا إلا على الجنائيات فقط ( قصاص بعد محاكمة/ أو دفع اعتداء المعتدي من كافر ومسلم) ما سوى ( الجنائيات) من كبار الذنوب لا عقوبة فيها في الدنيا إنما أجلها الله إلى الآخرة مهما بلغ الإثم- ولا أكفر من إبليس- فاتركوا لله فرصة
اتركوا لله فرصة في الدنيا بالابتلاء وفي الآخرة بالحساب لماذا هذا الضنك والغضب والكبت لماذا تتمنى أن تأكل الآخر أكلاً؟ هل أباح الله ذلك؟
هؤلاء المستعجلون لا يعرفون غايات الله وكأنهم لا يثقون في الله كأنهم يرون أنفسهم أعلم من الله بمن بلغته الحجة، ومن يستحق العقوبة الخ ...
اهدؤوا... اهدؤوا...عودوا إلى كتاب الله واعرفوا سنن الله وغاياته لا تغركم السياسات والمذاهب فمن طبيعتها العقوبة المعجلة , أما الله فله سنته , عيشوا مؤمنين بالكتاب كله , فإذا طلب الله منكم العقوبة في أمر فعاقبوا , وإن طلب منهم الإعراض والصبر فاعرضوا واصبروا , دعوا ما لله لله , لا تنافسوه , واعلموا أن حماسكم هذا للبطش بالآخر فيما لم يأمر الله به إنما هو من الشيطان , يريد أن تبقوا مكبوتين، تتحرقون وتأثمون من حيث تريدون الثواب.